بقلم : شحاته زكريا
في عصرنا الحالي ومع تطور متطلبات الحياة وتزايد التحديات ، يسعى الجميع نحو تحقيق النجاح الفعّال الذي يعزز من جودة حياتهم، ويرتقي بهم إلى مستويات أعلى من الوعي الذاتي والتأثير، وهنا يأتي كتاب “العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية” للكاتب الشهير ستيفن كوفي كدليل ملهم وشامل في هذا الإطار؛ حيث يرسم من خلاله خارطة طريق عملية للتحول الشخصي والنمو الإيجابي.
يركز الكتاب على سبع عادات أساسية تمنحنا القدرة على التغيير، وهي ترتكز على مبادئ إنسانية وقيم عميقة تساهم في بناء شخصية قوية وفعّال، و سنركز في هذا المقال على العادات الثلاث الأولى، التي تمثل أساس النجاح الشخصي.
العادة الأولى : كن مبادراَ
تؤسس هذه العادات لإستقلاليتك وتحررك من الإعتماد على الآخرين؛ إن فهم هذه العادات وتطبيقها يعزز شعورك بالمسؤولية، ويمكنك من التحكم الكامل في حياتك، وتدعوك العادة الأولى أن تكون مبادراً، وهي بمثابة حجر الأساس في تكوين الشخصية الفعّالة؛ فالمبادرة هنا تعني أن تتخذ قرارك الشخصي بأن تكون قائدا على حياتك لا مجرد متلقٍ للأحداث، أومتأثرا بالظروف الخارجية، وتقوم هذه العادة على القدرة على تحمل المسؤولية، والتحكم في ردود الفعل والمواقف.
وفي هذا السياق يقسم كوفي حياة الإنسان إلى دائرتين أساسيتين: الأولى هي دائرة التأثير، وتشمل جميع الأمور التي يمكنك التحكم بها أوالتأثير فيها مثل سلوكياتك وردود أفعالك، والثانية هي دائرة الاهتمام التي تحتوي على الأشياء التي تشغل بالك، ولكنك لا تستطيع تغييرها، مثل أفعال الآخرين أو الظروف الخارجية.
يشير كوفي إلى أن الأفراد الفعالين يركزون على دائرة تأثيرهم، ويعملون على توسيعها من خلال الاهتمام بالقرارات والأفعال التي يمكنهم التحكم بها.
إقرأ أيضاً: حين يكون الرحيل بداية جديدة
وتعزز العادة الأولى مفهوم تحمل المسؤولية عن أفكارك وسلوكياتك؛ فعندما تكون مبادرا، تتجنب الوقوع في فخ تبرير السلوكيات السلبية أوإلقاء اللوم على الظروف أوالآخرين، إنك تتحكم في حياتك، وتختار كيفية استجابتك للمواقف المختلفة بدلاً من تركها تملي عليك تصرفاتك.
ولكي تتمكن من هذه العادة يُعلّمنا كوفي أن نمتلك مرونة أكبر في السيطرة على ردود أفعالنا، وألّا نسمح للمواقف والظروف بفرض سلوكيات معينة علينا؛ فالشخص المبادر يتحكم في استجاباته ويختار ردود أفعاله، ويبتعد عن التصرف بناء على الغضب أو الخوف أو التأثر بالضغوط.
من خلال تبني هذه العادة ، يُمكن للفرد أن يُصبح أكثر تحكما في حياته وأكثر قدرة على توجيه ذاته نحو التغيير الإيجابي؛ فالمبادرة هي بداية لكل نجاح، وتُمكّنك من اتخاذ موقف إيجابي بدلا من البقاء ضحية للظروف أو متأثرًا بمشاعر سلبية.
العادة الثانية : إبدأ والغاية في ذهنك
بعد أن تكتسب القدرة على المبادرة يأتي دورالهدف والرؤية؛ فالعادة الثانية هي دعوة واضحة نحو تحديد الهدف الأكبر للحياة، وتوجيه جهودنا نحوه، يُشير كوفي هنا إلى أن الأشخاص الفعّالين هم أولئك الذين يبدأون حياتهم بتصور واضح للوجهة التي يريدون الوصول إليها، مما يجعلهم أكثر تركيزاً وإصراراً على تحقيقها. الرؤية الشخصية والأهداف العليا: من المهم أن يتبنى الإنسان رؤية واضحة لمستقبله ، بحيث تكون هذه الرؤية وتجسيدا لقيمه ومبادئه الشخصية يسأل كوفي إسئلة عميقة مثل: كيف تريد أن تُذكر؟ ما الإرث الذي ترغب في تركه وراءك؟ هذا التفكير يساعد على بناء تصوّر واضح عن حياتك المستقبلية، ويوجه أفعالك نحو أهداف محددة ومعنى أكبر.
