تشاء الأقدار أن يصدرهذا الكتاب المهم”هوامش على دفتر أحوال مصر قراءة في أرشيف الصحافة المصرية” الذي يتعرض لتاريخ مصر السياسي والاقتصادي والإجتماعي والثقافي.
والأهم من ذلك، أنه يتعرض لتاريخ العوام والمهمشين في مصر، من خلال مصدر يعدُّ من أهم مصادر التاريخ المصري الحديث والمعاصر.
وهذا المصدر هو أرشيف الصحافة المصرية، الذي يضم مجموعة من الصحف والمجلات، التي صدرت على مدار أكثر من قرنين كاملين.
ويسمح لنا ذلك، بفهم حوادث التاريخ المصري، والتطورات التي ألمت به من خلال النظر في أرشيف الصحافة المصرية وقراءته.
عن صدور الكتاب
صدر هذا الكتاب في طبعته الأولى عام 2023م، متزامناً مع الوقت الذي قررت فيه تأليف كتاب يتناول أعلام دار العلوم.
وذلك في مجالات التاريخ والجغرافيا والفلك والرحلات، وإسهاماتهم العلمية منذ إنشائها عام 1871م حتى عام 2000م.
ومع عدم إغفالي جمع المادة العلمية الخاصة بهؤلاء الأعلام من أرشيف الصحافة المصرية؛ لذلك انتبهت إلى هذا الكتاب.
و من هنا أرجو أن أجد فيه بغيتي أثناء القراءة والمطالعة والعرض، و أقدم هذه الدراسة له في أذواق .
محتويات كتاب”هوامش على دفتر أحوال مصر قراءة في أرشيف الصحافة المصرية”

ضم الكتاب مقدمة موجزة في صفحة واحدة، لكنها جاءت جامعة مانعة تبين أهمية الكتاب ومنهجه.
إقرأ أيضاً : كتاب جديد يسرد حكايات منسية عن “الشرقية”
أرشيف الصحافة المصرية
ويستمد الكتاب مادته من أرشيف الصحافة المصرية، التي تمثلت في عدد من الصحف والجرائد؛ هي : مجلة الدنيا المصورة.
وكذلك مجلة المصور، جريدة النيل. مجلة الجديد، مجلة آخر ساعة، مجلة اللطائف المصورة، جريدة لسان الحال اللبنانية، جريدة الوقائع.
إضافة إلى صحيفة التيمس المصري، مجلة كل شيء والعالم، صحيفة الاثنين والدنيا، مجلة مسامرات الحبيب، مجلة آخر لحظة، صحيفة المصري.
فضلاً عن جريدة الأمة، جريدة مصر الفتاة، مجلة الفكاهة، مجلة الزهور، مجلة الهلال، صحيفة المقطم، مجلة مصر الحديثة المصورة.
وأيضاً صحيفة الأهرام، مجلة رعمسيس، مجلة الطالب، مجلة الاثنين، مجلة البعكوكة، مجلة الدنيا الجديدة، مجلة الجيش، جريدة الوفد، مجلة التحرير.
وتضم القائمة أيضاً مجلة المسرح، مجلة النجمة الزهراء، مجلة الجيل، مجلة الفن، مجلة الكواكب، مجلة أنا وأنت، مجلة بنت النيل.
ومن الصحف التي استمد منها كتاب “هوامش على دفتر أحوال مصر” كذلك مادته هي: صحيفة المؤيد، مجلة مصرالحديثة المصورة.
علاوة على مجلة الثقافة، مجلة المحيط، أخبار اليوم، وذلك خلال الفترة من عام 1904م حتى عام 1963م.
لكن الاسترسال في الأحداث التي احتواها الكتاب، يعود إلى الفترة من عام 1800م، ويمتد إلى 2020م.
فصول الكتاب
جاء الكتاب في ستة فصول هي كما يلي:
الفصل الأول، خصصه المؤلف لعرض حوادث وقضايا الماضي، التي تنوعت ما بين قضايا جنائية وقضايا اجتماعية وقضايا مهنية ووظيفية وبعض القضايا الطريفة.
أما الفصل الثاني، فقد خصصه المؤلف لعرض متفرقات من أدب الرسائل، والإهداءات التي ضمتها بعض الكتب المنشورة، وصنوف المديح والشكر والرثاء.
