ذكريات رمضان في ليبيا وبالخصوص في مدينتي بنغازي،حيث قضيت سنوات الطفولة والصبا، تختلف اختلافاً كبيراً عن ذكريات شهر رمضان في اليونان، في نهارات رمضان في ليبيا كنا نقضي حاجات البيت وننام ثم ننتظر حلول موعد آذان صلاة المغرب؛ لنفطر مع باقي أفراد الأسرة على سفرة واحدة وفي وعاء كبير مشترك.
وفي ليل رمضان نغني في الشوارع المظلمة أغاني المناداة والتحفيزعلى مشاركة القابعين في البيوت على الخروج من منازلهم، ومشاركتنا اللعب واللهو البرئ، وكانت متعة شهر رمضان في مشاهدة عروض الكراكوز ،قبل ظهور التلفزيون، والجلسات أمام عتبات المنازل وسرد الحكايات.
وفي هذا الشهر الكريم الذي كنا ننتظره بشغف وحب، نستمتع بتذوق الكنافة والبسبوسة من بوعشرين، والزلابية والمخاريق ولقمة القاضي، والمحلبية، وقمر الدي، وكانت العائلات البنغازية تجعل من شهر رمضان مناسبة للم شمل العائلة ودعوة الأصدقاء والأقارب للإفطار معاً.
في اليونان، وبعد رحيل ورجوع الأسرة إلى ليبيا، في منتصف التسعينيات، اختلفت الأجواء والمشاعر والتقاليد؛ حيث تجد نفسك صائماً وسط أغلبية فاطرة من اليونانيين، تقضي يومك نهاراً مابين العمل والتبضع، والنوم، وليلاً مابين الأكل والصلاة ومشاهدة المسلسلات في غياب لمة العائلة والزيارات.
قد يهمك أيضا : كعب أخيل..نقطة ضعفنا (azwaaq.com)
ذلك ماعدا بعض عزومات الإفطار في بيوت الأصدقاء أوإفطارات الجمعيات والمنظمات، فضلاً عن بعض احتفالات السفارات العربية بهذا الشهر الفضيل مثل احتفال المركز الثقافي المصري” أغلقت أبوابه”، الذي كان يعكف سنوياً على إقامة مأدبة إفطار جماعي لأعضاء البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية، ولأبناء الجاليات العربية والمصرية، ولعديد من اليونانيين المصريين.
كما يدعى في هذه المناسبة رجال دين من وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، كمبعوثين لإقامة الشعائر الدينية وصلاة التراويح، وإحياء ليالي رمضان الكريم بالمساجد العامرة بالمصلين، كذلك كانت قيادة الكنيسة القبطية المصرية، في أثينا حريصة على دعوة أبناء الجالية المصرية والعربية لحفل إفطار سنوي بإحدى فنادق العاصمة اليونانية؛ تأكيداً منهم على أصالة وعمق روابط الوحدة الوطنية بين عنصري الأمة.
قد يهمك أيضا : أصول أطعمة رمضان في مصر المحروسة (1) (azwaaq.com)
وفي السنوات الاخيرة تغيرت أجواء شهر رمضان في عاصمة اليونان، تغيرت عن قبل ومظاهر استقبال الشهر والاحتفال به،هنا أصبحت واضحة للجميع مع تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئيين، الذين أصبحت لهم محلاتهم الخاصة ومصليات وجوامع يقيمون فيها احتفالاتهم الدينية، وشوارع وأحياء يمثلون الأغلبية فيها، ولهذا السبب أصبح الشخص المغترب يشعر أكثر بمن يشاركه فرحة استقبال الشهر وفرحة استقبال العيد، وكأنه يعيش في وطنه.
#مقالات