بقلم : محمود مطر
ظهر أحمد عدوية في بداية السبعينات، كعاصفة مثيرة للرياح والزوابع، ولكلام المثقفين وسخريتهم وتهكمهم، واعتقادهم أن عدوية هو أحد تجليات عصر الإنفتاح، ظهر عدوية بأغاني انتشرت واكتسحت وتربعت في البيوت قرى ونجوع ومدن مصر قاطبة .
كانت بدايته مع الشهرة والنجومية الساحقة بأغنيتي “سلامتها أم حسن”، و”السح الدح إمبو”، و عايشت بزوغ ظاهرة عدوية وأنا طفل صغير في المرحلة الإبتدائية، وسمعت عمي خريج طب أسيوط يتحدث مع شقيقه الأصغر خريج حقوق القاهرة عن هذه الظاهرة التي تضرب ذوق المصريين في مقتل، وتدل على أن شيئاً ما مخيفاً قد أثر سلبياً في ذوق المصريين جعلهم ينصرفون إلى هذا المطرب الشاب الذي يغني كلمات غريبة وجديدة.
ميلاد أحمد عدوية
وربما لم يكونا قد عرفا وقتها أن هذا المغني الشاب كان قد ولد في قرية لا تبعد عن قريتهما بأكثر من عشرين كيلو مترا، وفي نفس الفترة الزمنية التي ولدا فيها في أربعينيات القرن الماضي؛ فهو من مواليد قرية الروضة التابعة لمركز ملوي بمحافظة المنيا، وهي إحدى قرى ملوي الكبيرة، ولد لأب تاجر مواشي يحب عزوة الأولاد؛ فأنجب ١٤ إبنا وإبنة، كان عدوية هو الإبن قبل الأخير بينهم في قرية صعيدية لا يهتم أهلها بالفن ولا بالغناء .
بداية رحلة نجومية عدوية
اكتشف أحمد عدوية موهبته المتفردة ، أدرك أنه يمتلك صوتاً جميلاً مختلفاً، وكان عليه أن يبحث عن مكان ومناخ يطلق موهبته فيه، ولست أعرف على وجه اليقين أن كان عدوية قد عقد عزمه وسافر إلى القاهرة وحده، أو أنه سافر برفقة أسرته، أو أحد إخوته، لكنه سافر وهو يعرف طريقه، ووجهته جيداً..شارع محمد علي ..منه بدأ عدوية رحلة التألق والنجومية .
بداية عدوية و أغنية “سلامتها أم حسن”
بدأ المطرب الشعبي الأكثر شهرة في تاريخ الفن المصري يغني المواويل على قهوة الآلاتية بالشارع المرتبط بالفنون، وكأنه كان يريد أن يتشبه بمطربي ومطربات العشرينات والثلاثينات، وهم ينطلقون ويتحققون من الشارع المعروف، ووقتها كان يتقاضى أجراً زهيداً، وعينه على كازينوهات شارع “الهرم”، ثم جاءت الفرصة والحظ لعدوية حين غني أغنية “سلامتها أم حسن”.
أما الحظ الأكبر فكان مع أغنية “السح الدح إمبو” التي كانت هي الأغنية الأشهر في مسيرته، بل إنها كانت أشهر أغنية “في بر مصر” في منتصف السبعينات، وذاعت وانتشرت بشكل لا يمكن وصفه حين طبعتها شركة “صوت الحب” على إسطوانات، وفي أشرطة كاسيت حققت انتشاراً ونجاحاً ساحقين، وليصبح عدوية هو نجم الأغنية الشعبية الأشهر.
صوت عدوية
.قبلها كان عدوية قد تقدم للجنة الإستماع بالإذاعة والتليفزيون، لكن اللجنة رفضته فأتجه لعالم الكاسيت، ثم أصبح المطرب الأول الأشهرالمطلوب في الحفلات والأفراح وفي الملاهي الليلية، لدرجة أن عبد الحليم حافظ كان يذهب خصيصا لسماع عدوية والإستمتاع بصوته.
