لطالما كان الربيع ملهما للمبدعين، استوحى منه الأدباء والتشكيليون والموسيقيون الكثير من روائعهم، التي أثرت الوجدان الإنسانى؛ فهو مصدر لاينضب للجمال والفن والحياة.
وفي مجال الموسيقى قدم الفنانون أعمالا عديدة شكلت كونشرتو بين الطبيعة الخلابة والإبداع الإنسانى؛ فعلى سبيل المثال حين تستمع إلى موسيقى “باليه الفصول” لإلكسندر غلازونوف؛ تكاد ترى ألوان الزهوروأصوات الطيورأثناء غنائها؛ وذلك من فرط ما يبرع المؤلف فى إحاطتك بها عبر موسيقاه التى تحمل لنا الإحساس بتجدد الحياة بعد انتهاء الشتاء وسكونه.
أما “سوناتا “الربيع» لبيتهوفن فهي من أيقونات موسيقى الربيع، قام بتأليفها عام 1801، وهي تأخذالمستمع إلى عوالم من السعادة و التفاؤل والرومانسية، فعندما تترك نفسك لها ــ رقم 5 (عمل رقم 24) في سلم فا ــ تشعركأنك قد انتقلت إلى حديقة تستمتع فيها بنسمات الربيع، وغناء الطيوروتفتح الزهور، فى حالة من الإنسجام التام مع الحوارالمتوازن بين البيانو والكمان، والذى يسيطرعليه أجواء من السلام النفسي والسعادة فى لحن غنائى رقيق، أما حين تستمع ل”باليه الفصول” أو مقطوعة «الربيع الأخير» للمؤلف النرويجي إدفارد غريج؛ فتشعرأنها تقودك إلى تذوق الجمال، وتحثك على الإنطلاق للحياة، لترفد من عطايا الطبيعة.
قد يهمك أيضا : د.حسين عبد البصير يصدر أحدث كتبه “مصر الخالدة: الماضي والحاضر ” (azwaaq.com)
ولا تقل روعة عن ذلك سيمفونية “الربيع”لروبيرت شومان، أوفالس”أصوات الربي”ع مصنف 410 للأوركسترا والسوبرانو الصولو ليوهان شتراوس، ففى العمل الأخير على وجه التحديد تستغرق فى مباهج الربيع من خلال حيوية صوت آلة الفلوت التى تجعلك تشعر كما لو أن العصافير تحيط بك من كل الجوانب، فينتابك إحساس جميل بتجدد الحياة فى صباح يوم جديد، خاصة حين تتنقل بك الموسيقى إلى سلم فا الصغير، ثم المرح فى سلم لابيمول الكبير، والتنقل بين صوت السوبرانو والآلات الموسيقية عند محاكاة غناء الطيور.
وأثناء هذا المزيج اللحنى المركب ينتابك طيف جميل ثري من المشاعر والإنفعالات التى تمنحك طاقة إيجابية تحتفى بالحياة .
قد يهمك أيضا : من تاريخ المنسوجات وعناصر وأساليب زخرفتها (azwaaq.com)
أما إذا أردت أن تتذوق الربيع بشكل مختلف، لا تكتفى فيه بالإحساس التقليدى برقته وبهجته وجمال الطبيعة فيه؛ لتتجاوز ذلك كله إلى قوة تأثيره فى النفس وطاقته التعبيرية الملهمة القوية فى البشرية؛ فيصبح أمامك مقطوعة مثل “الربيع ” للمؤلف الروسى سيرجي رحمانينوف حيث الإيقاعات القويّة الوافرة ذات الطاقة التعبيرية الهائلة، والألحان المركّبة شديدة العمق و التى تجسد بدايات الربيع وتنوع مظاهره بصدق وأسلوب فنى يتسم بالعنف والرقة فى الوقت نفسه .