وفي الفصل الثالث، خصصه المؤلف للدوافع التي أدت إلى ثورة 1952م، خصوصاً لعامين مهمين من تاريخ مصر السياسي 1948-1949م .
وهما العامان اللذان قد سبقا عام الثورة؛ حيث الدوافع الاجتماعية من فقر وغلاء وكثرة إضراب العمال والموظفين.
وذلك نظراً لعدم توافق الأجور والأسعار، والافتقاد إلى الديمقراطية، والتصدع في الأسرة الحاكمة، وملف مياه النيل، وملف القضية الفلسطينية، والجيش.
ويمتاز هذا الفصل – الذي يعد أفضل فصول الكتاب- بالتحليل الجيد للعوامل التي أدت لحدوث الثورة.
الفصل الرابع، خصصه المؤلف لترندات الصحافة المصرية في مقارنة بين الصحافة المصرية قديمًا وإعلام وسائل التواصل الاجتماعي حديثًاً.
الأمرالذي يعكس اهتمامات المجتمع أوالأمور، التي اجتمعت عليها أغلب الصحف المصرية آنذاك، وتم الإضاءة عليها فأصبحت ترندات بمنظور الإعلام الحديث.
وخصص المؤلف الفصل الخامس للإعلانات؛ حيث شمل الإعلان عن الدجالين والمشعوذين، الإعلان عن السجائر، الإعلان عن الكتب المدرسية.
وأيضاً الإعلان عن الجوائز الثقافية، وعن بعض المناسبات الاجتماعية، وعن التبرع بالأموال للفقراء وجمعيات التكافل الاجتماعي، الإعلان عن أغذية الأطفال.
في الفصل السادس
وفي الفصل السادس نلتقي ببعض القصص من أخبار بعض الجنائز الموسيقية، مسألة التوقيت الصيفي والشتوي وتغيير الساعات، بعض الأوقاف.
و كذلك مؤتمر الأخلاق، ضعف مهارات التحدث باللغة الإنجليزية في المستشفيات، حضور الملك لتمثيلية مسرحية، الإعلان عن بعض الكتب والمذكرات.
كما تضمن الفصل السادس الرحلات العلمية، حديقة الحيوان، اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون عام 1922م.
منهج كتاب “هوامش على دفتر أحوال مصر”

بداية؛ يعد أسلوب المؤلف سهلًا ويسيرًا للغاية، غير معقد في الأسلوب والعبارة، يخاطب فيه المؤلف عقلية القارئ بعبارات سهلة.
بل إن المؤلف يحاول كثيرا أن يكون على تواصل دائم في أغلب صفحات الكتاب مع القارئ، من خلال تحفيزه.
وبل وتنشيط القاريء كذلك، بعبارات متعددة ليتابع معه دون شروده إلى ما يصرفه عن صلب الموضوع، من أمثلة هذه العبارات:
يقول المؤلف: ص134: لك أن تتخيل عزيزي القارئ، ص136: تصور معي عزيزي القارئ. ص154: لا تندهش يا عزيزي القارئ.
وفي ص 160 يقول: تصور يا عزيزي القارئ. ص233: وهل فاتني هذا يا قارئي العزيز، وذلك بأسلوب سهل ممتع.
وكأن المؤلف يجلس إلى جوار القارئ، فيتسامر معه ويسمع تساؤلاته، ويجيب عليها خلال صفحات الكتاب.
بل إنه يستخدم العديد من الأمثال الشعبية؛ ليؤكد على أنه يخاطب العامة بأسلوب سهل، فمن ذلك، ص31: الداخل بين البصلة وقشرتها.
وفي ص 32 يقول: يا روح ما بعدك روح، ص72: مصائب قوم عند قوم فوائد، مال الكنزي للنزهي.
إقرأ أيضاً : “العصابة .. محاكمة شات جى بى تى”كتاب جديد للمهندس زياد عبد التواب
تساؤلات المؤلف في كتاب “هوامش على دفتر أحوال مصر”
- أن المؤلف بعد عرضه لقضية ما يقوم بالتعليق عليها، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات.
أحيانًا يجيب عنها وأحيانًا أخرى يتركها معلقة دون إجابة شافية، وأحيانًا يكون التعقيب بعد الحادثة، وأحيانًا يكون قبلها.
مما أدى إلى عدم الفصل بين الحدث الذي ورد في الصحف، والتعليق عليه، بأن يذكر الحدث مثلًا بين قوسين معكوفين؛ لذلك حدث تداخل بين نص الحدث وتعليق المؤلف.
