اظن أنه بات من الضروري أن تتدخل الدولة لدعم صناعة أكثرمن فيلم يجسد نصرأكتوبر، وما حدث في تلك الأيام المصرية الخالدة تجسيدا حقيقيا يعبرعن قيمة ومعنى وحقيقة هذا النصرالعظيم.. أقول بكثيرمن الثقة أن صناع الأغنية كانوا سباقين إلى إبداع أغان تخلد النصرالعظيم منذ اللحظات الأولى للعبور، بليغ حمدي رحمه الله كان نموذجا رائعا للمبدع الذي يتفاعل مع أحداث وطنه الكبرى، فبعد البيان الأول للمعركة .. وفي عصر يوم السادس من أكتوبرحمل عوده، وتوجه إلى مبنى ماسبيرو، بعد أن تواصل مع الشاعرالعظيم عبد الرحيم منصورالذي لحقه إلى ماسبيرو؛ ليكتب عبد الرحيم نشيد “بسم الله الله أكبر.. بسم الله بسم الله ..بسم الله إذن وكبر بسم الله بسم الله” ..وليلحنه بليغ بعبقرية، ويستعين المبدعان الكبيران بموظفي وعمال الإذاعة ككورال يؤدي النشيد أو الأغنية الأولى بعد النصر، بمعاونة صادقة من بابا شارو(محمد محمود شعبان) رئيس الإذاعة وقتها ومساعده وجدي الحكيم، لتذاع الأغنية في صباح السابع من أكتوبر.
وفي نفس الوقت يستدعي بليغ زوجته وردة؛ لتغني من تأليف عبد الرحيم منصورأيضاأغنية “على الربابة” لتتوالى بعدها أغاني النصر العظيم، وكان من الطبيعي أن يكون للسينما حضورها بعد ذلك ..فأنتجت أفلاما عديدة تناولت النصرمثل “الرصاصة لاتزال في جيبي” و”العمر لحظة” و”بدور” و”الوفاء العظيم” وغيرها من الأفلام.
لكن دعونا نعترف أن أيا من هذه الأفلام لم يرتق إلى التعبيرالحقيقي عن عظمة نصرأكتوبر ودوره في تغيير معادلة القوة في الشرق الأوسط، وفي نقل مصر والدول العربية من الهزيمة إلى النصر، ومن الفشل واليأس إلى النجاح والأمل والعزة والكرامة .
جميلة جدا ورائعة حالة الزخم الاحتفالية الكبيرة التي نعيشها هذه الأيام بمناسبة الذكرى الخمسين للنصر العظيم ..لكن من يدرينا أن أجيالنا القادمة يمكن أن تواصل تذكرالنصر، والاحتفاء بذكرى تحقيقه بنفس الزخم والألق والحضور؛ لذلك يصبح عمل عدة أفلام ترتقي إلى أن تكون ملاحم سينمائية تجسد ملحمة النصرالعظيم؛ لتظل خالدة على مرالزمان والأجيال أمرا ضروريا ومهما.
ولأن شركات لإنتاج الخاص لا يهمها إلا حسابات الإنفاق والمكسب والخسارة؛ فإن دور الدولة هوالذي ينبغي استدعاءه لإنتاج هذه الأعمال التي تجسد ملحمة النصر، وأتصور أن وجود عدد من الأبطال الكبارالذين خاضوا الحرب وعبروا القناة، واقتحموا خط بارليف، وتكحلت عيونهم برؤية تباشيرالنصر، وشرفوا بأن وضعوا أقدامهم على الأرض المصرية في سيناء بعد تحريرها، بيننا أطال الله في اعمارهم هوالعنصرالأبرز في إنتاج هذه الأفلام التي ناملها وننتظرها .
ومن حكايات بطولاتهم ومن رواياتهم الخالدة يمكننا أن نصنع هذه الأعمال العظيمة ..لقد خلد الأمريكان والروس والألمان معاركهم في أعمال سينمائية كبيرة، ونصرأكتوبريفوق – قوة وتأثيراً وملاحم بطولة على أرض المعركة- تلك المعارك جميعا فهل تتصدى الدولة لهذه المهمة الوطنية العظيمة ؟ أتمنى وأثق أن الدولة وجهاتها المعنية ستحقق هذه الأمنية وهذا المطلب الوطني.