لا تخلو الذكريات الرمضانية الجميلة من وجود دور رئيسي للمرأة، التي تضفي على أجواء هذا الشهر الكريم مزيداً من البهجة والسعادة.
أمي والذكريات الرمضانية
وأذكر حينما أعود بذاكرتي للوراء قليلا أن أمي عليها رحمة الله كانت تستعد لرمضان قبل قدومه بفترة.
وكأنها كانت تتعجل قدومه وتتشوق لأجوائه الروحانية.
وكان اهتمامها البالغ بالجلوس أمام التليفزيون؛ للاستماع إلى الاحتفالية التي يعلن فيها مفتي الجمهورية عن بداية شهر رمضان.
إنما يعكس ذلك بشدة هذا الشوق والحنين إلى الأجواء الرمضانية والنفحات الإلهية التي تزين شهر الصوم.
وقد كنت أرى ملامح الحزن بادية على وجهها إذا أعلن فضيلة المفتي أن غداً هو المتمم لشهر شعبان.
وكأنها تتحسرعلى تأخر قدوم الشهر الكريم لمدة يوم كامل.
وجبة الإفطار في رمضان
ومما أتذكره أيضا أن أمي رحمها الله عودتني أيضاً ألا أتناول طعام الإفطار، إلا بعد أن ينطق المؤذن بجملة أشهد ألا إله إلا الله في الأذان.
فلم تكن تبادر مطلقاً إلى الإفطار بمجرد سماع الأذان، بل كانت تنتظر، وكنت أحاول جاهدا إقناعها بأن تفطر بمجرد سماع الأذان.
و الذي يدل على دخول الوقت، إلا أنها كانت ترفض وبشدة، حتى نجحت هي في إكسابي هذه العادة.
ومؤخرا فهمت أنها كانت ترغب في أن تظل مع الصيام فترة أطول، وأن تستوثق لصحة صيامها وتجوده، فهي تريد أن يكون بشكل أفضل طمعاً في قبوله، وحتى لا تقع في خطأ بسيط يفقدها ثواب الصوم .
إقرأ أيضاً للكاتب : أبناؤنا… كيف نجعلهم يتسمون باللطف ؟
في النهاية اعتدت أنا على عدم تناول الإفطار، إلا بعد نطق المؤذن بالشهادة.
و من الذكريات الرمضانية التي أتذكرها أيضاً أن استعدادات أمي بتحضير الطعام في رمضان لم تكن حباً منها في الطعام.
فلم تكن تتناول منه ما يدل على اهتمامها أصلا بتناوله.
حيث كانت وجبتها من الإفطار بسيطة، إذا ما قورنت بالمجهود الذي بذلته في إعداد الطعام والصيام طوال اليوم.
نعم لقد كانت أمي تؤدي دوراً عظيماً في رمضان، وكان لشهر رمضان معها طعم آخر لم ولن يتكرر .
وبعد زواجي بشهر تقريبا توفيت أمي، لتتسلم الراية بعدها بطلة أخرى، وهي زوجتي التي تتشابه في كثير من صفاتها مع أمي عليها رحمة الله.
إقرأ أيضاً للكاتب : حكاية كل ناجح !
زوجتي تسلمت الراية
فزوجتي والتي تعمل طبيبة تحمل نفس القدر من الشوق والحنين إلى شهر رمضان، ولم أبذل جهداً في أن أنقل لها عادة الاستعداد المبكر لرمضان.
فهي أيضا لديها هذه العادة ، كما أنها على الرغم من المجهود الكبير الذي تبذله في عملها كطبيية إلا أنها تستمتع بإعداد الطعام في رمضان .
ولا شك أنها أكسبتني أيضا عادات جديدة؛ فقد عودتني هي الأخرى على عدم تناول الإفطار كاملا مرة واحدة. بل ينبغي الإفطارعلى شئ خفيف تمروعصير، ثم صلاة المغرب ثم تناول الإفطار الأساسي بعد ذلك.
كما أن زوجتي تقوم بمهمة إيقاظي؛ لتناول السحور يقيناً منها بأنني قد لا أستجيب لنداء المنبه الذي يلح علي في الاستيقاظ دون جدوى .
المرأة والذكريات الرمضانية
وهكذا دائما المرأة هي صاحبة الدور المحوري، والأكثر بروزاً وتأثيراً في رمضان، ولا يمكن للذكريات الرمضانية أن تكتمل إلا بوجودها وببصمتها التي لا تغيب.
ومن حقها علينا أن نقدر هذا الدور، وأن نحتفي به ولا شك أيضاً في أن ثواب هذه الأعمال عند الله كبير .