في الخمسينيات من القرن الماضي، إزدهرت المسرحيات الموسيقية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتم عرض أعمال مثل “My Fair Lady” و”Guys and Dolls” في برودواي لسنوات؛ حيث كان المؤلفون والملحنون يبحثون دائماً عن قصص مشوقة، و لم يكن الأمر مفاجئاً بعد ذلك عندما عثر فريق رودجرز وهامرشتاين في عام 1958 على مذكرات ماريا التي تنتمي لعائلة نمساوية حقيقية هي فون تراب، والتقطها الفريق لصنع مسرحية موسيقية جديدة بعنوان “صوت الموسيقى”، والتي أثبتت أنها واحدة من أكثر المسرحيات في تاريخ المسرح نجاحاً .
قد يهمك أيضا : محمود التهامي وفتحي سلامة على المسرح المكشوف (azwaaq.com)
وكانت هذه المسرحية الحائزة على جائزة توني ملهمة لفيلم حمل الاسم نفسه من بطولة جولي أندروز (1965) والذي حقق نجاحاً مذهلا حول العالم، وأخرجه روبرت وايزعام 1965، وقام ببطولته كريستوفر بلامر وجولي آندروز، ورشح لعشرجوائزأوسكارحصل على 5 جوائز منها، واستمرإلهام “صوت الموسيقى” للفنانين حول العالم؛ حتى قال وايز:”قدمت هذه القطعة الفنية إلهاماً وعمقا أكبرمما أعتقد أياً منا”.
.jpg)
استعان الأب بشخص فشل في التفاهم معهم .. في مسرحية ” العيال فهمت “(الصفحة الرسمية للمسرحية الفيسبوك)
وعلى مسرح “ميامي” بالقاهرة تقدم فرقة “المسرح الكوميدي” التابعة للبيت الفني للمسرح معالجة مسرحية غنائية كوميدية جديدة ل”صوت الموسيقى”بعنوان”العيال فهمت” لتثير النقاش من جديد حول فكرة ال” remake” للكلاسيكيات العالمية.
خاصة أنه سبق إنتاج عمل مصري مستلهم من الفيلم العالمي، وهو مسرحية “موسيقى في الحي الشرقي” التي قدمتها فرقة “ثلاثي أضواء المسرح” عام 1971، كما سبق تقديم العمل في السينما من خلال فيلم “حب أحلى من الحب” ، مايضع العرض الجديد في مقارنة مع ماسبقها، لكن في الواقع نجح العمل الجديد في تقديم معالجة مغايرة وجاذبة للجمهور؛ تتوافق مع قضايا العصر.
يذكر أن الفيلم الأمريكي يروي قصة الراهبة النمساوية التي تركت الدير؛ لتصبح مربية لسبعة أطفال، و يعمل والدهم ضابطا بحرياً، رحلت زوجته منذ سنوات، فيلجأ إلى معاملة أطفاله بقسوة وشدة، ولا يسمح لهم بعصيان أوامره، حتى أصبح بيته بمثابة ثكنة عسكرية، لكن تأتي هذه المربية لتغير الأمور وتبدل الأحوال؛ فتعلمهم من خلال الموسيقى والغناء، ويتعلقون بها، ويحبها الأب أيضاً ويتزوجها.
قد يهمك أيضا : أشجار”اللؤلؤ الأصفر” تجود بالمشمش (azwaaq.com)
بينما تدور قصة العرض حول كابتن طيار توفيت زوجته ولديه منها 8 أبناء، ويستعين بشخص أمين لمساعدته في تربيتهم أثناء إنشغاله بالعمل، لكن يكتشف الأب أن هذا الشخص غير كفء من الناحية التربوية، ويفشل في احتوائهم، فيطلب منه الاكتفاء بالأعمال المنزلية فقط ، ويستعين بمربية ومن هنا تتطور الأحداث، ويتغير مصير الأسرة بشكل جذري؛ فهي شخصية تفهم أصول التربية جيدا؛ مايساعدها على أخذ الأطفال إلى منطقة آمنة يتمتعون فيها بالسعادة والحرية والتفكير السليم.
.jpg)
الأب والمربية حب وتفاهم في مسرحية “العيال فهمت” (الصفحة الرسمية للمسرحية الفيسبوك)
وخلال ذلك يكتشف المتفرج أن ثمة صراعا داخل الأب؛ بسبب قسوة والده الذي أرغمه علي أن يصبح طيارا .وكيف أنه اضطر إلى كبت أحلامه بداخله، وقتل حبه للتمثيل، فيصبح متزمتا رغم أنفه، ومن جهة أخرى يقع في حيرة أمام أطفاله الثمانية المحبين للمرح والفن ،تصميم الأزياء، التأليف، الغناء والموسيقى.
قد يهمك أيضا : سيد واكد يستلهم “المكعبات “في تشكيل منحوتاته الزجاجية (azwaaq.com)
و تتوالى الأحداث ويرحب الأبناء بالمربية الجديدة؛ لأنها نجحت فيما فشلت فيه معظم سابقاتها في احتضانهم، ومنحهم الحب والاهتمام والحنان، إضافة ً إلى تنمية مواهبهم، ويحبها الأب كذلك ويتزوجها.
وهكذا يناقش العرض الفجوة التي تزداد اتساعا بين الأجيال، وكيف يمكن بناء جسور من الفهم والتواصل بينهم.
ويضيء العمل على حق الأبناء في تحديد مسارمستقبلهم، واختيار مجال الدراسة والعمل وإشباع هواياتهم وصقل مواهبهم؛ فلم يعد هذا العصر يسمح بإجبارهم على الخضوع لرغبات الآباء، والإنصياع لأوامرهم.
.jpg)
مسرحية “العيال فهمت” تناقش الفروق بين الأجيال (الصفحة الرسمية للمسرحية الفيسبوك)
وتقدم المسرحية طرحا منطقيا للقضية، يمكن في ظل التوصل إلى صيغة للتفاهم، ويمكن تلخيص هذه الصيغة أو الحلول المقترحة في احتواء الأبناء، ومنحهم الحب والرعاية، ولايقل أهمية عن ذلك منحهم الحق في الاختيار، وأسس التخطيط السليم لرسم المستقبل، على أن يكون ذلك بعد غرس القيم والمباديء داخلهم، و مساعدتهم معرفة أنفسهم جيدا، وتقييم قدراتهم، بمعنى مساعدة الأبناء على معرفة طريقهم، والأخذ بأيديهم إلى بداية هذا الطريق .
“العيال فهمت” من بطولة النجوم رنا سماحة، عبد المنعم رياض ،رامي الطمباري، إيهاب شهاب، رانيا النجار ، بمشاركة محمد علي، أحمد هشام، رحيم رزق، چيسي أسامة، ندى محمد، روضة عز العرب ، نور شادي، علي شادي، إخراج شادي سروي، تأليف طارق علي، أحمد الملواني، موسيقى وألحان أحمد الناصر، استعراضات دارين وائل.
ديكور د حمدى عطية، أزياء شيماء محمود، إضاءة محمود الحسينى كاجو، مكياج أدهم عفيفي، يتم تقديم العرض الخميس والجمعة والسبت والأحد من كل أسبوع على مسرح ميامي بوسط البلد شارع طلعت حرب.