سادت لفترة طويلة من عمر التعليم المصري على ألسنة المعلمين و مديري المدارس وأولياء الأمور وأحياناً الطلاب وبعض المسؤولين عبارة أن “المعلم في خدمة الطالب” وكذلك ترددت عبارة أن “المدرسة بكل من فيها وما فيها في خدمة الطالب”، ومن وجهة نظري ألحقت هذه الشعارات الواهية ضرراً بالغاً بالتعليم، و إنعكست آثاره على ما نراه اليوم من عدد غير قليل من الطلاب، من عدم احترام وتوقير المعلم والاستهانة بالعلم والمدرسة والمعلمين .
والحقيقة أن القول بأن المعلم والمدرسة في خدمة الطالب يجعل رضا الطالب هدفاً في حد ذاته وغاية أسمى يسعى إليها النظام التعليمي، بينما الحقيقة أن للنظام التعليمي أهدافاً أخرى يسعى لتحقيقها ونواتج تعلم محددة ينبغي أن تتحقق، ويقودنا الإيمان بهذه الشعارات الواهية إلى تخفيف المناهج تخفيفاً مبالغاً؛ فيه لإرضاء الطلاب؛ ” لأننا في خدمتهم”، كما قد يتم تسهيل عمليات التقويم؛ للحد الذي يحظى برضا الطلاب ووضع لوائح وقوانين محددة للانتظام في الدراسة والتدريس والتقويم وأداء الامتحانات تراعي دائما ما يطلبه الطلاب.
والعادة أن جموع الطلاب تميل دائما للتخفيف والحذف والتبسيط المخل، وهذا كله يتعارض مع أهداف النظام التعليمي في تخريج طلاب مؤهلين وقادرين على أن يحققوا الإنجازات لأنفسهم ولأوطانهم، كما أن مثل هذه الشعارات جعلت المعلم في مكانة أدنى من المكانة التي يستحقها، وأفقدته الكثير من مظاهر التقدير والاحترام التي يجب أن يقدمها له الطلاب.
في حين أن التركيز على أن “المعلم والمدرسة والطالب في خدمة العلم” يجعلنا دائما ملزمين كل في موقعه ببذل أقصى ما في وسعه من جهد لتحصيل العلم، والنهل منه، واستفادة الطلاب منه؛ فحينئذ يترسخ لدى الجميع حقيقة مفادها، أن على الطالب دور لابد وأن يقوم به، وعلى المعلم دور لابد وأن يؤديه، وعلى المدرسة دور لابد وأن تعمل جاهدة لتحقيقه، وكل يسعى للقيام بدوره بالشكل المطلوب، ووفقا للمعايير المحددة لضمان وصول العلم للطلاب والتحقق من إلمامهم به.
وهنا سيكون المحك الذي نحتكم إليه للحكم على النظام التعليمي هو ما اكتسبه الطلاب من معلومات ومهارات واتجاهات مرتبطة بالعلم الذي تعلموه في المدرسة، وفي الحكم على المعلم ستكون المعايير التي تضمن قيامه باستخدام كافة الأساليب التربوية الممكنة لتعليم الطلاب هي المحك.
وفي الحكم على الطالب سيكون التزامه وقيامه بأداء التكليفات والواجبات وأداء الاختبارات هو المحك، وبذلك تستقيم العملية التعليمية، وتقوم بأداء رسالتها بشكل تتكامل فيه الجهود بين عناصر المنظومة المختلفة؛ لضمان حدوث التعلم بشكل جيد.
لقد آن الآوان للتخلي عن الشعارات غير البناءة مثل “المعلم في خدمة الطالب” أو “المدرسة في خدمة الطالب”، لنتبنى في المقابل شعارات تحفز وتدفع وتوضح لكل فرد دوره والمسؤولية الملقاة على عاتقه، لا شعارات تقيد من صلاحيات المعلم وقدرته على تحقيق أهداف التعلم أو تضعه في موضع لا يليق به أو مكانة لا يستحقها، ولنجعل “المعلم والطالب والمدرسة في خدمة العلم” في مقدمة هذه الشعارات .