يتناول الكتاب الصادر للدكتورة هبة أحمد يس أستاذ تاريخ الأزياء جامعة حلوان تاريخ الأزياء في حُقْبة أسرة محمد على باشا (1805 – 1952م) في أزيائها المدنية والعسكرية؛ ويكشف عبرأسلوب علمي وسرد شيق أن الأزياء في هذه الفترة برزت بأشكال تنم عن بداية حقبة جديدة ونهاية حقبة أخرى، كمايعكس ما طرأ على الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية والثقافية من تغيرات جذرية؛ فقد كان تكوين الجيش المصرى لأول مرة في تاريخها الحديث على يد محمد على باشا، وفى عصره كان بداية لهذه التغيرات في الأزياء العسكرية والمدنية على السواء.
يذكر أن أسرة محمد على باشا الكبير مؤسس الدولة المصرية الحديثة حكمت مصر قرابة قرن ونصف من الزمان، ويُعد عصر محمد على باشا بصفة خاصة وعصر الخديو اسماعيل بداية لحضارة وعصور جديدة تماما متطورة في كل جوانب الحياة ومظاهرها.
ومن خلال صفحات الكتاب نتعرف على تأثير العديد من العوامل والأحداث التاريخية على الأزياء في هذه الحقبة، ومن ذلك افتتاح قناة السويس للملاحة العالمية سنة 1869م في عصر الخديو اسماعيل وما صاحبه من جهود عمران وتنمية من مد سكك حديدية لأول مرة في تاريخ مصر وإنشاء المتحف المصرى والأوبرا والمتنزهات وبناء مصرالحديث كقطعة من أوروبا كما أرادها الخديو، استعدادا لاستقبال ضيوف مصر الإمبراطورة الفرنسية أوجينى وملوك أوروبا في مصر، فوفق ماجاء في الكتاب جسد ذلك كله بداية أخرى سطرت من جديد لحقبة أخرى في تاريخ الأزياء وتطورها في مصر.
كما كان لعصرالخديو توفيق والاحتلال البريطاني سطر آخر من تحول الأزياء في مصر، بل والعادات والثقافة والتقاليد ما أثر بشكل مباشر على الأزياء، وكانت عصور الملك فؤاد والملك فاروق فارقة في بداية تمثيل المرأة في المحافل الدولية والمؤتمرات ودخولها الجامعة وخروجها للحياة العملية؛ فتغيرت نظرة المجتمع لها ولوظيفتها كعضو مثقف واع له تأثيره في المجتمع المصرى.
يٌذكرأن الدكتورة هبة أحمد يس هي أول باحث مصري يتناول موضوع ملابس الجيش المصري منذ عصر محمد علي باشا إلى نهايات القرن العشرين، وكان ذلك من خلال رسالة الماجستير الخاصة بها في مارس (آذار) 1997، كما تُعد أيضاً الباحث الأول الذي تناول بالدراسة طرز الأزياء التاريخية في مناسباتها الاجتماعية والطبقية من عصر الخديو إسماعيل إلى نهاية عصر الملك فاروق، وذلك من خلال رسالة الدكتوراة الخاصة بها في ديسمبر(كانون الأول) عام 2001 .
%20azwaaq%20(7).jpg)
أول دراسة علمية للأزياء والموضة خلال هذه الحقبة الزمنية المهمة من تاريخ مصر (أذواق)
كتاب “ تاريخ الأزياء في حقبة أسرة محمد علي باشا” ..توثيق للموضة والتغيرات
تقول الدكتورة هبة ل”أذواق” :”أسعدنى إنني كنت أول باحث مصري وثقت تلك الحقبة الكبيرة والتي تحمل التغيرات والبدع والموضات في الأزياء الخاصة بحقبة أسرة محمد على باشا – عسكرية ومدنية – في رسائل وبحوث علمية محكمة، و كان ذلك بين عامى 1997م، 2001م، فكانت الماجستير (ملابس الجيش المصرى منذ تولى محمد على حكم مصر حتى اليوم – دراسة تاريخية فنية) حيث كنت أذهب إلى الكلية الحربية ترتعد قدماى في هذه الفترة التي لم يكن للمرأة أن تدخل هكذا مكان، وكم كنت أقف من شرفى مكتبة الكلية أشاهد طوابير العرض عن كثب وما تراه العين من جمال الأزياء العسكرية للأسلحة المختلفة”.
وتتابع :” ولكم كان الترحيب عظيما؛ فقد كنت أول باحث في ذلك الجانب كما ذكرت، إلا أن العقبات كثيرة مما لا شك فيه فأى أماكن عسكرية طرقها ليس بالأمر اليسير، إلا أننى حظيت بمعاونة كثير من ضباط الكلية الحربية وقتها، أذكر منهم مقدم (وقتها) إسماعيل شنجر رئبس المكتبة، وبالطبع مدير الكلية وقتها كل ممن شكرت معاونتهم لى في رسالتى أسمائهم”.
وتضيف د.هبة قائلة:” ووثقت أيضاً كثير من عملى من خلال سجلات دار الإمداد والتموين والمتحف الحربى بالقلعة ومكتبته، وكذلك متاحف قصورعابدين والمجوهرات الملكية، كما كنت أول باحث مصرى تناول بالدراسة العلمية الأكاديمية طرز الأزياء التاريخية فى مناسباتها الاجتماعية والطبقية من عصر الخديو إسماعيل إلى نهاية عصر الملك فاروق الأول، وذلك من خلال رسالة الدكتوراة (طرز الأزياء فى مصر من عهد الخديو اسماعيل حتى نهاية عصر الملك فاروق – دراسة تاريخية تحليلية). ثم استكملتها ببحوث في عامى 2002م، 2006م. لتكون دراسة تلك الفترات المحددة بالكتاب حلقة اتصال بين ما قبلها من الفترات التى سبقت بالدراسة ومحددة لما تلاها، وتفيد المكتبة العربية وللباحثين”.
