بقلم : محمود مطر
في عام 1997 وفي شهر رمضان المبارك عرض التلفزيون المصري الجزء الأول من المسلسل الرائع ( زيزينيا)، وكان هذا الجزء بعنوان (الولي والخواجة)، وبلغ عدد حلقاته 41 حلقة. وبعدها بثلاث سنوات وبالتحديد في نوفمبر من عام 2000عرض الجزء الثاني من المسلسل بعنوان (الليل والفنار)، وبلغ عدد حلقاته 36 حلقة، وأخرج المسلسل بجزئيه الفنان جمال عبد الحميد، وكان البطل الرئيسي للجزئين هو الفنان يحيي الفخراني .
عبقرية أسامة عكاشة في زيزينيا
وتجلت في المسلسل الشهير عبقرية أسامة أنورعكاشة ، الذي نستطيع أن نطلق عليه بلا مبالغة “نجيب محفوظ الدراما التليفزيونية المصرية”، ولا عجب أن عكاشة كان يضع في مكتبه صورة كبيرة لنجيب محفوظ تكون أمام عينيه دائماً، حين يجلس لكتابة روائعه.
إقرأ أيضا للكاتب : نوستالجيا الحب الضائع
الهوية الوطنية في زيزينيا
في زيزينيا تتجلى بوضوح قضية الهوية ..هوية مصر وأبنائها، وهي قضية تتعدد مستوياتها في أعمال عكاشة، و تظهر بوضوح وجلاء في عملين مهمين من أعمال عكاشة، هما زيزينيا و أرابيسك، وفي زيزينيا يتشتت بشر عامر عبد الظاهر أوبوتشي إبن الإسكندرية (يحيي الفخراني) بين أسرته المصرية المكونة من والده التاجر المصري الأصيل عامرعبد الظاهر (حمدي غيث) وإخوته خميس (محمد متولي ) ومرشدي (سيد عزمي) وإكرام (سماح أنور) وزوجة والده آمنة (هدى سلطان) الذين يعيشون في حي كرموز الشعبي، من جانب آخر بين والدته الإيطالية فرانشيسكا (ماجدة الخطيب)، وخاله رجل الأعمال الإيطالي جيوفاني ديلورنزي (جميل راتب) اللذين يقيمان في حي زيزينيا الراقي الذي يسكنه الخواجات .
في الصباح هو بوتشي الذي يرتدي البدلة والكرافت، وفي المساء هو بشر ابن الحاج عامر الذي يجلس في دكان والده يرتدي الجلباب والطربوش البلدي، وهويحب عايدة قبودان ( آثار الحكيم ) الباحثة هي الأخرى عن هويتها وجذورها والتي تعيش مع والدتها، زوج والدتها وهي أيضا تحبه، لكن الزواج بينهما لا يتم لأسباب مختلفة .
حب عايدة
بينما يقع في عشق عايدة أيضاً صديق بشر الشيخ الولي عبد الفتاح ضرغام (أحمد بدير ) الذي يجد نفسه هو الآخر مشتتا بين ولايته وتصوفه، ووزهده وبين عشقه الكبير لعايدة، وبين قلبه المنشغل بالولاية، وقلبه الواقع في غرام الأنثى الجميلة .
وربما نستطيع أن ننظر بعين الإعجاب الكبير لعبقرية أسامة أنور عكاشة وهو يضع أمامنا هذه الثنائية في الحياة وفي الهوية ..الولي عبد الفتاح والخواجة بشر، ثم بشر المصري المتمسك بمصريته ابن الحاج عامر والخواجة بوتشي ابن فرانشيسكا الإيطالية .. ثم المتصوف الزاهد المعتكف في صومعته.. والمحب الولهان العاشق لأنثي فاتنة الجمال في شخصية الشيخ عبد الفتاح.
إسكندرية الأربعينات
على الجانب الآخر نعيش في إسكندرية الأربعينات مع أبناء حي كرموز، .أبناء الوطنية المصرية المدافعين عن الوطن ضد إحتلال الإنجليز والمنخرطين في مقاومة المحتل في مقدمتهم نعيمة مرسال (فردوس عبدالحميد) وإبراهيم سالم الطوبجي (أشرف عبد الغفور)، وعلاقتهم ببشر الذي يقدم لهم الدعم .
الإسكندرية الكوزموبولتانية
ونلحظ بالطبع أن بشر ينحاز في كل المواقف لمصريته ولهويته المصرية، وفي مسلسل( زيزينيا) ـ وهو بالمناسبة أحد أحياء الإسكندرية وينسب اسمه إلى رجل يوناني عاش في الإسكندرية وكان قنصلا عاما لبلجيكا بعروس البحر المتوسطـ ـ سنلاحظ هذا التنوع الشديد والثراء الواضح في شخصيات المسلسل الكثيرة التي أبدع عكاشة في رسمها.
فنجد أنفسنا أمام عالم متشابك حافل بالحياة والضجيج والتنوع والاختلاف تماما كالإسكندرية الكوزموبولتانية في أربعينيات القرن الماضي، ونلاحظ أيضاً هذا العمق والتفرد في كثير من شخصيات المسلسل، مثل شخصيات بشر وعبد الفتاح وعايدة التي أضافت اثار الحكيم نكهة خاصة لشخصيتها بإختلاق لدغة حرف الراء التي لم يضعها عكاشة في الحوار.
ثم تخلت عنها بديلتها هالة صدقي في الجزء الثاني من المسلسل الذي عنونه عكاشة بإسم (الليل والفنار)، والذي جاء في رأيي أقل فنياً من الجزء الأول كعادة مسلسلات الأجزاء التي غالباً ما يكون جزءها الأول هو الأفضل وقد شارك أحمد السقا وأحمد عز ومنى زكي بأدوار صغيرة في هذا الجزء، الذي كان فاتحة خير لهم.
إقرأ أيضاً للكاتب :الشابي ..شاعر الحب والحياة
تتر أغنية زيزينيا
ولست أجد أجمل ولا أبدع من بعض كلمات الفاجومي الجميل أحمد فؤاد نجم في أغنية تتر النهاية لزيزينيا التي لحنها عمار الشريعي وغناها محمد الحلو لأختم بها سطوري عن هذا المسلسل المتفرد وهي: “وعمار يا إسكندرية يا جميلة يا ماريا، وعد ومكتوب عليا ومسطر ع الجبين، لأنزل بحر المحبة وأشرب م الحب حبة وأسكن حضن الأحبة والناس الطيبين، حكاياتك يا زيزينيا حواديت وناس ودنيا في حواري إسكندرية وليالي المنشدين”.
الكلمات المفتاحية
#نوستالجيا، #عمار يا إسكندرية، يا حلوة يا ماريا،#مسلسل زيزينيا،#حي زيزينيا، #زيزينيا أسامة أنور عكاشة،# زيزينيا يحيي الفخراني،# زيزينيا آثار الحكيم،# زيزينيا الجزء الأول، مخرج زيزينيا جمال عبد الحميد#زيزينيا الجزء الثاني،# زيزينيا الجزء الثالث،#مسلسل،#الدراما المصرية،# إسكندرية الأربعينات،#تتر أغنية زيزينيا،# أحمد فؤاد نجم،#الإسكندرية الكوزموبولتانية، محمود مطر، مقالات