عبر ماتحمله موسيقاه من لمحات فلسفية ولمسات تأملية صوفية يحلق الفنان المصري شادي مؤنس بمستمعيه في فضاءات من السمو والصفاء ويعود بهم إلى أجواء يسودها سحر الشرق وحكاياته؛ فكأنما يضيف لدراما المسلسلات التي يضع موسيقاها التصويرية مزيداً من الدراما صابغا أيضا ألحان أغانيه بنفحات خاصة من الأحاسيس والعاطفة.
وقدم الفنان شادي مؤنس حفلاً موسيقيا بالمسرح المكشوف بدارالأوبرا المصرية أخيراً، وعزف خلال الحفل عددا من مقطوعاته الموسيقية التي ألفها خلال مشواره الفني، ومنها تترات للكثير من المسلسلات والأفلام، فضلا عن أعمال مغناة كان قد ألفها للآخرين أو لنفسه، وحول ذلك يقول ل”أذواق”:”أعتز كثيراً بحفلي غدا؛ ذلك أن الأوبرا المصرية هي حلم أي فنان” وتابع:” التقيت جمهوري من قبل عبرخشبة المسرح الصغير لكنها المرة الأولى التي أقف فيها على المسرح المكشوف وبلاشك هو شرف لأي فنان ومن المقرر أن أقدم مجموعة كبيرة من أعمالي في الحفل”.
من أهم محطات نجاح شادي مؤنس التي حصدت إعجاب الجمهور أخيراً هي مؤلفاته لأغاني بالفصحي، فعلى خشبة مسرح مهرجان “كوتشيلا ڤالي”في صحراء كولورادو غنت المغنية الأمريكية ذات الأصول الفلسطينية إليانا والتي تتبناها إحدى الشركات الفنية الضخمة أغنية “موال” من موسيقى مؤنس وكلمات الشاعرطارق الجنايني، لتصبح أول أغنية عربية تُسمع في هذا المهرجان من أكبرالمهرجانات الغنائية والموسيقية في العالم، ويستقطب ألمع نجوم العالم ويحضره أكثرمن 100 ألف شخص يومياً.
والمدهش أن الأغنية كانت عبارة عن موال درامي مصري خالص وبالعربية الفصحى، ولاقت تفاعلا كبيرا من جانب الجمهور، يتذكر الموسيقار بداية التجربة ويروي ل”أذواق ” كواليس العمل “اتصلت بي مديرة أعمال إليانا وأبلغتني بإعجاب المغنية الشهيرة بموسيقاي وأخبرتني أن إليانا ترغب في التعاون معي فنيا، فأبديت موافقتي، وكان نتيجة هذا التعاون هو “موال” التي لاقت تفاعلا كبيرا من جانب الجمهور”.
سبق أن لحن وغنى هو نفسه أيضاً بالفصحى، فقد قدم قصيدة “ليلى” من قبل، وسيقدم عملاً جديدا بالفصحى للفنان السوري خاطر ضوا يقول” ما أحوجنا للفن الذي يحمل قيمة وفكرة ويدعو للسمو خاصة في هذه الاوقات، وذلك ماتحققه الفصحى”.
كما إنني أحب الكلمة الحلوة الراقية، وذلك تحققه الفصحى، من هنا احتلت مساحة من أعمالي وستزداد خلال الفترة المقبلة”.
لكن هل يتوقع أن يترك الجمهور سيما الشباب العامية ليستمع إلى أغنيات بالفصحى في وقت تراجع فيه من الأصل تعلقه باللغة العربية ؟! يجيب الفنان” نعم سيقبل الجميع على هذا الغناء، عندما ننجح في اختيار الكلمات، ونقدمها في قالب لحني مناسب، بحيث تكون عصرية، والدليل النجاح الكبير ل” موال” بالرغم من ان غنت لجمهور لايتحدث اللغة العربية ولا يعرفها، بل إن ذلك سيساعد على وصول الفصحى بسلاسة للشباب ولغيرالناطقين بها، في وقت تراجع فيه الاهتمام بها”.
ومن أحدث أوجه تعاونه الفني كذلك هوأغنية “شيء من كل شيء”، التي يعتز مؤنس كثيرا بها، ليس لأن الحجارلعب دورا كبيرا فقط في تكوينه الموسيقي والوجداني فقط، لكن لأنه كذلك يجعله يستعيد ذكريات جميلة حين كان شابا صغيرا وشاهد مسلسل “أبو العلا البشري”، وانبهر بأغنية “مترجعيش”، والتي كانت موسيقاها بالعود فقط، ومنذ ذلك الوقت قرر”مؤنس”تعلم العود، لتمر الأيام ويلحن للحجار”يمثل لي مثلي الأعلى في الفن، و بع
يولع مؤنس منذ الصغربكل ألوان الموسيقى الشرقية والكلاسيكية فضلا عن التراثية ويستمتع بالاستمتاع إلى المشايخ، ومنهم أبوالعلا محمد والشيخ المسلوب، والنقشبندى، فهويحتفي للغاية بكل هذه الألوان، ماينعكس على أعماله، ويعمل على الاستغراق في أجواء العمل الذي يكون بصدد تأليفه، إلى حد أنه كان سافرإلى الجنوب عدة مرات قبل تلحين بعض أعماله مثل “جزيرة غمام “يقول :” عشت عن قرب تراث “الكف الصعيدي وتراث “العديد” أو أغنيات الفراق الذى استفادت نصوصه من التراث العربى وأشعار الرثاء الذى يتباكى فيه الشاعر على رحيل أحد الأحباء”.
ويعتبرمؤنس هذا “التنوع السمعي” جزءا من ثقافته و تطويرا ضروريا للذات” تعلمت ذلك من أبي، في طفولتي كنت أشاركه الاستماع لروائع أم كلثوم وفريد الأطرش وغيرهما من نجوم الشرق لننتقل إلى موزارت و فيردي وغيرهما”.
يعد مؤنس مشروعه الموسيقي الأهم في مشواره الفني هو خوض مجال الموسيقي التصويرية؛ ويبرر ذلك قائلاً:” لأنها توفر لي مساحات من الإنتاج والإبداع، كما تسمح لي بشكل جيد تقديم الموسيقي التي تستقر في وجداني، وتطارد خيالي ” وحول تجربته في عالم الفرق الموسيقية قال ل”أذواق”:” خطوة المشاركة في فرقة زمان زادتني خبرة في الوقوف مع المسرح والتعامل مع الجمهور و استفدت كثيرا من الفرقة لكن تبقى الخطوة الأهم في حياتي الفنية هي الموسيقى التصويرية كما أشرت، فالموسيقى التصويرية تعيش ويتذكرها الناس، وتتجدد مع إعادة عرض الأعمال الفنية التي تقدمها، وكذلك الأمرعند تلحين الأغاني لفنانين كبار لهم تاريخ مشرف، هي أيضا تعيش ويرتبط بها الجمهوردوماً”.