3- الميل إلى اتباع طريقة السرد القصصي التي اتضحت من خلال عدد من الأمور؛ أبرزها:
ـ الاسترسال في التعريف ببعض الشخصيات داخل متن الكتاب، ففي ص9: تعريفه بحامد مرسي، في ص23-24: تعريفه بولي الدين يكن.
* في ص137: تعريفه بأحمد خشبة باشا، في ص218-219: تعريفه بقاسم رسمي باشا، في ص220-221: تعريفه بمحمد علي باشا علوبة.
الاسترسال في سرد الذكريات
الاسترسال في سرد بعض ذكريات المؤلف الشخصية، وبعض ذكرياته مع أصدقائه، من أمثلة ذلك: يقول المؤلف: ص186، وذكرى عيد العمال يوافق مولد ابنتي نور حفظها الله.
وفي ص197: كنت أسمع أبي حفظه الله يقول: لم يمت بعد من لم ينشر اسمه في وفيات الأهرام.
ويوضح الكاتب “كان أبي من المغرمين بصحيفة الأهرام يقرأها كاملة ووالدتي رحمها الله تفضلها أيضًا.
وفي ص221: حدثني صديق لي، وفي ص233: يقول محدثًا القراء: أُفشي لكم أمرًا عني، وأخذ يسترسل في ذكرياته مع جده.
قصص وطرائف في كتاب “هوامش على دفتر أحوال مصر “
وهكذا يؤكد المؤلف من خلال هذا الأسلوب أن الكتاب أشبه بكتاب قصص وحكايات وطرائف.
– البحث داخل الحوادث عن الغرائب والطرائف، بل إن المؤلف خصص جانبًا من الحوادث في الفصل الأول لذكر القضايا الطريفة.
وكأنه أراد أن يكون الكتاب كتاب قصص وطرائف وملح، وهو بالفعل وصل إلى هذه الغاية، خصوصًا بداية من صفحة 110 حتى نهاية الكتاب.
فكثيراً ما نجده يعبر عن ذلك من خلال استخدام كلمات من أمثلتها: ص7: من أطرفها. ص17: من أغرب. ص18: الطريف في القضية.
وفي ص19: فأنت على موعد مع الغرائب والعجائب. ص19: مع التجوال في أرشيف الصحافة المصرية قد تفاجأ بأمور مدهشة.
وتتضمن ص21 من كتاب”هوامش على دفتر أحوال مصر”، رصد ا لحادثة طريفة أخرى.وص25: تتلاقى هذه القصة في خيوطها مع حكاية طريفة.
وجاء في ص28: من قضايا الاحتيال الطريفة. ص29: الطريف أن النشال. ص29: الطريف ما جاء في مواصفات المتهم.
بينما في ص30: من أطرفها، الطريف في القضية. ص31: أظرف ما في القضية. ص33: الطريف في هذه القضية البشعة.
أما في ص35: الطريف في القضية. ص40: في عدد طريف من مجلة المصور. ص53: من الحوادث الطريفة.
وبعد انتهائه من الاسترسال يقول أحيانًا: نعود لقصتنا، وذلك كما في ص155، كأنه يكتب قصة.
4- مقارنة أحوال الماضي بالحاضر فيما تشابه من حوادث وأخبار وردت في الصحف المصرية.
من أمثلة ذلك: ص36، مع حادثة انتحار أحد الباعة الجائلين بسبب تضييق الشرطة عليه، نجده يقارنها مع حادثة انتحار أحد التونسيين عام 2011م.
ففي جاء ص98، أثناء حديثه عن الشكر والعرفان وتذكره ما حدث لصديق له على النقيض من ذلك.
ونجده في ص114 نجده يعقد مقارنة بين من استأجر قلب وبين ما أقره الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي.
أما في ص216 من كتابه “هوامش على دفتر أحوال مصر” يقارن بين تشييع جنازة بالموسيقى 1928 بتشييع جنازة صباح 2014.
إقرأ أيضاً : “أيام عربية” في معرض القاهرة الدولي للكتاب
نقد الصحافة المصرية
5- توجيه النقد للصحافة المصرية في طريقة الصياغة السردية، التي تفتقد إلى البلاغة التي من شأنها التأثير في وجدان القارئ.
كما في ص28، يبين الأخطاء اللغوية التي كانت متداولة آنذاك في الصحف المصرية، مثل كلمة أحدى الي كانت تستخدم خطأ.
