بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
من يتحرك إلى نهاية شارع المعزلدين الله متجهاً للخروج من “باب الفتوح”، يجد على يمينه ضريحاً صغيراً مكتوباً عليه “ضريح العارف بالله سيدى الذوق”، والذى يعود إلى عصرالمماليك؛ حيث يقال أن الرجل كان صالحاً، ومن أصحاب الكرامات؛ ولذلك فإن كان يتدخل لفض المنازعات بين الناس وخاصة الفتوات، وإنه في إحدى المرات لم يوفق في فض إحدى تلك الصراعات؛ نظرا لاحتدام الخلاف؛ مما جعله يغضب، ويقرر أن يغادر الحي بأكمله، إلا انه وعند اقترابه من” باب الفتوح” سقط ميتاً، وتم دفنه هناك، ومنذ ذلك التاريخ، والمقولة الشهيرة “الذوق مخرجش من مصر” يتم تداولها لوصف ما حدث.
رواية أخرى تشير إلى إن “العارف بالله سيدى الذوق” هو مغربي الأصل، عاش في مصر، وأحبها حباً كبيراً، إلى حد أنه عندما مرض وقررأبناؤه نقله إلى المغرب، لم يحتمل، وتوفى قبل الخروج من البوابة، ثم تعامل الأهالي بعد ذلك مع الضريح على أنه لأحد أولياء الله الصالحين.
قد يهمك أيضا : كيف تكون أكثر اقناعا للآخرين؟ (azwaaq.com)
والذوق أوالتذوق، وهي حاسة من حواس الإنسان، وتُستخدم أيضاً بمعنى الخلق الحسن، واحترام النفس واحترام الآخرين، وحسن التعامل معهم.
و يستعمل اللفظ أيضاً بمعنى الأمزجة والتفضيلات، كما يستخدمه الصوفية على أنه نوروإحساس ناتج عن معرفة الله وصفاته وتجلياته.
وهو كذلك نوع من الاستخدام الدارج في معرض المدح فنقول “راجل ذوق” أو”ست ذوق” أو”عيلة ذوق”، أو قد يستخدم كوصف لموقف ما؛ فنقول “موقف ذوق”، وهي أمور خاصة بالتصرفات والتعاملات.
ويستخدم هذا اللفظ أيضاً بكثرة لوصف التفضيلات، والتي ترتبط في الغالب بالأمورالحسية كالشكل والطعم واللون في المأكولات والمشروبات والملبوسات والفنون والمعمار والثقافة والأدب.
وعلى العكس من ذلك قد نستخدمه في حالات الذم، مثل “راجل قليل الذوق” أو” أنت معندكش ذوق” ..الخ أو لوصف حالة عامة فنقول “الذوق العام”، ويتم مهاجمة من يحاول إفساد هذ الذوق.
وبالرغم من ان أصول الذوق كثيرة، وربما لا نجدها محصورة في وعاء واحد، إلا إنها معروفة للجميع، ربما بالفطرة، و ذلك في الأمورالكبيرة، وتتبقى بعض الفروق الفردية المرتبطة بالبيئة والتعليم، ولكنها ليست مؤثرة بالشكل الخطير.
قد يهمك أيضا : النجاح صنعة .. يمكن احترافها! (azwaaq.com)
في جميع الأحوال نستطيع أن نقول أن الذوق موجود، ويجب أن يكون موجوداً، في كل التصرفات والحركات والسكنات، ولا يجب أن نتخلى عنه تحت أى ظرف أومسمى؛ فهو ليس مثل الحمية التي يتخذ من يقوم بها يوما في الأسبوع، للتوقف عن اتباع قواعدها، كما لا يجب أن يشعر”الناس الذوق” بالغربة، خاصة عندما يكونوا محاطين بعدد كبير من فاقدي نعمة الذوق.
إن الذوق يجعل الانسان أطول عمراً من حياته المقدرة؛ حيث تستمر سيرته المعطرة بهذا الذوق شاهداً على حسن معاملته، ومساعدته لكل محتاج بلا من أي أذى.