فصول” تاريخ الأزياء في حقبة أسرة محمد علي باشا.. (1805ـ 1952م)”
وينقسم الكتاب الذي يضم 471 صفحة إلى بابين رئيسيين وعدد من الفصول، حيث تناول الباب الأول الأزياء في عصر الدولة العثمانية – الحملة الفرنسية كخلفية أساسية، بينما تناول الباب الثانى: الأزياء في حقبة أسرة محمد على وضم عدد من الفصول.
وتناول الفصل الأول في هذا الباب ملابس الجيش المصرى في حقبة أسرة محمد على، و بدأ بدراسة لأهم العوامل والمتغيرات التى أثرت فى الأزياء المدنية والعسكرية (ملابس الجيش) فى مصر حقبة أسرة محمد على باشا من الأحوال السياسية والاقتصادية فى مصر، كما تناول الرتب العسكرية في الجيش المصرى في عصر محمد على وخلفائه وعلاقتها بالزى العسكرى وأثر تكوين الجيش والبحرية المصرية على المجتمع وتطور الأعلام في مصر في حقبة أسرة محمد على باشا كونها كانت أحد الرموز لشعار الدولة، والتي كانت تنقش على أزرار سترة الضباط في ملابسهم وملابس التشريفات خاصة.
قد يهمك أيضا : “جدتي وأمي وأنا” … سردية تكشف تجارب ثلاثة أجيال من النساء العربيات (azwaaq.com)
ومن ثم تناول ملابس الجيش المصرى في تلك الحقبة متضمنا كسوة التشريفة وتاريخها فى عصور أسرة محمد على باشا وترتيب الأوسمة للعسكريين على كسوة التشريفة، ثم وصفا لكسوات التشريفة بالنسبة للحكام أنفسهم في أسرة محمد على باشا، وتلك الخاصة بالضباط في عصور أسرة محمد على باشا، كما تضمن ملاحظات وتعليق الكاتبة الباحثة على ذلك، وشمل الفصل عدداً من اللوحات والرسوم والنماذج الخاصة بتلك الأزياء التي أعدتها الكاتبة الباحثة.

الكتاب يتضمن عرض مفصل للأزياء في تلك الفترة (أذواق)
أما الفصـل الثــانى الذي تطرق إلى الأحوال الاجتماعية والأزيــاء المدنيـة للرجال والنساء في عصر محمـد على باشـا إلى نهاية حكم الوالى محمد سعيد باشا، وأطلقت عليه د. هبة يس (عصر الولاة .. من 1805 – 1863م ) فقد شمل أثر تنظيم الجيش في عهد محمد علي باشا في تغيير الملابس وتحديثها ثم تضمن عرضا مفصلا لأزياء الطبقات المختلفة من المجتمع المصرى في تلك الفترة، كما شمل عددا من اللوحات أيضا بشروح مرفقة لتوضيح أجزائها.
وكان الفصـل الثــالث للأحوال الاجتماعية والأزيــاء المدنيـة للرجال والنساء في عصر في الحقبة الخديويـة كما أسميتها من عصر الخديو إسماعيل إلى نهاية عصر الخديو عباس حلمى الثانى والسلطان حسين كامل 1863 – 1917م. وبدأ باستعراض ما كان من نهضة عمرانية وثقافية واجتماعية في عصر الخديو إسماعيل
وطبقات المجتمع المصرى في هذه الفترة القصيرة ثم عرض مفصل للأزياء في تلك الفترة والتطور الذى طرأ على أزياء الرجال والنساء في عصر الخديو اسماعيل، وحتى نهاية الحقبة الملكية شاملا بروتوكول الأزياء الرسمية للرجال منذ عصر الخديو اسماعيل إلى نهاية العصر الملكى متضمنا عداا من اللوحات الشارحة لذلك.
قد يهمك أيضا : ماذا تقرا هذا الأسبوع ؟ (azwaaq.com)
وتناول الفصل الرابع والأخير من الكتاب الصادر عن “دار القدس للنشر والتوزيع” الأحوال الاجتماعية والأزياء في العصر الملكي عصرالملك فؤاد الأول – الملك فاروق الأول، وجاء تحت عنوان (الحقبة الملكية .. 1917 – 1952م.) وفيه استعرضت الكاتبة طبقات المجتمع المصرى في تلك الفترة، والرتب المدنية والألقاب التي شاعت في العصر الملكى وقواعد البروتوكول في تلك الفترة، ومن ثم عرضت الأزياء في هذه الفترة بدايةً بأزياء الملوك والملكات والأميرات، وتتبعهن للموضات، كما سبق إليها الرجال في تلك الفترة ثم ذيلت ذلك بتحليل الكاتبة للتغيرات التي طرأت على الأزياء في الفترة الملكية وصحب الفصل عددا من اللوحات أيضاً.
مما يكسب الكتاب المزيد من الأهمية والخصوصية هو احتوائه على بعض النماذج التي أعددتها الباحثة لأبرز الأزياء في تلك الحقبة، وشمل عددا من المراجع بلغت المائتى مرجع ومصدر، وعددا من الروابط المهمة على الإنترنت التي تعرض لتلك الفترة.