والصحيح لهذه الكلمة إحدى بكسر الهمزة، كما في ص28-29. كان يقوم بتوضيح الخلط واللبس عندما يقع حادثة ما بإحدى المجلات.
ومن أمثلة ذلك ما جاء في ص11؛ أثناء خلط المجلة بين اسمي الجاني والمجني عليه.
ما يفتقده “هوامش على دفتر أحوال مصر”
من الملاحظ أن الكتاب يفتقد إلى تمهيد، يتناول فيه المؤلف تاريخ الصحافة المصرية، والصحف والجرائد المصرية التي عاد إليها.
ولم يذكر تاريخ نشأتها والقائمين عليها؛ حتى لا يستدعي الأمر التعريف بهذه الصحف أثناء اقتباس بعض الأحداث التي وردت فيها.
ذلك مع العلم بوجود العديد من المؤلفات الخاصة بتاريخ الصحافة المصرية خاصة والعربية عامة.
الإخلال بمنهج الكتاب لا سيَّما في الفصل الثاني أثناء التعرض لإهداءات الكتب؛ مع إهداء بعض المؤلفين كتبهم إلى الخديوي.
وأرى في هذا الجزء إخلالًا بمنهج الكتاب؛ إذ إن هذه الإهداءات لم ترد ضمن أرشيف الصحافة المصرية.
إنما جاءت في الكتب التي تم نشرها برعاية الخديوي، فهل تدخل إهداءات الكتب ضمن أرشيف الصحافة المصرية؟.
ذلك إلا إذا كانت هذه الإهداءات تم نشرها في الصحف المصرية آنذاك؟!، وهو مايمكن أن يوضحه الكاتب.
وجاءت بعض عناوين الفصول أحيانًا غير معبرة عن محتواها، على سبيل المثال، عنوان الفصل الرابع: الصحافة زمان… سيرة أخرى.
ونتيجة ذلك خافٍ علينا تمامًا مضمون الفصل دون قراءة المحتوى، كذلك الفصل السادس: من قصاصات كتب وصحف زمان.
فيلاحظ أن لكتاب يفتقد إلى التعريف بعدد من الكلمات الغريبة التي تعد في مجملها غير عربية، من أمثلة ذلك: ص8، جرسونير ، سافوي شامبرز.
وفي ص9، جاءت كلمة مسرح الماجستيك. ص11، وقضى ليلته في حانة. ص26، 29، الغازيتة. ص29، قشلاقات. ص155، الترنسفال والفتوى الترنسفالية.
فضلًا عن استخدام مصطلحات جديدة لم تكن تستخدم في الماضي، على سبيل المثال: ص151-152، 153: يوتوبرز، ترندات، الفانز.
وهذا الاستخدام ليس إلا من قبيل مقارنة وسائل الإعلام قديمًا وحديثًا لقضايا تستحق تسليط الضوء عليها.
ويفتقد الكتاب إلى الاعتماد على منهج التوثيق العلمي الذي ينسب كل كلمة لقائلها، وهذا ظهر أثناء التعريف ببعض الشخصيات.
المصطلحات الغريبة في كتاب هوامش على دفتر أحوال مصر
وأثناء التعريف ببعض المصطلحات الغريبة، ففي ص38: يعرف بكلمة ركلام ويبين أنها كلمة لاتينية، وأثناء ذكره فوائد الحفاء، كل ذلك دون الاستناد إلى التوثيق العلمي.
فبالرغم من عودة المؤلف في كتابه “هوامش على دفتر أحوال مصر” إلى عدد كبير من المصادر والمراجع.
فإنه من اللافت أنه لا مجال عنده لاستخدام الحواشي، أسفل كل صفحة، كما يفتقد الكتاب إلى تخريج الأحاديث النبوية.
6- يفتقد إلى ثبت بأهم المصادر والمراجع، فضلًا عن افتقاده لقائمة بالمجلات والصحف المصرية التي تم العودة إليها والاقتباس منها.
7ـ يفتقد كتاب “هوامش على دفتر أحوال مصر” إلى فهرس دقيق بمحتويات الكتاب؛ إذ إن الفهرس جاء شديد الاقتضاب.
فلا يضم الفهرس إلا عناوين الفصول وأرقام صفحاتها، في حين لا يحوي العناوين الأخرى الرئيسة والفرعية.