إحتضن “المتحف الوطني للإثنولوجيا” Minpaku في أوساكا المعرض الفني “النقطة والخط : مسيرة جماليات الخط العربي”، الذي أقيم إحتفالاُ بالذكرى الـ50 لتأسيس المتحف.
وفي هذه المناسبة أجرت أذواق حواراً مع الدكتورة هاتسوكي أيشيما قوميسير المعرض والأستاذ في المتحف، وأيمون كرايل الأستاذ المشارك في جامعة غينت ببلجيكا.
وتناول الحوار نبذة عن المتحف ودوره في الثقافة اليابانية، و تفاصيل المعرض، و التعاون مع مؤسسة “القلم ” المصرية، و كيف يرى اليابانيون فن الخط العربي، وسبل نشره في اليابان.
وإلى نص الحوار
1ـ ما هو المتحف الوطني للأثنولوجيا في أوساكا و ما دوره في الثقافة اليابانية ؟
المتحف الوطني للإثنولوجيا، والذي يُعرف باسمMinpaku ، مؤسسة بحثية فريدة من نوعها تركز في علم الإنسان وعلم الأعراق البشرية الثقافي.
تأسس المعهد في عام 1974 كمعهد للأبحاث مشترك بين الجامعات اليابانية، وكان أساس المشروع والمجموعات المعرض العالمي في عام 1970 بأوساكا المشهورة ببرج الشمس، وهو بناء عال بتسميم الفنان المشهورتارو أوكاموتو.
وتم تنظيم هذا المعرض تحت شعار “التقدم والتوافق للإنسانية” وكانت الفكرة وراءه تجميع حكمات كل شعوب العالم في مكان وحيد من أخل تحفيز الابتكار.
وكان جزء من الفريق وضع الأفكار المحورية للمعرض الأستاذ في الاثنولوجيا بجامعة كيوتو تاداو أوميساو.
وهو ما أسفر عن إنطلاق بعثات علمية لكل أنحاء العالم؛ لتجميع أغراض تمثل ثقافات الشعوب المختلفة.
وهكذا تكون أساس مجموعات المتحف، وما زالت عمارة المتحف في وسط الحدائق الجميلة لمعرض 1970.
إنه أكبر متحف أثنولوجيا في العالم الذي تم إنشاءه في النصف الثاني من القرن العشرين، و يعمل في المتحف ما يقرب 50 موظف أكاديمي.
ويمثل مأسسة بحثية كبيرة مكان هام لنشر المعرفة عند الجمهور الياباني؛ لتنوع أنماط الحياة عبر العالم وثروة الإنتاج الثقافي لشعوبه.
إقرأ أيضاً : كتاب الميلاد..السعداوي يروي حكاية التجريب والإنبعاث المسرحي في البحرين
ـ ما سبب اهتمامكم بتنظيم معرض للخط العربي في هذه المناسبة؟
نظم المعرض بمناسبة ذكري الإحتفال بمرور خمسين سنة علي تأسيس المتحف.
وكان الخطاط العراقي المشهور حسن المسعود قد أهدى المتحف بهذه المناسبة 60 لوحة أصلية من تكوينه في عام 0222م.
واستلهم هذا الفنان الكبيرالمقيم في فرنسا منذ عام 1969م الخط الياباني؛ لتطوير أسلوبه الخاص في الخط الذي أسس شهرته.
واستضاف المتحف حسن المسعود سابقاً، واعتز الفنان الخطاط بذكرى هذه الزيارة.
و منذ ذلك الوقت نظمنا المعرض الخاص عن الخط العربي؛ لتعريف الجمهور الياباني بالدور الثقافي والاجتماعي والتاريخي للخط العربي.
وتطور المشروع من عرض أعمال حسن المسعود لمعرض أوسع النطاق وأكثر طموحا يوضّح للجمهور الياباني ما هي الكتابة العربية، و ما مدى اتشارها عبر العالم في البلدان العربية وخارجها.
وكذلك يبرز الاستخدامات المختلفة للخط العربي عبر التاريخ، والأقلام الستة الكلاسيكية للخط العربي، وبعض التجارب العصرية مع الحرف العربي في الفن.
فجمّعنا لهذا القصد أغراض من دول مختلفة، منها مصر وفلسطين وإيران والملديف على سبيل المثل.
ـ ماذا يمثل الخط العربي بالنسبة لليابانيين ؟
ـ إن الخط العربي وسيلة قيمة للمقاربة من جماليات تختلف عن المراجع العادية لأغلبية اليابانيين ولاكتشاف لمعايير جديدة في الفن .
وأيضاً لفهم وترسيخ الخط في سياقه الثقافي والاجتماعي الخاص به، ومثلا، نهتم بالبحث في كيفية تغيير وسائل الإعلام للدو الاجتماعي للخط العربي.
اليوم، نتواصل بشكل متزايد رقميًا ونكتب أقل باليد وهذا له تأثير ملموس على علاقة الناس للخط وإحساسهم بجمالياته.
وهذا المعرض الفني هو أول معرض يركز على الخط العربي في اليابان.
ـ ما هي أهم محتويات معرض “النقطة والخط : مسيرة جماليات الخط العربي” وكم عدد الأعمال التي يضمها تقريبا؟
تُعرض 138 قطعة بما في ذلك 22 لوحة فنية أصلية. نعرض أيضأ فيديوهات وصور لإظهار الأدوار الاجتماعية والثقافية للخط العربي.
