تلعب ثقة الفرد بنفسه دورا كبيرا وفاعلا في مسيرة نجاحه، وتمتد جذور الثقة بالنفس إلى السنوات الأولى من عمر الطفل حيث إن التنشئة الاجتماعية وفقا للأساليب التربوية الصحيحة تعمل على تأصيل هذه السمة في شخصية الطفل وتنمو وتزدهر مع تقدمه في العمر، وليس خفياً أن كثيرا من المشكلات التي يعاني منها الشباب ترجع في جذورها إلى إخفاق الأسرة في تنمية ثقته في نفسه في مرحلة الطفولة، ومن هنا فإنه من الضروري أن تسأل نفسك هل أتمتع بالثقة بالنفس؟ وهل لدي القدرة على أن أزود أبنائي بها ؟.
ويعتبر حرص الأسرة على بناء شخصية إيجابية للطفل ودعم ثقته بنفسه من أعظم الهدايا التي تقدمها لأبنائها ويستمرأثرها الفعال إلى مراحل متقدمة من عمر الفرد وتؤثر بشكل كبير جدا على مستقبله ونجاحه المهني والأكاديمي وعلى نجاحه أيضاً في حياته الأسرية والشخصية والاجتماعية بوجه عام؛ فالثقة بالنفس هي مفتاح لكثير من الأبواب ودعامة يستند إليها المرء؛ فينطلق مطمئنا إلى الحياة، من دون خوف أو قلق من المحيطين به أو من البيئة المحيطة عموماً، كما إنه لايخشى التحديات و الصعوبات؛ لأنه واثق إنه يستطيع أن يتخطاها بنجاح ومثابرة.
قد يهمك أيضا : أغاني رمضان بين التاريخ و الفولكلور (azwaaq.com)
إن الإيمان بنفسك وبقدراتك يلخص مفهوم الثقة، على سبيل المثال هنري فورد، الذي اخترع أول سيارة فورد “فورد موديل T” في عام 1908، وطوّر من طرائق عمل خطوط تجميع السيارات، مُحدثاً بذلك ثورة في مجال الصناعة لم يكن ليحقق نجاحه دون أن يكون واثقا من نفسه وقدراته، ولكن من أين جاءت ثقته؟ وبدون سؤاله فعليا، لا يمكننا إلا أن نفترض أن مهاراته أعطته الثقة لتحقيق أهدافه، لكنها ليست المهارات وحدها هي ماتمنحنا الثقة بالنفس.
فعندما كان هنري فورد طفلاً، استمتع بإصلاح الساعات وتطورت مجموعة المهارات هذه إلى خدمة المحركات البخارية، إنها المهارات تؤدي إلى الثقة مما يؤدي إلى النجاح، على الرغم من أن هذا الحديث يبدو صحيحا، إلا أن حقيقته تنطوي على الكثيرمن العوامل الأخرى التي ساهمت في ثقته في نفسه، إذن نحن في حاجة أن نفهم أكثر مامعنى الثقة وكيف تتحقق، وكيف تؤثر على النجاح، وكيف يمكنك تحقيقها.
قد يهمك أيضا : علموا أبناءكم “السباحة الإلكترونية ” ! (azwaaq.com)
بلاشك إن الأمر يعود إلى الطفولة، وهو مايقودنا بدوره إلى مجموعة من الاعتبارات المهمة التي نقدمها للأسرة لدعم ثقة الطفل بنفسه، ومنها الحرص على منحه الاهتمام الكافي ومشاركته في ألعابه والأنشطة التي يفضل ممارستها وتخصيص وقت كافي لمشاركته هواياته واهتماماته.، والإنصات له والاهتمام بما يقول ومناقشته بشكل هادئ فيما يطرحه من أفكار وإشراكه في اتخاذ بعض القرارات الأسرية لاسيما تلك المتعلقة به شخصيا. وعلينا أن ننتبه كذلك إلى دعم استقلاليته وتحميله قدرا من المسؤولية يتناسب مع قدراته، ولا يتسبب في ضياع وقته بشل يؤثرعلى أدائه لواجباته المدرسية.
ومن الأمور التي ينبغي الاهتمام بها كذلك هو تقبل أخطائه، وعدم مقابلتها بالنقد والتجريح والسخرية والتهكم وتوجيهه بلطف إلى تصحيح هذه الأخطاء والاستفادة من التجربة في تعديل مساره، وإتاحة الفرصة الكاملة له للمحاولة وبذل كل جهد ممكن لحل مشكلاته بنفسه و عدم المبادرة بتقديم حلول جاهزة واقتصار التدخل على وقت استشعار الخطر فقط، ومسايرته في نمط تفكيره لتدريبه على تنقيح الأفكار ونقدها تمهيدا لاختيار أنسبها للحل.
ومن الأخطاء التي تفقد المرء ثقته منذ الطفولة هو تجنب مقارنته بالآخرين أو التقليل من شأنه أو التركيز على نقاط ضعفه أو تجاهل مميزاته وإيجابياته بشكل مفرط، وفي المقابل على الأسرة دعمه وتحفيزه وتشجيعه باستمرار ومساعدته على تنمية مواهبه وقدراته، ولكن بدون إفراط في المدح والثناء أو تفريط.
وكذلك على الأسرة حثه على المشاركة في الأنشطة الجماعية والتفاعل مع الآخرين و تقديم الدعم اللازم له، الابتعاد تماما عن القسوة والإهمال أو التدليل الزائد او الحماية الزائدة كأسلوب لتربية الطفل، ومنحه قدرا كافيا من الحب والاهتمام ومسايرته في مراحل نموه المختلفة؛ بحيث يستشعر قرب الأسرة منه ولا يشعر بالحرج في الرجوع إليهم في أي وقت إذا صادفته مشكلة ما لعرضها عليهم وأخذ الرأي والمشورة.