فلتكن كلماتك طيبة في هذا الزمن الذي يشهد أحداثاً متسارعة وتقلبات لاتُحصى، نعيش جميعاً وسط زحام الحياة وضغوطها؛ فتزداد المسافات بين القلوب وتصبح العلاقات الإنسانية متوترة؛ وهذا يجعلنا أحيانا نغفل عن أهمية شيء بسيط، لكنه بالغ التأثير، ذلك الشيء هو … الكلمة الطيبة .
الكلمة الطيبة
الكلمات الطيبة على بساطتها تحمل قوة سحرية قادرة على تغيير الواقع، وترميم الشقوق التي خلفتها تحديات الحياة، فلطالما كان للكلمات أثريفوق ما نتخيله؛ فهي تلهم وتشفي، وتدفع، وتعيد صياغة مشاعرنا تجاه أنفسنا وتجاه العالم من حولنا.
في لحظة حزن قد تكون كلمة إيجابية عابرة قادرة على إعادة بناء الثقة في قلوبنا، وفي لحظة إحباط ، قد تُصبح عبارة دعم مثل “لاتيأس، القادم أفضل”، هي البذرة التي تنبت شجرة الأمل من جديد، إن الكلمة الطيبة ليست فقط لفتة جميلة، بل هي فعل مسؤولية إنسانية تجاه من حولنا.
من منا لم يُحيي قلبه بسبب جملة طيبة في وقت عصيب؟ أوشعر بشيء من الدفء حين سمع من يُقدر جهوده ويُشجعه؟ في بعض الأحيان قد تكون تلك الكلمات هي كل ما يحتاجه إنسان ليُعيد ترتيب حياته، ويمضي في طريقه بشجاعة.
لكن في المقابل نجد أن بعض الكلمات السلبية تترك جروحاً غائرة في النفوس؛ فالكلمة كالسهم إما تُوجه لتعزيز الثقة وبناء الجسور، أوتُستخدم للانتقاد الجارح وإحداث التصدع في العلاقات؛ لهذا السبب علينا جميعا أن نكون أكثر وعيا بقوة كلماتنا وتأثيرها، وأن نُدرك أن كل كلمة ننطق بها هي خيار نُمارسه؛ إما لنكون سببا في دعم الآخرين، أوفي تحطيم معنوياتهم.
قد يهمك أيضا : الرحمة الغائبة: دعوة لإحياء لين القلب (azwaaq.com)
كيف يمكن للكلمة الطيبة أن تُغيرالواقع؟
لننظرحولنا ونُفكر في الأثرالذي يمكن أن تتركه كلمات بسيطة، لكنها صادقة، فكلمات مثل”أنا فخوربك”، “أنت قوي”، “لاتيأس، فأنت قادرعلى النجاح”؛ هذه العبارات ليست مجرد تعابيرتقال لتُطمئن الآخرين، بل هي أشبه بمصابيح تضيء طريقهم، وتحفزهم للسيرقدماً.
عندما نتحدث إلى الأطفال، وندفعهم بكلمات مشجعة، نجدهم يكبرون وهم يحملون إيمانا بقدراتهم، وعندما نُظهرالتقدير للآخرين في مكان العمل، نخلق بيئة من التعاون والإبداع، حتى مع الغرباء، كلمة طيبة قد تغيّر مزاج شخص بالكامل، وتجعله ينظرإلى يومه بشكل مختلف.، لكن للأسف في زحمة التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الكلمات الطيبة شحيحة، وحلّد مكانها النقد الجارح، والتلاعب بالمشاعر والتراشق اللفظي.
وهذا يجعلنا بحاجة ماسة اليوم إلى إعادة إحياء قوة الكلمة الطيبة، وتوعية الجميع بأهميتها، نحن لاندرك في كثير من الأحيان كم من القلوب يمكن أن نُداويها بكلمة طيبة، أوكم من النفوس يمكن أن ننقذها من الغرق في بحوراليأس.
مسؤوليتنا الجماعية تجاه الكلمة الطيبة
المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الأفراد، بل تمتد لتشمل المؤسسات الإعلامية، والمدارس، والمساجد، والكنائس، وكل منصات التواصل، يمكن لهذه الجهات أن تُسهم في تعزيز ثقافة الكلمة الطيبة، والتشجيع على استخدامها لبناء مجتمع مُتماسك ومتآلف، فإذا كانت الكلمات السلبية تشبه السهام التي تُصيب قلوبنا وتُسبب جراحا، فإن الكلمات الطيبة هي البلسم الذي يخفف من الألم، ويجعلنا أقوى في مواجهة تحديات الحياة؛ لذا علينا أن نتعلم كيف نستخدم كلماتنا بحكمة، وكيف نُقدّمها للآخرين لتكون بمثابة جرعة من الأمل، تدفعهم نحو الأفضل. .
دعوة لزرع الأمل وبناء الجسور
إن الكلمة الطيبة هي أحد الأسلحة الصامتة، التي يمكن أن تُعيد تشكيل العالم من حولنا، وتحويله إلى مكان أفضل، هي وسيلة لبناء جسورالتواصل بيننا وبين الآخرين، لنُقرب المسافات، ونعزز روح المحبة والاحترام. إننا نحتاج اليوم إلى حملة مجتمعية كبيرة لنشر الوعي بأهمية الكلمة الطيبة.
دعونا نبدأ مع أنفسنا، ونكون قدوة لمن حولنا. لنبدأ بممارسة عادة تقديم الكلمات الجميلة، سواء لمن نعرفهم أو حتى للغرباء الذين نلتقي بهم في حياتنا اليومية، كلمات مثل “شكرا”، “أنت رائع”، “أحسنت”، تُعد استثمارا في العلاقات الإنسانية، وتترك أثراً لا يُمحى في نفوس الآخرين.
قد يهمك أيضا : هل أنت عميق بما فيه الكفاية؟ (azwaaq.com)
في الختام
إن تأثير الكلمة الطيبة يفوق كل التوقعات، قد يبدوالأمربسيطا، لكن تكرار هذه الكلمات يُمكنه أن يغيّرحياتنا ويجعلها أكثرإيجابية وجمالاً، الكلمة الطيبة ليست مجرد جملة تقال، بل هي نداء من القلب إلى القلب، ووسيلة لنشر الخير والجمال في عالم يحتاج إلى المزيد من المحبة والاحترام.
لنجعل كلماتنا مصدرإلهام ونورا يهتدي به الآخرون في ظلمات الحياة، إن بناء مجتمع قوي يبدأ من كلماتنا الطيبة، التي نزرعها في نفوس من حولنا، ففي نهاية المطاف عندما نختارأن تكون كلماتنا مليئة بالأمل نحن بذلك نُعطي العالم فرصة لأن يكون أفضل، ونعطي لأنفسنا الفرصة لنعيش بسلامٍ وتفاهمٍ في مجتمعٍ قائم على المحبة والاحترام.