بقلم د.محمد فتحي عبد العال
عادة ما يلاحق الرجل المصري الاتهام بأنه متشائم فهل المرأة المصرية بعيدة عن هذه الخصلة ..بالطبع لا ..فالتشاؤم أمر نسبي بين الجنسين ..له رصيد لا يخفى على أحد في كل المجتمعات العربية والأجنبية وكما أن له تواجد ملحوظ فتفسيره العلمي أيضا لا يخلو من إثارة وتشويق..
في دراسة حديثة أجراها علماء الأعصاب بمعهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” بالولايات المتحدة الأمريكية عام 2018م لتحديد المنطقة المسؤولة في المخ عن الشعور بالتشاؤم ونشرتها مجلة “Neuro “وجد أنها منطقة ” النواة الذنبية أو المذنّبة “، وهي المرتبطة باتخاذ القرار العاطفي وفرط تحفيزها بواسطة تيار كهربائي بسيط من شأنه التسبب في القلق والاكتئاب، وهي البواعث على التشاؤم .
ويحاول العلماء الربط بين هذا التحفيز وحدوث خلل أو تعطيل في هرمون “الدوبامين ” المسمى هرمون السعادة عند الإنسان كتفسير مقترح للتشاؤم.
تتلخص التجربة التي أجراها كبير الباحثين البروفيسور”آن جريبيل” وفريقه باستخدام واحدة من عمليات صنع القرار تعرف بنهج تجنب النزاع، حيث توضع فئران التجربة في حالات ومواقف يتوجب عليها فيها الاختيار بين بديلين واتخاذ قرارها، بموازنة الجوانب الإيجابية والسلبية لكل بديل، وهو ما يعرض أدمغتها لجهد كبير .
قد يهمك ايضا : “فيلم المنزل رقم 13”.. حدث بالفعل ! (azwaaq.com)
والطبيعي أن تختار الفئران الخيارات التي تمنحها مكافئة أعلى بصرف النظرعن الخطورة، لكن بعد تحفيز النواة شوهدت تغيرات في موجات الدماغ فتضاءلت قيمة المكافأة في أعين الفئران؛ لأنها ركزت بعد التحفيز على النتائج والعوامل السلبية أكثرمما ركزت على المكافأة ذاتها ..
من التفسير العلمي وأنا أصدق العلم واحترمه فلا فارق كبير في التشاؤم بين الرجل والمرأة عموما، وبعض الأفراد في المجتمع المصري يشعرون بالتشاؤم أحيانا، ويربطون ما بين شيء ما والتشاؤم أوالتفاؤل، وذلك في بعض الحقب الزمنية.
حسبنا أن نورد أمثلة من أرشيف الصحافة المصرية الذي نصب تركيزنا عليه، لنعيد اكتشافه كمرآة صادقة للمجتم ، واليوم اخترت لكم من كتابي “شج رأس التاريخ” حكايتين حدثا بالفعل لفنانتين شهيرتين.

كتاب >شج رأس التاريخ” يسرد حكاية الفنانتين زينب صدقي و ميمي شكيب (أذواق)
صورة “زينب صدقي”
الحكاية الأولى: تصدرت مجلة “روز اليوسف” في سبتمبر 1927م صورة الفنانة “زينب صدقي” ذات الأصول التركية، والتي حازت لقب ملكة جمال مصر بعدها بثلاث سنوات، وهي برداء الحمام واصفة المجلة الصورة بالنحس!!.
وتعلل المجلة ذلك من أنها أعدت الصورة لتتصدرغلاف العدد 95 ، وبينما هي معدة الطبع جاء خبر وفاة فقيد الأمة الزعيم سعد زغلول باشا في 23 أغسطس 1927م؛ فكان الظرف غير ملائم، وتم إرجاء نشر صورتها ونشرت صورة الفقيد بدلا ً منها .
ومر أسبوع وبينما العدد 96 يتأهب للصدور، وعليه صورة “زينب صدقي” جاءت وفاة زميلهم فقيد المسرح عبد المجيد؛ فوضعت صورته بدلاً منها؛ مما جعل المجلة تستشعرالتشاؤم وتبدي عدم اطمئنانها إلا بعد تمام الطبع وظهور العدد المحتوي على صورة “زينب صدقي” بالأسواق. وتداعب المجلة قرائها بالقول “كما أننا نحمل زينب صدقي مسئولية أية مصيبة تحل بنا أو تنزل بأحد أعزائنا بسبب نشر”الصورة النحس” “.
قد يهمك أيضا : أغرب وأطرف القضايا في مصر زمان (azwaaq.com)
خلخال “ميمي شكيب”
الحكاية الثانية:
ما تناقلته الصحف حول “سلسة ذهب” كانت ترتديها الفنانة “ميمي شكيب” في قدمها في تقليد للخلخال الذي ترتديه الفلاحات الذي شاهدته في الصغر، وتعلقت به إلى حد صنع “دوبارة” من الخيط على شاكلته ووضعتها بقدمها.
وجاهدت أمها وكذلك مدرسة الراهبات التي كانت ملتحقة بها لإقناعها بترك هذه العادة دون جدوى، فقد لازمتها طوال حياتها مع فارق واحد، أنها استبدلت الدوبارة عندما كبرت بسلسلة من الذهب، لم تخلعها طيلة حياتها لشعورها بالتشاؤم تجاه التخلص منها.
وقالت شكيب حينئذ أن المرة الوحيدة التي خلعتها حدث مالم يكن في الحسبان حيث تقول : “وبعد لحظات كنت فى المستشفي بعانى من المصران الأعور.. ومن يومها حرمت أخلعه!.