الجمعة, أكتوبر 31, 2025

كتاب”كيف يتعافى الطفل بداخلك؟” .. عندما تبحث عن نفسك!

بقلم : شحاته زكريا

Facebook
Twitter
LinkedIn

هل قرأت من قبل كتاب”كيف يتعافى الطفل بداخلك؟” .. أنصحك أن تقرأه لتعثر على نفسك المفقودة!.

في زحام الحياة، وسرعتها نكبر  من دون أن ندرك أن بعض أجزاء أرواحنا قد توقفت هنا.

عند مشهد ما في الطفولة عند كلمة قاسية، أو حضن غائب، أو دمعة لم يُسمح لها بالسقوط.

نظن أننا نضجنا، وتجاوزنا، وتعلَّمنا، لكن الحقيقة أن “الطفل في الداخل” يظل حيا مختبئا خلف المظاهر ، ينتظر من يراه لا بعين الرأفة بل بعين الفهم.

هذا هو العمق الذي ينطلق منه كتاب “كيف يتعافى الطفل بداخلك؟” للكاتبة ساهون شيناهان، والذي أقدم قراءة اليوم له في أذواق.

وجاء الكتاب في ترجمته العربية بمثابة تجربة وجدانية ونفسية،  تتجاوز فكرة القراءة العادية؛  لتلامس مناطق مهملة في داخلنا.

إقرأ أيضاً للكاتب : سحر الشاشات… كيف نحرر الأطفال من قبضة العالم الرقمي؟

كتاب كيف يتعافى الطفل بداخلك؟ يوقظ إسئلة كانت نائمة

لا يقدم الكتاب مجرد مفاهيم نفسية،  بل يوقظ إسئلة كانت نائمة،  ويضيء زوايا لم نجرؤ يوما على الاقتراب منها.

في هذا العمل اللافت لا تخاطبك الكاتبة بصفتك قارئاً يبحث عن المعلومة،  بل بصفتك إنسانا يحمل تاريخا خاصا من الخيبات، والصمت، والخذلان.

ربما لم تدرك أنها كانت جروحاً،  وربما أقنعت نفسك أنها تفاصيل لا تستحق الوقوف عندها.

لكنها هناك تحكم علاقاتك، وتُحرّك قراراتك، وتُلوّن رؤيتك لنفسك والعالم.

الضربة الأولى

الكتاب يوجّه ضربته الأولى حين يضعك أمام هذه الحقيقة: أن الكثير مما تعانيه اليوم في علاقاتك في تقلباتك النفسية، في حساسيتك المفرطة،  أو في عدم قدرتك على الثقة أو الحب أو الحسم ليس مردّه إلى الحاضر .

بل مرده إلى ماض لم يُغلق كما يجب،  إلى طفل لم يحضنه، ولم يصدّقه أحد، ولم يُعبّر عمّا بداخله دون أن يُعاقَبه أحد.

من اللحظة الأولى يبدأ الكتاب في نزع الأقنعة، لكن ليس بأسلوب قاسٍ أو وعظي، بل بشيء من الحنوّ المفاجئ.

كأنك تجلس أمام شخص يعرفك أكثر مما تعرف نفسك.

ويقول لك: “كل تلك المشاعر المبالغ فيها التي تنتابك أحيانا، كل ذلك الخوف غير المفهوم من الرفض.

أو الفقد كل تلك المحاولات الدائمة لإرضاء الجميع، ليست سمات شخصية بل آثار جروح لم يعالجها أحد بعد.

إقرأ أيضاً للكاتب: مفارقات الحياة .. حين تصبح البساطة معقدة !

كتاب كيف يتعافى الطفل بداخلك؟ … مرآة لطفواتك !

الكاتب لا يطلب منك أن تلعب دور الضحية ولا يُلقي باللوم على الآخرين.

بل يقدّم لك الكتاب  مرآة ترى فيها كيف أن نضجك الظاهري قد يكون مجرد محاولة لتجاهل طفل صغير بداخلك.

إنه طفل  لم يتعلّم كيف يحب نفسه أو يثق بها. وكيف أن هذا الطفل إذا تُرك مهملا ، سيظل يُفسد عليك قراراتك الكبرى، ويقودك من حيث لا تدري إلى تكرار ذات الأخطاء.

