بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
بعد أن قضينا خمس سنوات في دراسة الهندسة بالكلية، وخرجنا إلى الحياة العملية، وجدنا أن العلوم الهندسية ليست هي أهم ما تعلمناه في تلك السنوات، بالطبع الهندسة تشمل عدة علوم أساسية منها الكيمياء والفيزياء وحتى الطبيعة والأحياء والتشريح وعلوم الاتصالات والبرمجيات وغيرها، إلا أن هذا كله من الممكن للجميع أن يعرفونه ويدرسونه في كليات أخرى!.
إذ يكمن الفارق الرئيسي هو التطبيق؛ فالهندسة بالرغم من أن بها جانبا نظريا كبيراً إلا أن قوتها تكمن في الواقعية، وفى التطبيق العملي الذى يظهر في شكل أجهزة و أنظمة فنية وقواعد و أسس تنظيمية وإدارية، هذا هو ما يجعل أهم ما نخرج به بعد كل تلك السنوات هو الحس الهندسي أو Sense Of Engineering.
هذا الحس الهندسي ببساطة يمكن التعبير عنه بأنه “المنطقية والواقعية”، وحساب المخاطر قبل المكاسب، فالمهندس الذي يقوم بتصميم مبنى ينظر أولاً إلى العوامل الواجب وضعها في الإعتبار؛ لكيلا ينهار هذا المبنى، ويقوم بالتركيز عليها قبل أي عوامل أخرى،.
نفس الشيء في حالة تصميم جهاز إلكترونى -هاتف محمول مثلاً- فليس أهم شيء أن يعمل الهاتف، وينتقل الصوت، فهذا امر مفروغ منه، ولكن المهم أن يكون التصميم رشيقاً وواقعياً من حيث الحجم وسعة البطارية ونقاء الصوت في مقابل السعر والتكلفة.
إقرأ أيضا للكاتب : البراني من الجواني !
يضع المهندس في حسبانه أيضاً علم الإحصاء وعلم الاحتمالات، فعلى سبيل المثال عند تصميم سعة شبكة ما -شبكة التليفونات مثلاً- فإن تصميم الشبكة لا يجب أن يضع في الإعتبار أن كل المستخدمين سيتحدثون في نفس الوقت؛ فهذا غير واقعي، ولن يحدث وعليه فان تصميم سعة الشبكة قد يصل إلى 20% فقط من إجمالي عدد المستخدمين ، وبذلك فإن تكلفة بناء الشبكة سيكون أرخص 80% من الشخص الذي يقوم بالتصميم واضعاً في الإعتبار احتمالية لن تحدث على اللإطلاق.
المهندس يصاب أيضا بالتوتر الشديد في حالة وجود مشكلة ما، ويصاب بتوتر أشد في حالة ما إذا تم حل المشكلة وعادت الأنظمة إلى العمل من دون أن يعرف ماذا حدث لها، وما هي الخطوات والإجراءات التي تمت للحل، وبالرغم من عودة المنظومة إلى العمل إلا أن القلق لن يتركه طالما غاب السبب الرئيسي للمشكلة.
هذا الأسلوب في التفكير يجعل المهندس أقل استمتاعاً بالحياة وبالجمال فيها عن غيره من غير المهندسين، تخيل شخص ينظر إلى سيارة جميلة أو بناية شاهقة وينبهر بها، أما المهندس فسينظر إلى المحرك وآلات الجر أو إلى أساسات المبنى والقياسات التي تم بناؤه على أساسها.
إقرأ أيضا للكاتب :أنا عايش هناك : هل تشعر بالحنين مثلي ؟!
للأسف الشديد كل تلك العمليات الحسابية التي يجريها المهندس في عقله وفي أى موضوع قد تنتقل معه إلى الأحلام فتجده يفكر أثناء النوم و يحاول أن يمنطق الأحلام و الكوابيس أيضاً!.
على الجانب الآخر نجد بعض “الهبيدة” الذين يدعون أنهم يعرفون علم الهندسة، ربما يبدو مظهرهم الخارجي كذلك، ولكن ما يقومون به لا يمكن أن يسمى “هندسة “، ولكن الإستمرار في “الهبد “يجعلنا نطلق على ما يفعلون مصطلح “الهبدسة” و شتان الفرق!.
الكلمات المفتاحية
الهندسة والهبدسة،#الهندسة،#كلية الهندسة،#علم الهندسة،#دراسة الهندسة،#المهندس،#المهندسين،# الحس الهندسي،#البرمجيات،# مصطلح “الهبدسة”،# زياد عبد التواب،#مقالات