أثينا/ عبد السلام الزغيبي
عقدت في جامعة أثينا أمس الأول الثلاثاء جلسة أدبية علمية عن “العلاقات الثقافية الخالدة بين العالمين اليوناني والعربي: الأدب العربي المعاصر لدولة الإمارات العربية المتحدة وترجمة الأعمال اليونانية”، حضرها الدكتور علي عبيد الظاهري، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى اليونان، وأحمد بن ركاض العامري، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للكتاب.
وتحدث في الجلسة نخبة من الباحثين والأكاديميين الإماراتيين واليونانيين، تناولوا فيها عدة قضايا حول التأثيرات المتبادلة والإرث الثقافي الذي يجمع بين الحضارتين اليونانية والعربية، وجهود ترجمة الأعمال الأدبية الكلاسيكية والمعاصرة، ودورها في تعزيز التواصل بين الحضارة العربية واليونانية.
اللقاء يعزز التبادل الثقافي ويجدس التواصل العالمي (أذواق)
وتحدث الكاتب الإماراتي محمد الخالدي حول الوضع الحالي لترجمة الشعر في كل من دولة الإمارات واليونان، في حين استعرض الكاتب علي العبدان تاريخ وراهن أدب القصة القصيرة في البلدين.
أما الكاتب إبراهيم الهاشمي، فقدم قراءات شعرية مختارة من الشعر الإماراتي العربي واليوناني تعكس التنوع والتمايز والمواقف الإنساني.
ومن الجانب اليوناني شارك في الجلسة إيليني كونديلي، أستاذة فخرية في الدراسات العربية بكلمة حول روابط الثقافة العربية واليونانية من العصور الماضية إلى يومنا هذا، بينما قدّم كل من الكاتبة بيرسا كوموتسي، مترجمة الأدب العربي، والدكتور خالد رؤوف مترجم الأدب اليوناني، وجهات نظرهما حول ترجمة الإماراتي المعاصر إلى اليونانية، وترجمة الأدب اليوناني إلى العربية.
وافتتح الجلسة سعادة الدكتورعلي عبيد الظاهري سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية اليونان، بكلمة قال فيها:” إن هذا اللقاء يعززالتبادل الثقافي، ويجسد روح التواصل العالمي” وتابع”وبعد أن حلت الشارقة ضيف شرف معرض “سالونيك” الدولي للكتاب، كأول مدينة عربية تنال هذا التكريم، نتوجه بالشكر إلى الكتّاب والمترجمين الإماراتيين على جهودهم في تقديم صورة شاملة للحراك الثقافي الإماراتي”.
وأضاف الظاهري قائلاً:” كما نشكر الحكومة اليونانية على حسن الضيافة، ونؤكد أن هذه الجهود تعزز العلاقات بين الجانبين”.
قد يهمك أيضا : روائع موسيقية من وحى الربيع (azwaaq.com)
استعرض المشاركون في الجلسة تاريخ العلاقات الثقافية بين العالمين (أذواق)
من ناحيته عبّر نيكوس كوكيس، رئيس مؤسسة الثقافة اليونانية، عن سعادته باستقبال وفد إمارة الشارقة، مشيراً إلى “أن جزءاً كبيراً من النجاح الذي حققه معرض “سالونيك” الدولي للكتاب يعود إلى المشاركة الفعالة والمتميزة لإمارة الشارقة؛ حيث أسهمت في فتح الأبواب أمام الجمهور للتعرف على الثقافة الإماراتية الغنية، والعربية بشكل عام”، كما أكد كوكيس أن هذه المشاركة عكست تنوع وثرء التراث العربي، وساهمت في تعزيز التفاهم الثقافي والتبادل الحضاري بين دولة الإمارات واليونان.