وكجزء من هذه العادة ، يشير كوفي إلى أهمية تحديد الأدوار المختلفة التي يلعبها الإنسان في حياته، أي عليه أن يحدد الأدوار الحياتية، مثل دوره كزوج أو أب أو قائد أو زميل؛ فلكل دور أهدافه ومسؤولياته، ويجب أن يكون لدينا فهما واضحا لكل دور حتى نحقق توازنا يساعدنا على العيش بسلام وفعالية.
وينصح كوفي بكتابة رسالة أو ميثاق حياة شخصي، يُلخص القيم والأهداف التي نسعى لتحقيقها، هذه الرسالة الشخصية بمثابة بوصلة تساعدك على اتخاذ القرارات الصائبة، وتذكّرك دائماً بوجهتك في الحياة؛لأن البدء بهدف واضح يمنحنا إحساسا بالاتجاه، ويضمن ألا نتشتت أو ننجرف مع التيار، وتساعد هذه العادة على توجيه طاقتنا نحو أهداف هادفة، وتجعلنا أكثر قدرة على اتخاذ قرارات تتماشى مع قيمنا ورؤيتنا.
العادة الثالثة: ضع الأهم أولاً
تترجم هذه العادة الرؤية إلى أفعال من خلال التركيز على إدارة الوقت وترتيب الأولويات؛ وفي هذا السياق يطرح كوفي مصفوفة إدارة الوقت التي تُقسم المهام إلى أربعة أقسام رئيسية: 1. المهام المهمة والعاجلة: تلك التي تتطلب اهتمامًا فوريًا، مثل الأزمات والمشاكل التي لا يمكن تأجيلها. 2.المهام المهمة وغير العاجلة: وهي المهام التي تشمل التخطيط والتنمية الشخصية والعمل على المشاريع طويلة المدى. 3. المهام غير المهمة ولكنها عاجلة: مثل الاجتماعات غير الضرورية والمكالمات التي تشتت التركيز، وهي مهام تستهلك وقتًا دون فائدة طويلة الأجل. 4.المهام غير المهمة وغير العاجلة: تشمل الأنشطة الترفيهية الزائدة وغير الهادفة.
ويشير إلى أن الأشخاص الأكثر فعالية يركزون على المهام الموجودة في الربع الثاني (المهمة وغير العاجلة)، فهي تساهم في بناء مستقبلهم وتقلل من الأزمات المستقبلية.
ومن الأمور الأساسية التي تطرحها هذه العادة هو التخطيط الأسبوعي وتحديد الأولويات من خلال جدول زمني. وينصح كوفي أيضا بتفويض المهام التي يمكن للآخرين تنفيذها، مما يتيح الوقت للتركيز على الأهداف ذات القيمة الحقيقية. .
كما يوصي بتجنب الاستسلام للمهام العاجلة وغير المهمة، و يشدد كوفي على أهمية مقاومة الرغبة في الانغماس في المهام العاجلة وغير المهمة، والتي تسحبك بعيدا عن أهدافك.
ومن خلال العادة الثالثة ، يتعلم الإنسان كيف يسيطر على وقته ويتجنب الوقوع في فخ الإنشغال بأمور لا تهمه حقا. هذه العادة تمنح الشخص القدرة على التركيز على الأمور الأكثر أهمية، مما يجعله أكثر فاعلية ويحقق توازنًا أفضل في حياته.
إقرأ أيضا : الرحمة الغائبة: دعوة لإحياء لين القلب
خلاصة العادات الثلاثة الأولى من كتاب ستيفن كوفي
تُعد العادات الثلاث الأولى من كتاب “العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية” حجر الزاوية للنجاح الشخصي، حيث تُعلم الإنسان كيفية أن يكون مستقلًا ومؤثراً في حياته، وتمنحه هذه العادات الثلاث القدرة على المبادرة، وتحديد الرؤية الشخصية وترتيب الأولويات بحكمة، مما يساعده على تحقيق التوازن والاستقلالية.
إذا كنت تطمح لبناء شخصية قوية وفعّالة، فإن هذه العادات الثلاث هي الخطوة الأولى التي يجب عليك اتباعها للإنطلاق في مسيرتك نحو النجاح، و في المقال القادم سنكمل رحلتنا مع العادات الأربع المتبقية ، التي تركز على النجاح الجماعي وبناء العلاقات القوية، لنمنحك رؤية شاملة للفعالية في حياتك الشخصية والمهنية.
الكلمات المفتاحية
# كتاب “العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية” # ستيفن كوفي # كتاب ستيفن كوفي #ماهي العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية # ما هو ملخص كتاب العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية؟
#عن ماذا يتكلم كتاب العادات السبع؟