بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
“وَ للنّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ” أحد أشهرأبيات الشاعر، والقائد العسكري أبو فراس الحمداني الملقب أيضاً ب”فارس السيف والقلم”، وإن سبقه بيت آخر يقول فيه “ومنْ مذهبي حبُّ الديارِلأهلها”؛ فالقصيدة كتبها في إمرأة أحبها من بنى عامر، إلا أن هذا البيت أصبح يستخدم دائماً للدلالة على إختلاف الأذواق، ولتبريرالمحبة والعشق والإهتمام بالأشخاص والأشياء المختلف عليها.
من المقولات التي توضح الإختلاف وتقره كأحد سنن الحياة خاصة في مجال البيع والشراء، إنه “لولا إختلاف الأذواق لبارت السلع”؛ لذلك لايجب أن تتعجب من لون الملابس أو طعم الأكلات، أوتصميم المنازل أو السيارات، أوحتى من إختلافات التطبيقات الإلكترونية، أوحب أشخاص وكراهية آخرين.
إقرأ أيضاً: سيدي الذوق !
أذكرفي الماضي كيف تأثرنا جميعاً بإصابة الملاكم الأمريكي محمد على كلاي بمرض الباركنسون، والذي شخص الأطباء سببه بأنه نتيجة لتعرضه للعديد من اللكمات من منافسيه، بالرغم من تفوقه عليهم في النهاية إلا أنه وطبقاً لحسابات وإحصائيات اللعبة نستطيع أن نقول أنه أكثر لاعب ملاكمة في العالم، تلقى أعنف ضربات ممكنة من أعتى اللاعبين، حتى من لعب أمامه مرة واحدة، فإنه تلقى ضربات محمد على مرة واحدة، أما هوفقد تلقى آلاف الضربات المماثلة.
في هذه الفترة أتذكر إننا قابلنا أحد مدربي الملاكمة الكبار، وتوجه إليه أحد الأصدقاء بسؤال استنكاري، وهو لماذا تقوم بتدريب اللاعبين على هذه اللعبة الخطيرة، ولماذا يقدم اللاعبين عليها إن كانت قد تؤدى بهم في النهاية إلى الإصابة بالشلل؟”.
أتذكر كيف حملق الرجل العجوز فينا ملياً، ثم قال “ولماذا لا تسأل من يحب أكل الشطة عن سبب حبه لها، رغم إنها تحرق لسانه ولسانه؟” كانت الإجابة قاسية مثلما كان السؤال هازئا، كان من الممكن أن يكون السؤال أكثر دبلوماسية كما كان من الممكن أن تكون الإجابة أكثر اقناعاً، ولكن في الواقع أرى أن في الإجابة بعض الوجاهة؛ فليس كل ما نحبه لا يخلو من أضرار دائماً، ولكننا نقارن ونفاضل بين البهجة والمتعة والضرر ثم نتخذ القرار، خاصة إذا لم يكن الضرر حاضراً بعد البهجة مباشرة.
هذا يجرنا إلى الحديث عن بعض المأكولات الشهيرة في بعض مناطق من العالم، والتي نراها غير معقولة بل وأحيانا مقززة؛ فعلى سبيل المثال يوجد نوع من الحساء يطلق عليه “شوربة الصحة” يعتبر هو الطبق الشعبي الأساسي، وللعجب فإنه عبارة عن حساء الكلاب، يوجد أيضاً “شوربة الخفافيش” أو”طبق الحشرات” في بعض من دول الشرق الأقصى، أوسيقان الضفادع في فرنسا.
إقرأ أيضاً: مدينة الفلاتر !
القائمة طويلة ومهما شعرت عزيزي القارئ بالاستغراب أوالقرف؛ فلابد من أن نعود إلى أبو فراس الحمداني ونعترف أن للناس فيما يعشقون مذاهب، وربما تكون لكمة من يد محمد على كلاي مقبولة نوعا ما عن إلتهام عدد من الصراصيرالمشوية يليها ملعقتين من شوربة الخفافيش الساخنة.
الكلمات المفتاحية
#ملاكمة بالشطة #الملاكمة #لاعبي الملاكمة # مدربي الملاكمة # الملاكم #أشهر ملاكم # محمد علي كلاي # مرض الباركنسون #محمد علي كلاي شلل #الأذواق #اختلاف الأذواق #لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع #زياد عبد التواب