بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
على غرار رواية “مدينة البهائم” للكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي والتي تدور أحداثها حول الطفل ألكسنادر الذى تضطره الظروف إلى مرافقة جدته في رحلة استكشافية في غابات الأمازون لرصد حياة أحد الحيوانات الغريبة أطلق عليها “البهيمة” في أحد التراجم، وأطلق عليها “وحش” في تراجم أخرى، جعلت اسم الرواية “مدينة الوحوش”، التي قادتني اليوم إلى ظاهرة الإفراط الشديد في استخدام الفلاتر Filters المتاحة في الهواتف الذكية، وداخل تطبيقات التواصل الإجتماعي المختلفة.
إقرأ أيضا : سيدي الذوق !
هذا الإفراط في الاستخدام وخاصة بواسطة الجنس اللطيف يصيبنا بحالة حقيقية من الحيرة، فأسمر اللون يستطيع ان يتحول إلى شخص أوروبي، وصاحبة الوجه الشاحب تتحول إلى فتاة مكتملة الصحة والنضارة، حمراء الخدين.
ولا يتوقف الأمر عند “الدموية” في الوجوه، وحسب بل يتخطاها إلى لون العينين والشعر وطول القامة وإمتلاء القوام، أورشاقته، وفي بعض الأحيان يتحول التطبيق المستخدم إلى جراح تجميل؛ فيقلل من حجم الأنف، ويزيد أويقلل من إستدارة الوجه، مع إمكانية إضافة غمازتين وطابع الحسن، ثم يتحول إلى طبيب أسنان يقوم بتغييرالأسنان الحقيقية إلى”صفين لولي” ناصعين البياض.
إقرأ أيضا : رائحة الجوافة وأنوف لاتشم !
ما هي المشكلة إذن في استخدام الفلاتر للتسلية والمرح؟، الإجابة: لا توجد أي مشكلة على الإطلاق إذا تم استخدامها لذلك تماماً مثلما كنا نقف أمام المرايا المقعرة أوالمحدبة، ونضحك لدقائق، ثم نعود إلى أحجامنا الطبيعية مرة أخرى.
المشكلة تكمن في أن البعض – ولا أقول الغالبية- لا يكتفي بشكله الطبيعي، بل يعتمد استخدام تلك الفلاتر دائماً و يروج لنفسه في الثوب الجديد، لدرجة إننى في كنت أتجول في أحد المعارض حينما استوقفتنى فتاة وقامت بالسلام علي بحرارة، و لم أتعرف عليها حتى بعد أن قالت لى اسمها.
وبعد أن انصرفت قمت بالبحث عنها فوجدتها صديقة لى على تطبيق الفيسبوك، وهنا لم أتمالك نفسي من الضحك؛ فالفارق بين شكلها الطبيعى و صورتها على هذا التطبيق كالفارق بين السماء والأرض.
الأمر قد يبدوا بسيطا و لكن ومع كثرة استخدام تلك الفلاتر فإن الأمريتعدى مجرد التجربة البسيطة إلى آفاق أخرى من عدم الرضا عن النفس، ومن الخداع والزيف، وهو ما يؤثرحتماً على الحالة النفسية والسلامة العقلية لكلا من صاحب الفلتر والجمهور المتلقي على حد سواء!.
#زياد عبد التواب #مدينة الفلاتر # رواية “مدينة البهائم ” #تطبيقات التواصل الإجتماعي
#الهواتف الذكية