عندما يلمس الفن روح الأمة وسط زحام الحياة، وصخب الشاشات، إنه برنامج ” قطايف سامح” الذي أعاد للناس شيئاً افتقدوه طويلاً.
إنه الفن الذي يخاطب الروح قبل العقل، والرسالة التي تدخل القلوب بلا إستئذان، والتأثير الذي لا يحتاج إلى ضجيج ليحدث فرقاً.
إقرأ أيضاً للكاتب : مفارقات الحياة .. حين تصبح البساطة معقدة !
إنسانية “قطايف سامح”
و لم يكن ” قطايف سامح” مجرد برنامج رمضاني، بل حالة إنسانية متكاملة، نجدها تجسّدت في صورة حلقات قصيرة.
لكن امتد البرنامج عميقا في وجدان المصريين، حتى أصبح حديث الكثيرين.
وسامح حسين الفنان الذي اعتاده الجمهور خفيف الظل خرج عن الإطار المألوف، ليقدم الفنان عملاً مختلفاً لا يعتمد على الكوميديا أو الدراما التقليدية.
مفاهيم منسية
بل يقوم برنامج “قطايف سامح” على الصدق بكلمات بسيطة، وإحساس حقيقي، و فتح نوافذ الوعي، وأعاد البرنامج تعريف المفاهيم المنسية.
لم يكن سامح حسين يتحدّث إلينا من وراء الكاميرا، بل جلس معنا في بيوتنا حدّثنا بلغة تُشبهنا.
وأعاد الفنان إلينا دفء الذكريات حين كنا نسمع نصائح الجدات وحكايات الزمن الجميل.
لماذا لمس “قطايف سامح” قلوب المصريين بهذه القوة؟ لأن البرنامج لم يكن عملاً مصنوعاً لإبهار العيون، بل لإيقاظ القلوب.
البرنامج يخلو من التعقيد و الوعظ المباشر
لم يحمل البرنامج في طياته تعقيد الخطاب الديني، ولا افتعال الدراما الوعظية، بل جاء كرسالة صافية تُذكّرنا دون أن تعاتب.
وتوجّهنا دون أن تُشعرنا بالذنب، عبر حلقاتٌ قصيرة، لكنها تحمل دروسا عمرها قرون، و مفاهيم نعرفها لكننا تجاهلناها مع الزمن.
ومن ذلك الصدق، والأمانة، والكلمة الطيبة، ومعنى أن تكون إنساناً سوياً.
وذلك لأن الشعب المصري بطبيعته عاطفي يتأثر بالصدق، أكثر من أي شيء آخر، وحين يرى نفسه في مرآة الفن، يتوقف، ويتأمل.
ويسأل أيضاً: هل ما زلنا نحمل هذه القيم؟هل فقدنا ما كان يميّزنا؟ الأسئلة التي طرحها البرنامج لم تكن مباشرة.
إقرأ أيضا للكاتب :هل تحقق التوازن بين حياتك الرقمية وحياتك الواقعية؟!
رسائل قطايف سامح
لكن هذه الإسئلة تسللت إلى العقول دون أن نشعر، و جعلتنا نعيد التفكير في تفاصيل يومية كنا نظنها عادية .
وهي في الحقيقة هي ما يُشكل هويتنا ؛ ولذلك لم يكن غريبا أن يتحوّل البرنامج إلى ظاهرة مجتمعية تدور حولها بعض نقاشات العائلات.
الكلمات التي قالها سامح حسين أصبحت رسائل يتناقلها الناس فيما بينهم، وكأنهم يذكّرون بعضهم بأن الخير لا يزال موجوداً.
وأن الرُقيّ كذلك ليس قديماً، انتهى زمنه، بل الرقي هو أصل يمكننا استعادته متى أردنا.
تكريم البرنامج
والتكريم الذي حصل عليه سامح حسين من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يكن مجرد تقديرٍ لفنان قدّم عملا ناجحاً بل كان اعترافا رسميا بأن الفن الهادف لا يزال له مكان.
وأن التأثير الحقيقي لا يُقاس بعدد المشاهدات فقط، بل بما يتركه في النفوس، وكان رسالة لكل من يعمل في المجال الفني والإعلامي.
إن مفاد هذه الرسالة هو أن المحتوى الجيّد ليس رفاهية، بل ضرورة، وأن الوجدان الجمعي يمكن أن يُبنى أو يُدمّر بما نقدّمه للناس.
وكان السؤال الأهم: ماذا بعد؟ هل كان “قطايف سامح” مجرد لحظة تأمل عابرة؟
أم أن البرنامج استطاع أن يغيّر شيئا في طريقة تفكيرنا؟.
هل سنتذكر هذه القيم بعد أن ينتهي رمضان أم أنها ستتلاشى وسط زحام الحياة مجددا؟.
الأثر الحقيقي لقطايف سامح
إن الأثر الحقيقي لا نقيسه ما حدث خلال عرض البرنامج بل بما سيبقى بعده.
وبما سيتحوّل من كلمات إلى أفعال، ومن لحظة تأثّر إلى أسلوب حياة.
ومن هنا يمثل “قطايف سامح” درسا في أن الفن يمكنه أن يكون مرشدا روحيا، و أن يضيء الفن زوايا مظلمة في النفس.
إن البرنامج يُعيد إلينا ما فقدناه دون أن نشعر، ربما تنتهي الحلقات، لكن الرسالة ستظل حيّة لدى كل متلقي أدرك معناها.