بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
خلال إحدى اللقاءات الجماهيرية توجه أحد الحضور بسؤال إلى المنصة يريد أن يعرف فيه ما هي جهود الدولة في مجالي الذكاء الإصطناعي والأمن السيبراني، و في لقاء آخر قامت إحدى السيدات، وبدأت بإلقاء اللوم على كافة المؤسسات؛ لأنها لا تقوم بدورها المطلوب في نشر الوعي، بمخاطر الأمن السيبراني، وطالبت بالمزيد من اللقاءات والحملات التي تتحرك بعيداً عن العاصمة، وتلتقي بالجمهور في كافة المحافظات الأخرى، واستعرض اليوم في أذواق موقفي من هذه الشخص السائل عن التعريف بالذكاء الإصطناعي والأمن السيبراني.
مصادر المعلومات و المعرفة
وفي كلا اللقاءين بدأ المتحدثون في التبرير والإعتذار، وفي استعراض الجهود المبذولة، وهنا وجدت أن الأمرلا يجب أن يكون كذلك، لكني من جهتي أمسكت بدفة الحديث، موجهاً اللوم إلى السائل نفسه!؛ حيث اتهمته بعدم الإهتمام بالأمر؛ إذ أن العصر الحالي يختلف تماماً عن عقود الستينيات مثلاً، حينما لم تكن مصادر المعلومات و المعرفة متاحة إلا من خلال وسائل الإعلام والمطبوعات، أو من خلال اللقاء مع الخبراء.
أما اليوم، فالأمر أصبح متاحاً، خلال شبكة الإنترنت، وما بها من مصادر متنوعة للمعلومات من مواقع إلكترونية ومنصات التواصل الإجتماعى ومحركات البحث المتطورة وتطبيقات متخصصة على الهواتف الذكية، وكذا أيضاً تطبيقات الذكاء الإصطناعي، مثل “شات جي بي تي”، وصولاً إلى التطبيق الصيني الجديد “ديب سيك” Deepseek.
فمع كل هذا التنوع والإنتشار لمصادر المعرفة، لا توجد حجة لأي شخص يستخدم تلك التقنيات في أن “يتحجج” بعدم المعرفة في أى موضوع؛ فهذا السائل يستطيع أن يستخدم تلك التقنيات، وهو بالفعل يستخدمها، ولكن للأسف الشديد نجد أن اغلب وقت الإستخدام ينصرف إلى توافه الأمور المتاحة على تلك الشبكة أيضاً.
خطأ السائل تجاه مصادر المعلومات
هنا لا توجد حجة كما سبق الإشارة؛ فمصادر المعلومات متاحة، ويستطيع الشخص ـ إذا أراد- أن يتزود بقدر مناسب من المعرفة في أى موضوع، وقد يحتاج بعد ذلك إلى سؤال الخبراء فيما استعصى عليه فهمه، أو في التزود بمزيد من التفاصيل في مستوى أعلى من المستوى المتاح للجميع، أما أن يتوجه بإسئلة سطحية لائماً الجميع، وطالباً من الجميع مساعدته في التعرف على موضوع ما، فإننى أراه نوعاً من التواكل والتقصير في حق النفس والمجتمع، وبفرض أن الخبير قد قام بالفعل بالإجابة عن هذا السؤال، فإننى أتوقع أن السائل لن يركز كثيراً في الإجابة، وسينسى ما قيل له قبل أن يغادر القاعة.
حتى لاتكون المحصلة صفراً كبيراً
المقصود هنا أن على إنسان العصر الإلتزام والتمسك بقدراته العقلية والبحثية في التنقيب عن المعلومات و إستيعابها، وفي مقارنة المعلومات و مصادرها المختلفة، وتحليل كل ما وصل إليه، ومن ثم الخروج بقناعة أو بمعلومة أوبمعرفة أوبحكمة، ومن لا يفعل ذلك سواء رفضاً أو جهلاً، سيعيش عمره كله في إنتظار ندوات تالية؛ ليتساءل، ولينتقد، وليلقى اللوم على من يجده أمامه، وفي النهاية ستستمر المحصلة صفراً كبيراً.
إقرأ أيضاً للكاتب: عندما يتشبه الإنسان بالكلب.. دفاعاً عن الكلب!
إقرأ أيضاً للكاتب : العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية
إقرأ أيضاً للكاتب : منير مراد والزمن الجميل
الكلمات المفتاحية
#المعرفة،#مصادر المعرفة،#مصادر المعلومات،# الذكاء الإصطناعي، #الأمن السيبراني،# التقنيات،# شبكة الإنترنت،# مواقع إلكترونية،#منصات التواصل الإجتماعي،#محركات البحث،# التطبيق الصيني الجديد ديب سيك،# تطبيقات الذكاء الإصطناعي،# شات جي بي تي،#زياد عبد التواب.