يُعد كتاب “الطرز التاريخية للأزياء التقليدية لدول وسط وغرب آسيا الإسلامية (باكستان – أفغانستان – إيران)” دراسة فريدة من نوعها بالنسبة للدراسات العربية؛ حيث يتناول الكتاب الأزياء التقليدية في دول لا تخطرعلى بال القارىء، أنها تتمتع كغيرها من الشعوب بتراث تقليدى (باستثناء باكستان)؛ فكل ما يجول في الخاطر أن دولة كأفغانستان هي دولة حروب ونزاعات ومصدر للجماعات الإرهابية بشكل دائم، رغم كونها ليست متصلة ببحار، ولكنها تسيطر على طرق برية مهمة عالمية كالطرق المؤدية إلى الهند وإيران وآسيا الوسطى” وفق الدكتورة هبة أحمد يس أستاذ تاريخ الأزياء جامعة حلوان ومؤلفة الكتاب في حديثها مع”أذواق”.
وتتابع د.هبة قائلة :”تتمتع أفغانستان بمجموعة متنوعة من البيئات الطبيعية، منها الجبلية، الصحراوية، والسهول، والوديان الخصبة، كما تكثر بها الأنهار، ولا نعلم عن المجتمع فيها وتراثه شيئا، وأما إيران وهو الاسم الحديث الذي أطلق على بلاد فارس، أو بلاد الفرس أو بلاد العجم كما في المصادر العربية، فدائما ما نراها دولة منغلقة، والمرأة فيها لا نعرف عن لباسها سوى “الچادر أو الشادار””.
من الصعب التمييز بين التاريخ والتراث
وتواصل د. هبة حديثها:” ولكن أثارنى فضولى عندما كنت أشاهد عمامات الرجال من أفغانستان غريبة الشكل، وفى ذات الوقت مهندمة يظهرمادة نسيجها نوعا من الترف، شدنى كل ذلك وغيره أن أبحث في أغوار تلك الثقافات المختلفة عن ثقافة الخليج من ناحية، وثقافة الشمال الإفريقى من ناحية أخرى، وفي ذات الوقت هي دول إسلامية الطابع فكانت في ذهنى تساؤلات جمة عن تقاليد هذه المجتمعات الخاصة بالأزباء الشعبية أو التقليدية فيها؛ فانطلقت سلاحى علمى وشغفى التاريخ والتراث مجال اهتمامى؛ فمن الصعب التمييز بين التاريخ والتراث؛ لأن التراث ليس إلا جزء من التاريخ، وبالتالي فالفصل بين التاريخ والتراث على صعيد التفكيرالمجرد ليس عملية سهلة، و ليس هناك تاريخ بدون تراث، ولا تراث بدون تاريخ؛ فهناك عملية تداخل مستمر بينهما”.
قد يهمك أيضا : من تاريخ المنسوجات وعناصر وأساليب زخرفتها (azwaaq.com)
واستطاعت د.هبة من خلال هذه الدراسات التعرف على مصطلحات الملابس التقليدية لهذه الدول والتي تختلف تماما عن مصطلحاتنا العربية، وما تحمله من مكنونات ورموز كغيرها من الأزياء الشعبية أو التقليدية من معانى الحسد ودرء الشر، وكشفت الدراسة في هذا الكتاب الصادر حديثا عن “دارالنهضة العربية” بلبنان إبداعات من التراث التقليدي لأزياء الرجال والنساء في كل من هذه البلدان؛ فهى مجتمعات ذات قبائل عرقية متعددة تربوعلى الإحدى عشر عرقية لكل منها تقاليدها وأسلوب حياتها – وإن تشابهت – للجوار والتاريخ المشترك، إلا أن لكل منها خصوصية في تقاليدها وأزيائها التقليدية أيضاً.
