أطلق المصممان هشام العيسوي ومها رجب مجموعتهما الجديدة للأثاث تحت عنوان” S E D I M E N T”؛ حيث استوحى المصممان مجموعتهما من الصخورالرسوبية للحجرالجيري في الصحراء البيضاء المصرية، وتمثل هذه القطع التي تضمها المجموعة مزيجا فريداً من الشكل والوظيفية، عبرخطوطها البسيطة المُدمجة مع أجزاء ظلية رشيقة، ومثالية لأي مساحة.
وكان العيسوي ورجب قد قاما بعرض أعمالهما في أوروبا؛ لتلقى حفاوة بالغة وتستقرفي مجموعة من المنازل الفرنسية والسويسرية، حاملة معها التراث المصري الممتزج باللمسات العصرية، معتبرين ذلك بداية رحلتهما لتقديم تصميماتهما إلى الجمهور العالمي مع الحفاظ على وفائهما لجذورهما، وفق المهندس هشام العيسوي الذي قال ل“أذواق:” لم يعد التصميم في العالم كله يقتصر على الشكل الجميل وحده؛ إنما لابد أن ينطوي كذلك على الرؤية، ليجسد إبداعا حيا يتمتع بالروح والشخصية التي تميزه؛ وذلك هو نفسه مايجعل التصاميم تعيش فترات أطول، وأن يتذكرها الناس على مر السنين”.

طاولة من مجموعة S E D I M E N T للمصممين هشام العيسوي ومها رجب ( خاص أذواق)
الاستلهام من الحضارات المصرية وسحر الصحراء
“لايوجد ما هو أفضل من حضاراتنا المصرية كي نأخذ عنه و نستلهم منه أعمالنا” يقول العيسوي ويضيف:” كان هدفنا أن نقدم تصاميم جديدة مستوحاة من أرضنا وتراثنا نخاطب بها العالم، لكن في الوقت نفسه كان هناك حرص شديد على ألايكون ذلك بشكل مباشر” ويتابع:” في الآونة الأخيرة كان يؤخذ على بعض المصممين المصريين إنهم يقدمون معالجة ضحلة لتراث كبير جداً وعظيم هو التراث المصري، في حين أن مصر لديها إرث تاريخي وحضاري وبيئي عميق وثري يمكن أن نستلهم منه الكثير من دون تقليد ومحاكاة مباشرة”.
من هنا اتجه المصممان المصريان هشام العيسوي مديرمكتب( (HEDSومها رجب مدير(Studio 38 )إلى الاستلهام من عنصرغير معتاد وبشكل مبتكر يحمل روح مصر، وكان هذا عبر الإبحار في الصحراء ” جذبتنا الصحراء المصرية؛ لأنها رغم ما تشكله من نسبة كبيرة جدا من مساحة مصرإلا إنه يكاد بيننا وبينها غربة” ويتابع :” لانلمس الصحراء جيدا، ولا نتواصل معها بشكل كاف، بالرغم من مكانتها في مصر القديمة، حيث كانت تجسد معان كثيرة، وربما تعبررحلة الشمس للصحراء عن جانب من هذا الاحتفاء”.
اختارالمصممان المصريان التكوينات الصخرية الموجودة في الصحراء؛ لتكون الفكرة الأساسية لمجموعتهما الجديدة ” يقول :” وقع اختيارنا على الصخورالرسوبية بهذه التكوينات؛ لأنها تتكون على مر ملايين السنين، فتكون طبقات من الرمال، وأحيانا طبقات من التكلسات التي تكون نتيجة لتحلل بعض الكائنات الحية في الصحراء، فتشكل طبقات تعرف ب” صخور رسوبية” كتلك التي يراها المرء على سبيل المثال في المقطم أو ترافقه أثناء سفره إلى “العين السخنة”، وربما من هنا ولدت الفكرة”.
لكن لم يكن الشكل الخارجي لهذه الصخور أو الطبقات هي في حد ذاتها المعنية بالنسبة للعيسوي ورجب، إنما كان الأمر يتعلق بالقيمة التي تحملها بين طياتها، والرمز الذي تشير إليه” يقول :”هذه الطبقات هي دلالة على ما تتمتع به مصر من تراكم الحضارات العريقة، من دون أن يوجد فضل لحضارة على أخرى؛ وهو شيء مذهل حقاً، لكنها مصر، وذلك فهي في النهاية ما يشكل مصر ويمنحها التفرد والخصوصية”.
