بقلم : الدكتورعاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد بجامعة القاهرة
الحياة لا تتوقف عن إعطاء الدروس!، وهناك الكثيروالكثير الذي يجب أن نتعلمه، ولكن الحياة لا تعطينا الدروس بلا مقابل؛ فعلينا أن نعيش التجربة لنتعلم الدرس.
ومن الدروس المهمة والتي يجب أن يتعلمها كل فرد ما يتعلق بأسباب العداوة؛ لا تكاد تخلو حياة إنسان من وجود أعداء، فما هي أسباب العداوات ؟.
الحقيقة أنها كثيرة جدا، ومنها ما يرجع للفرد ذاته ومنها ما يتعلق بالآخرين، ولكن وبكل تأكيد بعض هذه الأسباب أقوى من بعض، ومن أهم الصفات التي تجلب لصاحبها العداوة هي النجاح والذكاء والتوفيق في العمل أو الحياة والشهرة وفي أحيان كثيرة أن تكون مستقيما جادا ومحبوبا.
قد يهمك أيضا : إعادة فهم (azwaaq.com)
لايحب الناس من يشعرهم بعجزهم ولا يحبون من يتفوق عليهم، ولا يحبون من لا يستطيعون مجاراته، و تحركهم لمعاداته دوافع الغيرة والحقد والحسد والشعوربالنقص؛ فيضخمون هناته ويسترون حسناته بل ويفسرون ميزاته تفسيرا يحولها إلى سيئات ويبذلون الكثير من الجهد الذهني للبحث عن نية خبيثة خلف كل سلوك حسن يقوم به.
إنهم يحبون من يكرهه ويتقربون إليه ويتباطؤون في نصرته، ويتغافلون إن كان الحق معه ويبادرون بهمة إلى نصرة عدوه حتى ولو لم يكن معه الحق .
ويرى الإنسان الناجح العداوة، ولا يرى أسبابها ويعجزعن الوصول إلى سبب واحد وجيه يفسر هذا العداء وأحيانا يسعي إلي تقديم المزيد من العطاء والمزيد من الاهتمام؛ حتى يكبح جماح هذا العدوان ثم يصطدم بالحقيقة المرة، وهي مزيد من العداوة وعدم التقبل.
وقديما قال الشاعر:” كل العداوة ترجى مودتها …إلاعداوة من عاداك عن حسد، وغالبا ما يكون العداء الموجه إلى الناجحين صادرا من الأقران الملاصقين سواء من بعض الأقارب والأصدقاء وزملاء العمل والجيران من ذوي النفوس الضعيفة.
قد يهمك أيضا : لماذا الماضي دائما أفضل من الحاضر؟ (azwaaq.com)
ولكن لا ينبغي أن ترد كل أسباب العداوة إلى الطرف الآخر؛ ففي بعض الأحيان يكون سبب كره الناس للشخص هو طمعه أو عدم تقديره للآخرين أوسعيه للسطو على حقوقهم أو الوصول على أكتافهم أوالتميز عليهم بدون وجه حق والاستحواذ على فرصهم أو كشف أسرارهم أوإلحاق الأذى بهم بأي طريقة من الطرق.
ولكن كل هذه الصفات السلبية يجد الناس طرقا للتعامل معها والتغلب عليها ومواجهتها؛ ولذلك فإنها سرعان ما تزول العداوة الناشئة بسببها أو تخف حدتها بعد أن يحصل الآخرون على حقوقهم.
أما العداوة التي تكون بسبب نجاحك فلن تستطيع معها حيلة ولن تجد للقضاء عليها سبيلا وليس أمامك إلا أن تنجح وتبذل الكثير من الجهد للتفوق مع كثير من التجنب وكثير من التغافل وكثير من الحذر أيضا.
كن ناجحا ولا تلتفت إلى الوراء، ولا تترك الفرصة لكلاليب الحاقدين للإمساك بك، وتقييد مسيرتك وتحجيم نجاحك .
قد يهمك أيضا : أبناؤنا… كيف نجعلهم يتسمون باللطف ؟ (azwaaq.com)
تجنبهم وفوت عليهم فرصة الظفربك، وأحسن إليهم على أي حال، وقديما قال الشاعر” أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فلطالما استعبد الإنسان إحسان، ولا يوجد علاج يخفف آثار تلك العداوات إلا الكلمة الطيبة والمعاملة بالحسنى والصفح والعفو والتجنب والحذر؛ فالكلمة الطيبة تحفز لدى المتلقي شعورا بالسعادة وتمنحه قدرا من الرضا عن ذاته والثقة بنفسه.
وتزداد أهمية ذلك إن كنت تركز على ذكر إيجابياته، وتغض الطرف عن سلبياته؛ فحينئذ سيكون أثر ذلك على نفسه كبيرا، وسيجعل الطرف الآخر يعيد تقييم ذاته تقييما إيجابيا يجعله يشعربالتميز والفخر، وتخف بالتالي حدة عداوته معك، فضلا عن أنه سيشعر بالسعادة كلما رآك.
وهذا بدوره سيجعله أكثر تقبلا لوجودك في حياته وأكثر حرصا على عدم إزعاجك لضمان استمرارية الدعم والتحفيز الذي تقدمه له.