يجد الكثيرون صعوبة في تخطي الماضي، حيث الذكريات المؤلمة، وتجارب الطفولة، وإحباطات ولحظات الخذلان المختلفة، لكن بالرغم من ذلك يستطيع الإنسان مواجهة ماضيه أو”ذاته السابقة” كما أطلق عليها الدكتور جيم تايلور بجامعة سان فرانسيسكو .
يقول البروفيسور المتخصص في علم النفس الرياضي وتربية الأطفال جيم تايلور في مقال نشر بموقع psychology today”””:”إن ماضي الإنسان قد يوجه ما يفكرفيه وما يشعربه وكيف يتصرف وكيف يتفاعل” وينبه:”تأثير الذات الماضية للإنسان قد يكون غير صحي في كثير من الأحيان بالنسبة للذات الحالية”.
. ليس من غير المألوف بالنسبة لي أن أسمع الناس يناقشون ذواتهم المبكرة باستخدام كلمات مثل الكراهية واللوم والذنب والعار والحرج والاشمئزاز، حتى بعد عقود من الزمان. لا يزالون يحملون عبء طفولتهم على أكتافهم وفي قلوبهم، على الرغم من أنهم أشخاص مختلفون تماما الآن، مشبعون بالخبرة والبصيرة والمنظورات التي قد تعتقد أنها ستمكنهم من فصل أنفسهم عن تلك التكرارات الأقل تطورا من أنفسهم.
والأمر الأكثر إيلاما هو أن العديد من الأشخاص لم يتصالحوا مع أنفسهم السابقة، وهذا العجزعن عيش حياتهم البالغة بناءً على من هم بدلاً من من كانوا يتعارض مع العديد من جوانب حياتهم الحالية بما في ذلك سعادتهم ونموهم الشخصي وتحقيق أهدافهم وعلاقاتهم.
وهنا يبرز سؤال هو: كيف تتصالح مع ذاتك السابقة حتى تتمكن من عيش حياة ذات معنى ورضا وفرح مع أحدث نسخة منك؟ .
ويقترح دكتورجيم تايلور مجموعة من الخطوات لمواجهة هذه الأزمة، وهي :
1ـ التعاطف :
ويرى أنه المكان الذي يجب أن تبدأ فيه رحلتك إلى السلام مع ذاتك السابقة، إن لم تكن قادرا على الشعوربما شعرت به عندما كنت أصغرسنا، فلن تتمكن من قبول تلك النسخة السابقة من نفسك، ناهيك عن احتضانها أوتقديم المساعدة لها.
أياً كان ما فعلته أوتعتقد أنك فعلته عندما كنت صغيرا، يجب أن تفهم أنك لم تختر أن تكون على هذا النحو، و بدلاً من ذلك، كنت ضحية للأسرة، أوالأقران، أوالمجتمع ، إن النظر إلى ذاتك السابقة من خلال عدسة التعاطف من شأنه أن يثيراستجابة”أنا حقًا أراك وأفهمك الآن”.
ويمكن أن يستحضر أيضا مشاعر القلق والرعاية والرحمة التي ستجذب ذاتك السابقة نحوك بدلاً من مشاعر الغضب والأذى الأخرى التي تسببت في نفورك من ذاتك الأصغر سناً.
. 2. احتضن إنسانيتك
أعرف أن الجانب الرئيسي الذي منعك من التصالح مع ذاتك السابقة هوأنك شعرت بالخجل من الشخص الذي رأيته، وهوكائن معيب لايستحق الحب أوالاحترام، ولكن هذه الصفات ذاتها التي أتيت لتحتقرها هي التي تجعلك في الواقع جديرا بكلا الأمرين؛ لأن هذه العيوب هي التي تجعلنا بشرا.
عندما تتقبل إنسانيتك، فإنك تقبل أنك لا تتصرف دائما بطرق مثيرة للإعجاب، إن قبول جميع جوانب إنسانيتك يحررك من الرأي المتدني وغيرالعادل الذي تحمله عن نفسك، وبذلك، تزيل المشاعر المؤلمة التي شعرت بها تجاه ذاتك الماضية لسنوات عديدة.
أستخدم كلمة “احتضان” عمدًا لأنه بعد عقود ربما من إبعاد نفسك عن ذاتك السابقة يمكنك الآن أن تمنح ذاتك الأصغرسنا الاحتضان الحرفي والمجازي الذي كنت تتوق إليه لفترة طويلة، جنبا إلى جنب مع الحب الذي كنت تتوق إليه آنذاك وتشتاق إليه منذ ذلك الحين.
3. المغفرة
من الخطوتين الأوليين، التعاطف واحتضان إنسانيتك، يمكنك الآن أن تسامح نفسك على التجاوزات الملحوظة في شبابك، لم تكن شخصا سيئا بالولادة أو النشأة، لم تخترأو تقصد القيام بأشياء سيئة.