إنطلقت المجموعة التي تشير إلى هذا العمق التاريخي و الزخم الحضاري من خلال التصميم الأول الذي يتجسد في أريكة تم عمل فوتوسيشين لها في قلب الصحراء، لتتوالى بعد ذلك سائر قطع المجموعة الحاملة للجذورالمصرية مثل الطاولة التي يمكن تنسيقها مع الأريكة لتكتمل أناقة المشهد، بجودة ومعاييرعالمية .
تخاطب المجموعة مختلف الأذواق وتعدد الثقافات في العالم، و”هو أمرصعب” وفق العيسوي الذي أضاف في حديثه ل“أذواق”:” أن تقدم تصاميم ملائمة للذوق العالمي هو بحق تحد كبير، سيما إنه في الأخيرة كما أشرت كانت هناك علامات استفهام كثيرة بشأن بعض الأعمال التي حاول بعض المصممين المصريين تقديمها للعالم” مشيراً إلى أنه “في المقابل لاقى “كرسي البردي” الذي قمنا بتقديمه على سبيل المثال اهتماماً شديداً، واحتل المكان الذي يليق به داخل بعض البيوت الأوروبية؛ وذلك لأن الأجانب أدركوا لكم هو يستند إلى تراث قوي بصياغة بصرية معاصرة واحترافية تناسب ذوق كل محبي الأصالة سواء في مصرأوالعالم “.

تصاميم من المجموعة استقرت في بيوت أوروبية ( خاص أذواق(
المجموعة الجديدة من الأثاث قائمة على مبدأ “الاستدامة “
حرص المصممان على إضافة قيمة مضافة إلى التصميم والمنتج، يقول العيسوي :”جانب مهم من التصميم الآن بات يقوم على فكرة الاستدامة، ولم يكن من الممكن ونحن نخاطب السوق العالمي، ألا نقدم ماهو متفق مع معاييره، وقيم التصميم والتنفيذ فيه؛ ولذا احتفينا للغاية بالاستدامة في أعمالنا التي جاءت مطابقة بنسبة 100% في التصميم والتنفيذ للمعاييرالعالمية، وكان من ضمنها أن تكون المواد المستخدمة في التصنيع صديقة للبيئة، وتبرزدورة حياته، بمعنى أنه كان على أعمالنا أن تجيب عن عدة إسئلة منها :هل هذا المنتج بعد أن ينتهي عمره هل سيتحول لمنتج آخر؟ هل سيكون له دورة حياة جديدة، بحيث لايكون مجرد شيء يُلقى في المخلفات ويشغل مساحة كبيرة من حيز من الفراغ أوالمخلفات ؟ وكانت الإجابات التي تحملها أعمالنا هي نفسها أحد أسباب وصولها إلى العالمية؛ فهي تنطلق من المهد إلى المهد أيضاً”.
أيضا كان هناك في المجموعة البعد المجتمعي، حيث تمت الاستعانة بقطاع الحرفيين في منطقة “أرض اللواء” والذين تواجههم مشكلات كما هومعروف منذ عدة سنوات، حيث كان هذا القطاع مهددا بالإندثار، يقول العيسوي:”شهد إنتاج المجموعة الأخيرة تعاونا مثمرا معهم، في إطار الحرص على مراعاة الجانب الإجتماعي ، فضلا عن تشغيل السيدات اللاتي يواجهن مشكلات في تحقيق دخل أوالمعيلات لأسرهن”.
ولم يتوقف الأمر عن هذا الحد بحسب العيسوي، إذ اعتمدت المجموعة الجديدة من التصاميم في إنتاجها على “توقيع عقود تنفيذ، بحيث يقوم هؤلاء الحرفيون بتصنيع منتجاتنا في كل مرة نقررتصنيعها، وذلك بعد قيامنا بتدريبهم ورفع كفاءتهم، في حين كان من الأسهل بالتأكيد أن نعتمد على جهة تصنيعية قوية لكننا قررنا أن نساعد هؤلاء الرجال الذين كانوا في طريقهم إلى إغلاق ورشهم ونصل بهم إلى هذه الاحترافية والعصرية في الأداء كجزء من دورنا المجتمعي، وتحقيقا لمبدأ الاستدامة في صناعة الأثاث”.
%20.jpg)
هشام العيسوي ومها رجب (خاص أذواق )