هل يمكن ان تتحول أعمال الفنان إلى مرآة لتجربته الذاتية ؟، ويصبح إبداعه سردا لذكرياته و”فضفضة ” لأحزانه وآلامه؟ .. في معرض فني يحتضنه غاليري “وهبة ” بالزمالك تحت عنوان “سكر نبات”، عاش الجمهورعن قرب تجربة إبداعية ذاتية خاصة جداً للفنانة المصرية نوران منصور التي عبرت بفرشاتها وألوانها عن وجع فقد إبنتها .
قد يهمك أيضا : “في صحبة محمود سعيد”.. يسرد بدايات الفن المصري الحديث (azwaaq.com)
يضم المعرض 38 لوحة مختلفة الأحجام، أكثر ما يستوقفك أمامها في البداية هو العفوية والتلقائية في الرسم ، وصدوح الألوان، وطلاقة الخط وتحركه يميناً وشمالاً بحرية، من دون قيود أو”حسابات”، حتى لتجد الألوان تظهر على شكل بقع أونقاط وتكوينات أحياناً؛ لتكون مكملة لدورالخط في التعبير عن مشاعرها وأفكارها عبر مشاهد مبهجة يملؤها فرحة الصغيرات ولهوهن هنا وهناك.
.jpg)
من أعمال الفنانة نوران منصور في معرضها “سكر نبات” (خاص أذواق)
لكن حين تقف أمام اللوحات وتتأملها طويلاً، تكتشف أن ثمة معان أخرى وراء هذه “اللحظات السعيدة” التي تعتقد أنها إنعكاس لطفولتها واستدعاءات لبعض من مخزونها الشخصي في مرحلة ما من هذه الطفولة؛ إذ ينتابك إحساس أن هناك عالم من الأحلام البريئة، والخيال الخصب يطل عليك من مسطح الأعمال، يغلفه قدرا من الحزن والألم.
فما لعب الصغيرات ومرحهن وثرثرتهن وإنطلاقهن في أماكن مختلفة، وملابسهن الملونة، وشعرهن الطويل المصفف بعناية، ونظراتهن السعيدة، واستمتاعهن بجمال الطبيعة والحياة إلا محاولة من الفنانة لتحويل الأمنيات المستحيلة إلى واقع ملموس!.
قد يهمك أيضا : مصري يوثق التشابه بين”الإسكندرية”و”بطرسبرغ” عبرالفوتوغرافيا (azwaaq.com)
فهذه المشاهد وغيرها التي تجسدها الفنانة في لوحاتها ليست إلا أحلام، مجرد أحلام وأمنيات مستقرة في وجدانها الحزين، كانت تتمنى نوران لوأنها استطاعت تحقيقها لابنتها الصغيرة التي رحلت عن الحياة، من دون أن تنجح أن تلبي لها ما كانت تريده كأي طفلة لايتجاوزعمرها التاسعة.
كانت “حنين” ابنتها لاتستطيع السير أوالنظر؛ فهي كفيفة لاتغادر كرسيها، ولكنها كانت تملأ حياة نوران بالحب والتعلق والسعادة، رسمتها الفنانة مرتين، وعبرت عن أحلامها عشرات المرات؛ فمنذ رحلت الصغيرة ونوران لاتكف عن الإحساس بالفقد والحنين ل”حنين”،ولم تكف أيضاً عن رسم كل ما كانت تتمنى لابنتها، وما كانت الإبنة نفسها تتمناه … تجري، تلعب، ترى، تستمتع بالألوان والطبيعة والحياة، تعيش معها العمر كله، تجمل أيامها وحياتها؛ فهي بالنسبة لها”سكرالنبات”.
.jpg)
لوحة للفنانة في معرض “سكر نبات ” ( خاص أذواق)
تأتي أعمال الفنانة نوران منصور مُحملة بالعفوية في الخطوط والألوان والصياغات التشكيلية، تماهيا مع تجربتها الفنية بخصوصيتها وذاتيتها، إضافة ًإلى ميل الفنانة أيضا إلى هذا الاتجاه الفني.
يذكر أن أول من من استخدم مصطلح العفوية هوالفنان الأمريكي هارود روزنبرغ؛ حيث اطلقه على مجموعة من الفنانين الأمريكيين في مطلع الخمسينات، ويتميز بضربات الفرشة العفوية، والخطوط الطلقة الحرة كما هو عند جاك بولوك.
قد يهمك أيضا : أشجار”اللؤلؤ الأصفر” تجود بالمشمش (azwaaq.com)
واللافت أن هذه الرسوم يكون لها دوماً علاقة وطيدة بالحالة النفسية للفنان، ومن هذه الأعمال تستطيع أن تدرس شخصيته، ومشاعره، و تجربته الذاتية، وهو نفس ماتحقق مع التجربة التي تعكسها نوران في معرضها الجديد.
المزيد من الصور :
.jpg)
كل ماتمنته “حنين” حققته لها الفنانة الأم في معرضها (خاص أذواق)
ويُعد هذا المعرض هو الفردي الأول في القاهرة، سبقته معارض فردية للفنانة في المنصورة، ومنها معرض “حنين الروح” 2022بأكاديمية فان جوخ ومعرض (احتواء) الفردي بالأكاديمية عام 2023، أما بالنسبة للمعارض الجماعية فقد شاركت الفنانة في معارض عديدة منها شباب الجامعات بالمنصورة 2007-2008( ومعارض أصدقاء نقابة الدقهلية للفنانين التشكيليين 2007-2008-2009.
وشاركت الفنانة بمعارض كليه طب المنصورة فرع مانشستر في 2009، ومعرض قصر ثقافة المنصورة في 2009، وملتقى االقصر 2009(، معرض دار ابن لقمان المنصورة ، 2009ومعرض طفولة بالألوان 2023 ، مشاركة جماعية بقصر الأمير طاز القاهرة، وحصلت على عدة جوائز من أسبوع شباب الجامعات، جامعة المنصورة، وملتقي الأقصروغير ذلك.
.jpg)
تجربة ذاتية للفنانة نوران منصور في معرض “سكر نبات” (خاص أذواق)
درست الفنانة في كلية الطب البشري، وتعمل طبيبة في المنصورة، و تنشغل حالياً بإجراء الدراسات العليا، تلقت دروسا في الفن منذ طفولتها، واستمرت أثناء الجامعة، فالتحقت بمرسم الفنان أحمد الجنايني، وأكاديمية “فان جوخ” وترى أن” لاشيء يمكن أن يمنع الفنان من ممارسة الرسم”، ولذلك برغم صعوبة دراستها وعملها و تجربتها الخاصة فإنها استمرت، ولن تتوقف يوماً بحسب ما جاء في حديثها ل”أذواق”.
تعتير نوران تعتبر الفن نوعاً من اللعب بالألوان و الفرشاة ، ووسيلة للتعبير العفوي عن مشاعرها و دواخلها، تقول ل”أذواق”:”وهو مانفس ما مررت به بعد وفاة إبنتي، وكان الرسم هو أكثرما “يطبطب” ويحنو عليَ؛ خاصة إنه يتيح لي التواصل مع المتلقي بصدق شديد”.
.jpg)
.jpg)
.jpg)
الفنانة المصرية نوران منصور (خاص أذواق)