بقلم : . عاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة
تظهر بين الأشقاء في بعض مراحل العمر المجادلات والتشاحن وأحيانا الشجار، وربما قدر من الحقد والعدوان، وقد تنزعج الأسرة من حدوث مثل هذه المشاعر و السلوكيات بين الأشقاء، ولكن الحقيقة أن المشاحنة بينهم تعتبر مرحلة طبيعية من مراحل النمو ، ولكن في الوقت نفسه على الأسرة أن تحد منها وتدير هذا الأمر بحكمة؛ حتى لا يتطور إلى شعور دائم بالعداء.
وقد تندهش لو علمت أن هذه المشاحنات قد يكون لها بعض الجوانب الإيجابية !؛ حيث أنها تعود الأبناء على الدفاع عن حقوقهم والتعبير عن مشاعرهم، واكتساب القواعد والتعرف على القيم والعادات والتقاليد الحاكمة في المجتمع، ولكن يبقى السؤال ما هي أسباب هذا السلوك وكيف يمكن للأسرة أن تديره بحكمة؟.
قد يهمك أيضا : حررطاقاتك الإبداعية (azwaaq.com)
أما عن الأسباب فتتمثل في إنها قد تكون رغبة كل ابن في الاستحواذ على الوالدين والإنفراد بمحبتهما؛ وذلك لأن الوالدين يعتبران مصدراً أساسيا للطمأنينة والشعور بالأمن النفسي والحصول على حاجة الطفل من الاهتمام والحب.
أيضا قد تنشأ الصراعات؛ نتيجة الاحتكاك والتنافس في اللعب وغيرها من الأنشطة الاجتماعية؛ فمن المعروف أن الصراعات توجد حيث توجد التجمعات، لكن قد يولد الصراع نتيجة بعض السلوكيات غير التربوية التي قد يظهرها الوالدان أو أحدهما والتي تتمثل في سوء معاملة أحد الأبناء أو تفضيل غيره عليه أو القسوة أو الإهمال أو عدم المساواة بين الأبناء.
وقد يؤدي قصور قدرات بعض الأبناء وعدم قدرتهم على مجاراة أشقائهم في مهاراتهم إلى أن يصبحوا أكثر عدوانية، كما أن التضييق على الأبناء وعدم منحهم الفرصة الكافية للتعبير عن مشاعرهم والتنفيس عن إنفعالاتهم يدفعهم إلى المشاجرات كنوع من التنفيس عن هذا الكبت للغضب و المشاعرتجاه أحد الوالدين.
و يمثل إرهاق الأبناء بكثرة التعليمات وكثرة الطلبات وتحميلهم مسؤوليات لا يطيقونهاو عدم وجود فارق كبير في العمر بين كل ابن وشقيقه فالتقارب في المستوى العمري يزيد من فرص تواجد هذا السلوكوكذلك عدم وجود نظام واضح وقواعد متفق عليها للتعامل بين الأبناء ذلك كله يمثل جوانب أخرى للمشكلة.
وللتعامل مع هذا السلوك بحكمة والتخلص من آثاره السلبية ينبغي مراعاة مجموعة من الإجراءات وهي تحقيق أكبر قدر من المساواة والعدالة بين الأبناء، وعدم تفضيل أحدهما على الآخر، أو مقارنتهم ببعضهم البعض، ومعاملتهم جميعاً بلطف وجعلهم يشعرون بالقدر نفسه من المحبة والاهتمام.
قد يهمك أيضاً: ألم…جارة القمر (azwaaq.com)
ولايقل أهمية عن ذلك مراعاة الاختلاف بين الأبناء في القدرات والاحتياجات وإتاحة أكبر قدر من المرونة في توزيع المهام والمسؤوليات وأيضاً في تقديم المساعدة واختيار الأنشطة المناسبة والالتزام بالقواعد وفقا للقدرات الخاصة بكل طفل؛ فلا ينبغي أن يتم إلزام الجميع بمهمة قد لا يستطيع بعضهم القيام بها؛ ولذلك فإن مراعاة الفروق الفردية أمرمهم حينما تضع القواعد وحينما يطبقها الأبناء.
كذلك عليك أن تشجع أبناءك على احترام خصوصية بعضهم البعض، وأن تجعل لكل منهم وقتا منفردا تقضيه معه، وتظهر له قدرا من المحبة الفردية والحديث الودي الهادىء وتقدم له فيها النصائح بشكل منفرد بعيدا عن الآخرين.
كذلك عليك أن تعزز تفرد أبناءك وامنحهم الفرصة لاكتساب خبرات بشكل منفصل، وساعدهم على تطوير قدراتهم الخاصة، وقم بمساعدتهم على تحديد أهداف مشتركة يجتمعون على تحقيقها، واترك لهم الفرصة لوضع الخطط لتنفيذها وتوزيع المهام وفقا لقدرات كل فرد منهم واكتف بالتوجيه دون التدخل بشكل مباشر.
وعليك أيضا أن تضع قواعد واضحة ونظاما للتعامل بين الأفراد داخل الأسرة، واجتمع في نهاية كل يوم مع أفراد أسرتك لمتابعة الالتزام بالقواعد وإجراء المناقشات الهادئة حول مستقبل الأسرة واهتمامات كل فرد فيها وإنجازاته وخططه وأهدافه، على أن تخصص وقتا مع أسرتك للأحاديث العابرة غير المخطط لها والتي لا تتعلق بشىء ثابت.
قد يهمك أيضاً كيف تتعامل مع الآخر ؟! (azwaaq.com)
ويُعد إجراء عصف ذهني للحديث الحر وإظهار المشاعر المختلفة بدون تحفظات أو خوف أو خجل أمر ضروري كذلك، وعلم أبناءك قيم الإيثار والتضحية والتعاون فذلك مهم لتسود المحبة بينهم، ولا تسمح أبدا بانتشار السلوكيات السلبية كالوشاية والإغاظة وغيرها، ولاتنسى أنه ينبغي أن يكون الوالدان قدوة لأبنائهما؛ فالطريقة التي يتعامل ببها الوالدان تنتقل إلى الأبناء ولذلك يجب أن تكون العلاقة قائمة على الحب والاحترام والتكامل والتعاون.