بدلاً من ذلك، كنت ضعيفًا، وقابلًا للتأثر، ومحتاجا، ولم تعرف طريقة أخرى للتصرف.
. 4. القبول مع التعاطف
عليك أن تعرف إنك كنت من أنت، وفعلت ما فعلته، ولا يوجد شيء يمكنك القيام به لإعادة كتابة الماضي. من المحتمل أنك عانيت بما فيه الكفاية بسبب أخطائك، ربما من خلال الجلد الذاتي اليومي، وبالتأكيد نوع مؤلم بشكل خاص من السجن النفسي الطويل. تقبل ذاتك السابقة ثم امض قدما. لقد حان الوقت لمنح ماضيك بعضا من الراحة.
قل لنفسك لقد حان الوقت لمنح ذاتك السابقة فرصة للتعافي، لأنك بمجرد خوض هذه الرحلة، تثبت أنك قد أعيد تأهيلك. ورغم أنك لا تستطيع تغيير الماضي، إلا أنه يمكنك خلق مستقبل يمكن أن يساعدك في التكفير عن ذلك الماضي.
قد يهمك ايضا : إليك أسرار سعادة النساء في سن متقدم .. اتبعيها (azwaaq.com)
5ـ الملكية
لا تعفيك الخطوات الأربع السابقة من المسؤولية عن أفعالك، عندما كنت صغيرا، ربما تصرفت بشكل سيئ وأذيت الآخرين.، ولا تحصل على بطاقة “الخروج من السجن مجانا” لمجرد مسامحتك وقبولك لنفسك.
قد يجعلك هذا تشعر بتحسن، لكنه لا يعكس الضرر الذي ربما ألحقته بالآخرين. لتصالح مع ذاتك السابقة، يجب أن تتخذ ما قد يكون المسارالأكثر إزعاجا، ألا وهو امتلاك ما فعلته وتحمل المسؤولية الكاملة عن سلوكك المبكر لقد فعلت ذلك، لقد كنت مخطئا، ذلك أن الاستعداد لامتلاك ماضيك يُظهِر قوة هائلة ويبشر بالخير لامتلاك مستقبلك.
6. إصلاح الأخطاء
ألا يكون من الرائع أن تتمكن من العودة بالزمن إلى الوراء، وتصحيح كل ما فعلته وندمت عليه؟ لسوء الحظ، ليس لديك القدرة على تجاوز الزمن، على الأقل ليس للعودة بالزمن إلى الوراء.
لكن لديك القدرة السحرية على المضي قدما في الزمن، وهنا يمكنك إصلاح الأخطاء؛ حتى تكتسب القدرة على السفر بالزمن إلى الوراء، فإن المستقبل هو المكان الوحيد الذي يمكنك فيه إصلاح نفسك بالأعمال الصالحة
. 7. كن أفضل نسخة من نفسك
هناك جانب آخر من قدرتك على تغييرالمستقبل، وهو اتخاذ خيارات متعمدة لعدم أن تكون الشخص الذي كنت عليه ذات يوم، وأن تكون الشخص الذي كنت تتمنى أن تكونه في الماضي.
إسأل نفسك من تريد أن تكون؟ ما القيم التي ترغب في العيش بها؟ ما المواقف والمعتقدات التي تريد أن توجه حياتك؟ وفي النهاية، ما التأثير الذي تريد أن تحدثه على عالمك؟.. من خلال هذه المداولات، ستحدد ويمكنك بعد ذلك أن تسعى جاهدا لتكون أفضل نسخة من نفسك.
8ـ عش حياتك بأفضل شكل
عندما تتصالح مع ذاتك السابقة، فإنك تزيل ثقل ماضيك من على كتفيك، وتتحرر لتعيش حياتك بأفضل شكل، لكن ماذا يعني “أفضل شكل للحياة”؟ هذا سؤال شخصي للغاية، ولا يمكنك الإجابة عليه إلا أنت.
لكن يمكن أن يأتي تحديد “أفضل شكل للحياة” وتفعيله من خلال استكشافات عميقة لما تعنيه الحياة والغرض الذي تربطه بها، والقيم التي تعطيها الأولوية، وطموحاتك، وما تجده مُرضياً، وما يجلب لك الفرح والرضا.
قد يهمك أيضا : صداقاتك قد تطيل عمرك ! (azwaaq.com)
بمجرد الإجابة على هذه الأسئلة العميقة، سيكون لديك مسارواضح نحو من تريد أن تكون وما تريد أن تفعله في الحاضر والمستقبل، وعندما تواصل رحلتك مع الإجابة على هذه الأسئلة، فإنك تترك ماضيك حقًا خلفك ويمكنك رسم مسار نحو مستقبل رائع.