يتناول مسلسل “سر إلهي” الذي جرى عرضه في الموسم الرمضاني الحالي قضية اجتماعية شائكة، وهي العداء بين الإخوة، لينضم إلى قائمة الأعمال الدرامية المصرية التي اعتمدت ثيمة الانتقام بين أفراد العائلة الواحدة خلال السنوات القليلة الماضية.
المسلسل تقوم ببطولته روجينا ويشاركها الفنانون مي سليم، صلاح عبد الله، أحمد بدير، محمد ثروت، ونهى عابدين، تأليف أمين جمال، وإخراج رؤوف عبد العزيز .
تدورأحداث العمل حول شخصية نصرة التي تحمل على كاهلها المسئولية المادية والاجتماعية لأسرة كاملة مكونة من إخواتها الثلاثة رقية الطالبة بكلية الهندسة، ورحمة الحالمة بامتلاك أتيليه للأزياء، و شريف الذي يسعى أن يصبح مغنياً مشهورا، فضلاً عن زوجها المدمن وإبنتها المريضة.
وبالرغم من كون نصرة هي السند الوحيد لهم مادياً واجتماعياً فإنه حين يتم تلفيق جريمة قتل لها بهدف السرقة فإنهم يشهدون ضدها زوراً؛ للحصول على مبلغ مالي كبير؛ مايجعلها تقرر الانتقام منهم بعد خروجهاً من السجن خاصة بعد موت ابنتها أثناء فترة العقوبة.
وفي حين لاقى المسلسل نسب مشاهدة مرتفعة وتصدرت “روجينا” الترند أكثر من مرة وسط إشادات لافتة بأدائها في أحداثه فإن بعض المتابعين انتقدوا تكرار ثيمة العداء بين الإخوة، معتبرين أنه حلقة من سلسلة أعمال تقدم نماذج مشوهة من المجتمع، وأنه يظهر الإخوة في تخليهم ـ جميعاً ـ عن شقيقتهم نصرة كما لو كانت عالماً تغلفه الخيانة والغدر، وتزداد وحشيتهم كلما تصاعدت الأحداث وتشابكت الخيوط الدرامية.
قد يهمك أيضا : محمود الحريري يقدم ملابس الموسم الصيفي لفرقة الباليه النرويجية (azwaaq.com)
وما بين هاتين الرؤيتين للمسلسل يرى المؤلف أمين جمال أنه بالرغم أن صراع الإخوة ليس ثيمة مستجدة على الدراما، فإن التناول الدرامي ل”سر إلهي” يطرح صورة غير نمطية للغواية بالمال، والكيد، والطمع، والشر الكامن في النفوس، وذلك عبر شخصيات عديدة لها حكاياتها وخصوصيتها وصراعاتها الداخلية التي تفوق الصراع مع الآخرين.
ويقول:” يُعد المسلسل من الأعمال التي يشعرالمشاهد أنها تتلامس مع مشاكله؛ وأن رسم الشخصيات جاء من واقع يعيشه المواطن البسيط” مضيفاً:”يناقش العمل مجموعة من القضايا التي تشغل بال الأسرة المصرية مثل جحود الأبناء تجاه الآباء ويجسده أبناء هارون، والرجال الذين تنفق عليهم زوجاتهم، ويعكسه زوج نصرة، فضلاً عن الغش في الجامعات، وتعلق الشباب بالنجومية المبكرة، وغيرذلك من قضايا تشغل المجتمع، و يجمع بينها في المسلسل خيط درامي رئيسي هو أن المال قد يفسد الكثير من المفاهيم الراسخة مثل العلاقات العائلية “.
من جهته يرى الناقد الفني أحمد كمال أن هناك مبالغة في رسم الشخصيات المشوهة في المسلسل كماً وكيفاً” وقال ل”الشرق الأوسط”:”ما بين العائلتين هارون ونصرة نكاد لانجد شخصية سوية؛ فالجميع خان وغدر وباع أقرب المقربين إليه من أجل المال”.

مشهد من مسلسل “سر إلهي”
ويقول ل”أذواق”:” فبعيداً عن “بيع” الأخت بسبب المال نجد مواقف مخزية لبعض الشخصيات مثل عدم تعاطف رحمة مع إبنة أختها المريضة، وعدم حزنها عند وفاتها، ورقية التي ترسل صوراً فاضحة لزميلها، و تغش في هذا السن الصغيرعبر شراء تصميمات هندسية للنجاح في كليتها، إضافةً إلى الصديقة التي تسعى لخطف زوج نصرة “.
ويرى أنه” مما يزيد من قتامة تلك الصورة المجتمعية، إنه يهيمن على دراما رمضان في الموسم الحالي موضوع الانتقام، وكأنه أصبح وصفة سهلة ومجربة للنجاح بسبب ما تنطوي عليه من تشويق “.
وبالرغم من ذلك يشيد كمال بالحبكة، وبتعدد خيوطه الدرامية التي تحمل بين طياتها رسائل اجتماعية مهمة مثل خطورة تعويد الآخرعلى العطاء المستمربلامقابل، فقد رأينا نصرة تنفق على الجميع ـ حتى زوجها وشقيقها ـ بدلاً أن تدفعهم إلى العمل”.
مؤكداً:”يخلو العمل من الملل والتطويل، وربما ماساعد على ذلك أنه ينتمي للمسلسلات ذات ال 15 حلقة، علاوة على الأداء المميز لفريق العمل سيما روجينا ومي سليم”.
ويرى أن الحلقة الأخيرة من المسلسل نجحت أن تحتوي كل هذه الشخصيات والأحداث درامياً في صراعاتها المحتدمة، كما تطورت شخصية البطل (نصرة) إلى الدور السيموطيقي في الحدث الدرامي ليصبح نموذجاً، سيما بعد اعترافها بخطأ الانتقام، و تخليها عن الثروة غير المشروعة.