ويضم المعرض لوحات كبيرة للخطاط الياباني فؤاد كويشي هوندا الذي أصبح مشهورا عند الخطاطين العرب.
ولكنها المرة الأولى التي دخلت لوحاته مجموعات متحف في اليابان.
وهناك أيضا أعمال من الخطاطين المصريين الكبار مثل صلاح عبد الخالق وأحمد فهد وعبده الجمال ومحمد حسن ووليد حسن وجمال محمود وحمادة فايز. وعرضنا أيضا أعمال للفنانة البولندية المقيمة في مصر أيزابلا أخمن التي تستتخدم الحروف العربية والهيروغلبفية في لوحاتها. علاوة على أعمال حسن المسعود المذكورة من قبل. تعرض أدوات وأوراق للخط العربي.
كما تعرض أغراض مزدانة بالخط العربي مثل أفيشات سينما وجرائد من سبعينيات وثمانينات.
وهناك مانتشيت مثلا كتبها الخطاط المشهور محمد حمام في 1974 عندما كان في ليبيا التي وجدنا في مجموعات المتحف، وكان هذا الفنان الذي توفى في 2020 ، و قد درس أيمون كرايل الأستاذ المشارك في جامعة غينت ببلجيكا الخط عنده، وكان وجود هذا المانشيت في مجموعات المتحف صدفة جميلة جدا لنا.
ـ كم دولة تشارك في معرض “النقطة والخط : مسيرة جماليات الخط العربي” ؟
ـ يشارك فيه فنانون من اليابان، ومصر، وإيران، وعراق، وبولندا وباحثين من اليابان وبلجيكا والولايات المتحدة.
وساعدتنا جمعيات مثل “جمعية القلم” و”دار مداد” في مصر، فضلاً عن “الجمعية اليابانية للخط العربي” في تحضيره، وفي تجميع الأغراض، وتنظيم ورش الخط العربي في المعرض.
إقرأ أيضاً : معرض أنا وبناتي… تجربة مُلهمة تجمع نحاتاً مصرياً وإبنتيه
ـ كيف ترين فن الخط العربي؟
إن الخط العربي فن لا مثيل له في قدرته التعبيرية، ويعتمد على مقاييس ثابتة يعبر عبرها الخطاط عن رؤيته في الجمال.
ويكتسب الخطاط مهاراته بتضريب مستمر ليده ونفسه وبصرته وبمعرفة دقيقة للغاية لأدواتة، أي القلم والحبر والورقة.
وعلاوة على ذلك يعيش هذا الخطاط في سياق معين.
وكان هناك دورا اجتماعيا واسعا للخطاطين قبل انتشار الطباعة وزمن الرقمنة، وكان هناك للخطاط مكانة اجتماعية قلت نسبيا اليوم.
ولهذا السبب من الممكن القول بأن الخط العربي من جهة لغة فنية عالمية يتيح للناس من الثقافات المختلفة الإرتباط بجماله بطريقة ما دون شرح.
ومن جهة أخرى فهو يجسد منظور خاص للجمال وتعبير عن سياق تأريخي، ثقافي واجتماعي معين لا بد من شرحه لفهم معنى الخط وتقدير أعماله.
وهذا الشرح عن جماليات الخط وعن سياقه هو الذي حاولنا أن نوفره لزائري المعرض.
إقرأ أيضاً : “إحتفالية القرد والحمار” … معرض جديد لصلاح المر بغاليري”بيكاسو”
ـ هل هناك فنانون يابانييون يهتمون بهذا الفن ؟
نعم. وقد حقق هذا المعرض نجاحًا كبيرا عند الجمهور كما يبان على شبكات التواصل الاجتماعي اليابانية منذ أول يوم المعرض.
واكتشف اليابانيون جماليات الخط العربي بعد أن كانت معرفتهم بهذا الفن محدودة للغاية.
وهناك اختلافات جسيمة بين الخط العربي والخط الياباني لأن الخط الياباني يكتب بالفرشة وغالبا بحركات سريعة.
وتعتبر لوحة خط ياباني تعبير عن اللحظة الفريدة الذي تم تكوينها وهكذا تختلف كتابة كلمة وحيدة من لوحة للأخرى.
وأما الخط العربي عكس ذلك تماما فيعتمد على مقاييس ثابتة.
ويسمح الخط العربي ب”ترتيش” الأعمال؛ لتصحيح المقاييس الحروف إذا أخطأ الخطاط فيها أو من أجل تجميل الخط.
ـ كيف ترون مستقبل الخط العربي في اليابان ؟
وهناك فضول ملموس عند بعض الخطاطين اليابانيين للخط العربي التى نتمنى أن تسمح تبدل مزايد في المستقبل بين فنانين عرب ويابانيين.
وهناك طبعا الجمعية اليابانية للخط العربي التي تجسد هذا الاهتمام بالخط العربي في اليابان.
ونأمل أن يساهم المعرض بهذه طريقة في التقارب بين الشعوب بمنح إحساس بالجمال مشترك يعتمد على فهم دقيق لمقاييس الجمال عند الثقافات الأخرى.