من يسمع عدوية دون أي آراء مسبقة سيدرك أنه فعلاً يمتلك صوتاً طربياً جميلاً ينطلق في مساحات عريضة للغناء؛ لذلك نال إعجاب عبد الحليم وعبد الوهاب، ولحن له بليغ حمدي والشيخ سيد مكاوي، وكتب أنيس منصور عنه، وعن موهبته وصوته.أفلام وأغاني أحمد عدوية
وسعت إليه السينما لإستغلال شهرته الغنائية، فمثل وغنى في 27 فيلماً، له أغنياته التي حققت نجاحاً لافتاً مثل “بنت السلطان ” و”زحمة يا دنيا زحمة” و”راحوا الحبايب” و”القمر مسافر”، “سيب وأنا أسيب”، و”كركشنجي”، وغيرها من الأغنيات التي تدل على مطرب موهوب.
عدوية تربع على عرش الأغنية الشعبية
نجح عدوية “سلطان الغناء الشعبي “؛ لأنه ابتكر لونا شعبياً جديداً في الغناء من زاوية الكلمات والألحان والإيقاع المختلفين … لون يختلف عما غناه عبد المطلب وكارم محمود ومحمد قنديل ومحمد رشدي وشفيق جلال، دخل منطقة جديدة لم يسبقه إليها أحد، وصار له تلاميذ في مدرسة الغناء الشعبي، و إن لم يكونوا بنفس صوته الجميل .
ولعشرين عاما ظل عدوية متربعا ًعلى عرش الأغنية الشعبية، إلى أن تعرض لذلك الحادث الشهير بأحد الفنادق في أوائل التسعينيات، والذي اختلفت فيه تفسيرات الكثيرين، ودخل على أثره في غيبوبة طويلة و وقفت زوجته ونيسة أحمد عاطف معه في محنته وآزرته و ساندته، حتى خرج من محنة المرض، لكنه لم يعد كما كان، حتى وإن عاد يغني ويطرب ويبدع .
وفاة عدوية وذكرى الأربعين
و منذ بداية العام الماضي اشتد المرض على عدوية، وفي مايو الماضي رحلت زوجته ونيسة، وأخفى ابنه المطرب محمد عدوية وإبنته وردة عنه خبر وفاة زوجته؛ حتى لا يصدم فيتفاقم مرضه، ثم وبعدها بشهور وفي أواخر نفس العام 2024 رحل عدوية، قبل أن يتم عامه الثمانين بشهور، مخلفاً وراءه إرثاً غنائياً لا يمكن أن يتجاهله أحد، واليوم ونحن على مقربة من ذكرى الأربعين لرحيل أحمد عدوية نستعيد جانباً من حياة ونجاحات “ملك الأغنية الشعبية ” .
إقرأ أيضاً للكاتب : ثلاث سلامات للجميل الأسمر محمد قنديل
إقرأ أيضاً للكاتب : نوستالجيا الحب الضائع
إقرأ أيضاً للكاتب : الشابي ..شاعر الحب والحياة
الكلمات المفتاحية
#أحمد عدوية،# ناظر مدرسة الغناء الشعبي،# ملك الأغنية الشعبية،# ذكرى الأربعين لرحيل أحمد عدوية،#سلطان الغناء الشعبي،# أغنية سلامتها أم حسن، #أغنية السح الدح إمبو،#أغنية بنت السلطان،#صوت عدوية،#موهبة عدوية،#بداية أحمد عدوية،#رحيل أحمد عدوية،#ذكرى الأربعين لرحيل أحمد عدوية،# زحمة يا دنيا زحمة،#كركشنجي،#الإذاعة والتليفزيون،#أغاني،#الغناء المصري،#الفن المصري،#محمود مطر،#أغاني عدوية،#أفلام عدوية.