و حول جذور العلاقة بين الأدب اليوناني، أشارت إيليني كونديلي أســـتاذة الدراســـات العربية إلى “أن من يتعمق في الحضارة والثقافة والأدب في اللغتين اليونانية والعربية، يجد أنها تعبرعن مفاهيم سامية ترتبط بالمجتمعات التي تقدِّرالمعرفة، وتنفتح على الحواروالتواصل مع الشعوب الأخرى”، مستعرضة الموقع الجغرافي لدولة الإمارات وتنوع تركيبتها السكانية، التي أسهمت في ريادتها عربياً وتميزها بالانفتاح على الحوار العالمي.
وحول إصدار النسخة اليونانية من ديوانه، أوضح محمد الخالدي “أن الكاتب غالباً لا يفكر في الترجمة عند تأليف عمله، إلا أنه عندما يقرر ترجمة عمل ما ينبغي أن يسأل أولاً عن مدى نجاح النسخة الأجنبية في إيصال الرسالة التي أرادها بنفس دقة إيصالها بلغته الأم”.
الكاتب عبد السلام الزغيبي مع الحضور (أذواق)
وأشار الخالدي إلى “أنه عندما أطلع على ديوانه مترجماً إلى اليونانية، والتقى بالمترجمين، شعر بعمق العلاقة التي تجمعه بهم، وكأنها صداقة عميقة”. وقال: “هذا التواصل بين الكاتب والمترجم يعكس مدى أهمية الترجمة في نقل الأفكار والثقافات بين الشعوب، ويعزز من الروابط الأدبية والثقافية على مستوى عالمي.
بدوره، أكد علي العبدان أن المعارف اليونانية لعبت دوراً مهماً في إثراء الحضارة العربية، خاصة في فترة نشاط حركة الترجمة في بغداد؛ حيث كانت الترجمة في غاية الأهمية لما جلبته من منطق يوناني، عرّفت العرب من خلاله على مفهوم التعريف أي صناعة المعنى.
وفي مجال الموسيقى أوضح العبدان أن بعض السلالم الموسيقية اليونانية انتقلت إلى الثقافة العربية، حيث قام الفارابي والكندي بترجمة الأنظمة الموسيقية اليونانية، ودمجها مع السلالم الموسيقية العربية، كما تحدث عن أوجه التشابه بين القصة في الإمارات واليونان، وأن المجلات الأدبية كانت عاملاً مهماً في نشأة القصة في كلا البلدين.
الكاتب عبد السلام الزغيبي مع الحضور (أذواق)
. إلى هذا تحدث إبراهيم الهاشمي عن أهمية الشعر في الحضارتين العربية واليونانية، مشيراً إلى دوره البارز في التعبيرعن المشاعر الإنسانية والتواصل بين الثقافات المختلفة، وقرأ الهاشمي مقتطفات من عدة قصائد، بدأها بقصيدة للشاعرة شيخة المطيري التي تناولت فيها “قرية البروة في الجليل”، مستذكرة حنين محمود درويش إلى خبز أمه.
المشاركون في الجلسة من الجانبين اليوناني والعربي (أذواق)
ثم انتقل إلى قراءة مقتطفات من قصيدة ” خريف” للشاعر علي الشعالي، كما قرأ قصيدة المدن القديمة للشاعرة خلود المعلا، مسلطاً الضوء على التراث والتاريخ الثري للمدن وما تحمله من حكايات وإرث ثقافي.
وتناول كل من المترجمة بيرسا كوموتسي، والمترجم خالد رؤوف مشروع ترجمة الأدب الإماراتي إلى اللغة اليونانية، الذي قادته هيئة الشارقة للكتاب، وشمل ترجمة عشرة إصدارات من كتاب وشعراء من الإمارات إلى اللغة اليونانية، وأوضحا أن الأدب العربي الحديث ليس غريباً على النخب الثقافية في اليونان؛ إذ بدأ في التسعينيات منذ فوز الكاتب المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب، وكانت امارة الشارقة هي ضيف شرف معرض الكتاب الدولي العشرين، 24.الذي انعقد في مدينة سالونيك قبل ايام.