بقلم د.محمد فتحي عبد العال
دائما ما اعتبرت أن الماضي كان زمن الفوضى الدوائية بلا منازع، وأن مستحضرات كثيرة كانت تخلو من نشرة بمحتوياتها والكثيرمنها مبالغ في الدعاية عن استخداماتها وبالتالي يفوق ضررها نفعها ..لكن ومع ذلك هناك شكل من الإعلان يشعرك بالرضا بعض الشىء .
سأعطيك مثالاً من أرشيف الصحافة المصرية لهذا الشكل المرضي من الإعلان من مجلة “الإثنين” في فبراير ١٩٣٨م وإعلان عن “لزقة الكوكس” .
الإعلان اتخذ شكل المقال وبداعنوانه صادما ومبالغا فيه بعض الشىء “كاد يموت وشفته إحدى المعجزات “..وعلى عادة إعلانات زمان فهو يبدأ برصد تجربة إحدى السيدات للزقة مع زوجها الذي يعاني “ألم اللمباجو ( تصلب الظهر) الفظيع الذي يشبه قطع السكين أو تعذيب عرق النساء “.
قد يهمك أيضا : هند رستم : أسرار لقائها النادر مع عباس العقاد و زيارة منتصف الليل (azwaaq.com)
نمضي من الشق الدعائي وهومقبول على كل حال إلى الشق الطبي، وهنا لا يهمل الإعلان ذكر مكونات اللزقة وهي من الأمورالنادرة في إعلانات زمان؛ حيث يذكرأنها تحتوي على “كابسيكم أي الفلفل الحار” و”فرانكنسنس أي اللبان المنشاري”.
ذلك علاوة على شرح عملها أن “حرارتها المفيدة تتغلغل في جميع الأجزاء المصابة كأنها تدليك ذاتي فتزيل الألم وتنشط الدورة الدموية، وتمنع الاحتقان وتجلب الشفاء”.
والإعلان في هذا الشق لا يختلف كثيرا عما نعرفه عنها؛ فبحسب موقع “ويب طب” فاللصقة تحتوي على مركبات من بينها: المنتول Menthol، والكافور Camphor تساعد على تخفيف الآلام؛ حيث تمتص المكونات أثناء وضع اللصقة على مكان الإصابة؛ مما يؤدى إلى ارتخاء العضلات ونشاط في الدورة الدموية في المنطقة المُصابة.
الأهم أيضا في هذا الإعلان الذي أشرت إليه في كتاب “منافح الأيك في مساجلات النخب” أنه تضمن وضع علامات لمنع الغش في المنتج فاللزقة “مرسومة بماركتها المسجلة الدائرة والنسرالأحمر وأعلى كل غلاف Allcock porous plaster” .
قد يهمك أيضا : هند رستم : أسرار لقائها النادر مع عباس العقاد وزيارة منتصف الليل (2) (azwaaq.com)
جميل هذا المنحى والذي تطورحالياً إلى نظام “الباركود” على العلب الدوائية؛ لتتبع مصدرها ووالحيلولة دون الغش التجاري، لكن هذا لا يكفي مع ظواهرإنعدام الضمير المتفشية في المجتمع لدرجة غش أدوية القلب والسرطان.
الأمر الذي يتطلب نظام إليكتروني شامل ترعاه الهيئات الحكومية المعنية يربط كافة المستشفيات والمستودعات والصيدليات الحكومية والخاصة والأهلية؛ لمراقبة المستحضرات الطبية خلال دورتها الكاملة من المنشأ، وحتى الاستهلاك للقضاء التام على الغش في هذه السلع الحيوية الهامة لحفظ حياة المرضى.
الدكتور محمد فتحي عبد العال (أذواق)