الثقافات والفنون في باكستان
وكانت البداية من باكستان؛ تقول د. هبة يس وتضيف:”قمت بمقابلات شخصية (2003م) مع الملحق الثقافي في القاهرة والذى أمدنى بالكثير عن ذلك المجتمع وللحرف اليدوية في باكستان تاريخ طويل يعود بها إلي ما قبل الميلاد؛ حيث تعددت الثقافات والفنون بها؛ نتيجة لما تعرضت له شبه القارة الهندية في القدم من فاتحين وغازين ومستوطنين من جنسيات وأصول متعددة، تجمعت كلها وأنتجت حرفاً وفنوناً وثقافات متنوعة في تلك البقعة من العالم، والتي كانت باكستان جزءاً منها؛ فكان لذلك كله أثره في تنوع الحرف اليدوية التي تعد كنزاً قيماً تعج به الأسواق التجارية والشعبية ليست فقط في باكستان أو شبه القارة ولكن في العالم كله.
وتواصل حديثها ل”أذواق”:”من أكثر تلك الحرف انتشاراً صناعة النسيج اليدوي المحلي، ثم تحويله إلي قطع ملبسية مختلفة ثم تزيين تلك الملابس أوالمنسوجات بالتطريز أوالصباغة أو الطباعة ، وكلها حرف يدوية واحتياجات يقوم بها كل فرد في باكستان؛ حيث نري في كل منزل نول يدوي ومواد صبغية وأدوات للتطريز والزخرفة”.
وتضيف:” كما استأنفت بين (2005: 2007م) البحث في الدولتين الأخريتين وعقدت مقابلات شخصية والتقطت الصور الفوتوغرافية لعرقيات كالأكراد والملابس الوطنية العامة في كلا الدولتين، وفى المجتمعات الثلاث لهذه الدول تميزت ملابس النساء بنقوشها المتنوعة وزخرفتها التى لا يخلو زى منها مهما كان بسيطا.
سمات الملابس في دول وسط وغرب آسيا الإسلامية
.jpg)
للملابس في هذه المنطقة سمات خاصة (أذواق)
واستخدام قطع المرايا في كل من باكستان وأفغانستان لزخرفة الملابس كما تتميز بكثافة الزخرفة وجمالها ودقتها وإتقانها وإبداع التصميمات التلقائية التى تبتكرها؛ فتتحول الأزياء بها لقطعة فنية كما تتميزبالاتساع والسمات التى تؤدى الراحة فى الحركة وللعامل الدينى، والغالبية المسلمة أثر فى هذه الأزياء من الإحتشام كسمة أساسية، بينما اشتهرت هذه المناطق بطواقى القراقول والباكول بالنسبة للرجال إضافة إلى العمائم المميزة لكل عرقية فيها”.
قد يهمك أيضا : تاريخ الأزيــــاء فى العصور الإسلامية وأثرها في الأزياء في أوروبا في عصورها الوسطى (azwaaq.com)
كما نجد زهاء الألوان بصفة عامة فى إيران وفى ملابس المناطق الساحلية، والتى تعتمد على الزراعة؛ حيث تنعكس ألوان المحاصيل والطبيعة على أزياء هذه المناطق، واستخدام الأقمشة ذات النقوش من زهوروغيرها، بينما نجد المناطق الباردة تميل ألوانهم إلى ألوان الشتاء وإلى الألوان السادة.
وقد قسمت المؤلفة الكتاب إلى ثلاثة فصول تناول الفصــــل الأول: الأزياء التقليدية الباكستانية من منسوجات وتطريز وغيرها من وسائل زخرفة الملابس، وكان الفصـــــــل الثانى على نفس النهج : للأزياء التقليدية الأفغانية، بينما تطرق الفصل الثالث والأخير إلى طرز الأزياء التقليدية الإيرانية مع ثبت لمصطلحات الأزياء التقليدية في كل منها، وقد اعدت الكاتبة نماذج للزى السائد في كل منها شمل الكتاب 231 لوحة و21 شكلا ويقع في 327 صفحة.