سألنى تلميذ فى الصف الثالث الإبتدائي (فى الوقت الذى كنت أعمل فيه مُعلمة)، ما الذى يفتقر إليه هذا العالم؟ تعجبتُ كثيرا من عمق السؤال رغم صُغر سنه، وأجبته: ربما للأدب، للأخلاق، للعلم !! لم أكن أملك إجابة محددة؛ فسألت نفسى بعدها عدة مرات .. ما هو الشيء الذى يفتقرإليه هذا العالم حقاً؟. ولم أصل إلى إجابة مرضية بالنسبة لي.
..وبمرورالوقت والأزمات والسقطات والنجاحات في مشوار حياتي، علمتُ أخيراً أن الإجابة هى “الصدق”
هذا العالم يفتقر إلى الصدق!..
نفتقر إلى الصدق فى التعامل مع الذات!.. لدرجة تجعل أغلب البشر يصعب عليهم أن يعرفوا من هم ومن فيهم وجههم الحقيقى.
و… نفتقر إلى الصدق فى الموسيقى! … صدق الحب، وصدق التعبير، وصدق الكلمات… الكلمات التى تحرك الثواروالعمال والكتاب والفلاحين والعلماء والجنود؛ لأنها صادقة نابعة من القلب؛ فتصل بسهولة لكل قلب..
لنلق نظرة على ماضينا ونرى كلمات الشاعر الكبير حسين السيد فى أشهر أغانيه ” عاش الجيل الصاعد” :
عاش الفن حضارة لأمة يبنيها الفنان
يروي حياتها في غنوة في كلمة في صورة بروح وإيمان
قلبي وروحي ملك لفني والإتنين لبلادي هدية!
العلم ســـــــلاح جبار بيحول ليلنا نهار
يسعى للنوربالنور ويواجه النار بالنار
إلى أى مدى نستطيع أن نصدُق فى التعبير الآن؟
و كيف نصدُق فى شىء لا نشعر به! .. هل لازلنا نشعر أن الفن حضارة والعلم نور؟! إذاً أين الحضارة وأين النور؟!.
لا أرى أبدا العازفين فى مكانة تليق بأهمية دورهم فى المجتمع، ولا أرى المعلم المستحق فى مكانه الصحيح! المعلم لم يكن أبداً مسئول عن طالب فحسب، بل مسئول عن تنشئة أجيال كاملة.. بيده أن يصلحها أو يفسدها، وذلك متوقف على دوافعه ونواقصه ومدى أتزانه النفسى ! نعم.. الموضوع فى غاية الخطورة، لذلك يجب أن نسلط الضوء أكثرعلى المعلمين. وأما عن العازفين فهم الرقى والجمال ومصدر البهجة فى هذا العالم. فكيف لا نهتم بهم ولا نسلط الضوء عليهم ولا نهتم أن نعلم الموسيقى الراقية لأولادنا! وإن كانت أنتشرت معاهد تعليم الموسيقى فى الأونة الأخيرة، فأتمنى من كل قلبى أن تكون هذه بذرة الأمل التى سنحسن زرعها لنصبح فى مكانة تليق بقيمة مصر وفنها العظيم.