رحلة صدق مع الذات

الرحلة التي يأخذك فيها الكتاب ليست رحلة علاج سطحي أو مؤقت، بل رحلة صدق مع الذات.

رحلة تبدأ من الاعتراف، لا بالذنب، بل بالاحتياج، إنه  الاعتراف بأنك لم تكن بخير،  وأنك لم تتعلم كيف تكون بخير.

وأن النجاة لم تكن دائماً بطولة ، بل في أحيان كثيرة كانت اضطرارًا.

أن القوة التي تظن أنك اكتسبتها قد تكون مجرد قشرة تغطي هشاشة الطفل الذي لم يُسمح له بأن يحزن كما يجب.

في هذه الصفحات تتعلم أن هناك فرقا كبيرا بين أن “تنسى” ما حدث، وبين أن “تتجاوزه”.

وبين أن تدفن الذكرى في العمق، وبين أن تحررها من سطوتها.

كتاب كيف يتعافى الطفل بداخلك؟ لا يقدّم حلولا سريعة

الكتاب لا يدعوك إلى اجترار الألم، بل إلى تفكيكه. لا ليؤلمك من جديد بل ليُعيد ترتيب الذاكرة بحيث لا تكون عبئًا، بل جزءًا مفهومًا من قصة أكثر اتساقاً.

الكتاب لا يقدّم حلولا سريعة،  ولا يدّعي أن التعافي يحدث بجلسة أو قراءة أو تمرين.

بل يؤمن هذا الكتاب  بأن التعافي هو عملية مستمرة من الوعي، والمواجهة، والرحمة.

وأن تعلّم كيف تكون أمّا وأبا لذلك الطفل المهمل في داخلك هو أولى خطوات النجاة.

إقرأ أيضا للكاتب : الطريق إلى التغيير .. كيف تصنع الحياة التي ترغب فيها؟

الخلاصة

في ختام هذه الرحلة القرائية لا تخرج بشعور أنك انتهيت من شيء،  بل أنك بدأت شيئًا.

بدأت في فهم علاقتك بجذورك النفسية في تقبّل أنك لم تكن بخير، وفي التصالح مع فكرة أن احتياجاتك لم تكن مبالغة .

بل كانت منطقية، لكن لم يجدها أحد جديرة بالاهتمام، و رأيي أن هذا الكتاب ليس فقط واحدا من أفضل ما كُتب عن التعافي النفسي من آثار الطفولة.

بل هو أيضاً من أكثرها صدقًا وعمقًا،  لا لأنه يحمل طرحا علميا جديدا،  بل لأنه يقدّم المعرفة بلغة الإنسان لا بلغة الأطباء.

لأن كتاب يُعيد الاعتبار لما اعتدنا تجاهله، ويعطي لكل ألمٍ صوته، ولكل خيبةٍ مكانها في الذاكرة دون أن تفسد الحاضر.

إن محتوى كتاب كيف يتعافى الطفل بداخلك؟  يُقرأه المرء مرة ويُعيد فتحه مرات؛  لأنه لا يُقدّم لك وصفة، بل يُقدّم لك نفسك كما لم ترها من قبل.

وكأنك بعد كل صفحة تُغمض عينيك قليلًا لتُخبر ذلك الطفل المهمل فيك: “أنا هنا الآن.. ولن أتركك وحدك بعد اليوم”.

الكلمات المفتاحية :

اترك تعليقاً

“أذواق”… لكل الأذواق الباحثة عن الجمال والرقي والبساطة في مختلف تفاصيل الحياة، وهي جسرك الناعم إلى السعادة والحب والأحلام والأناقة والنجاح، وعبر ما تقدمه لك من أخبار وموضوعات ومقالات ومواد بصرية متنوعة تمثل لك رافداً متفرداً يزودك بكل ما هو جديد في الفنون والثقافة والموضة و الجمال و الأمومة والعمارة والصحة والطهي، و…كل ما يتعلق بشغفك اليومي

النشرة الاخبارية

Exit mobile version