حينما يكون الصمت تعبيراً عن الاحتجاج وعدم القبول، وحينما تغيب المشاعر، ويغيب الدفء الأسري، ويحل الشقاق والاعتراض بالصمت محل الوفاق والحوار والمناقشة الهادئة الهادفة، وحينما يكون الرد مقتضبا وجافاً والحديث في أضيق الحدود، فإن ذلك هو ما يطلق عليه “الصمت الزواجي” أو”الخرس الزواجي” .
و”الصمت الزواجي” حالة يعاني منها عدد غير قليل من الأزواج؛ نتيجة لعوامل وأسباب عديدة تختلف من أسرة لأخرى، ولكنها في النهاية تنذر بكارثة إذا لم يتم العمل على حلها بشكل سريع؛ حيث إنها تهدد استقرار الأسرة وتؤثر على الأطفال والكبار تأثرات سلبية وخطيرة .
ولكن ما هي الأسباب الشائعة ل”الخرس الزواجي”؟ الحقيقة أن الأسباب متنوعة وكثيرة جداً، ولكننا سنشير إلى أشهر هذه الأسباب وأكثرها أهمية، ومنها على سبيل المثال هي الإهمال؛ حيث إن شعور أي طرف من أطراف العلاقة الزوجية بالإهمال وعدم الاكتراث من الطرف الآخر يدفعه إلى الاعتراض على ذلك بالصمت، وقد يكون ذلك من المرة الأولى، وقد يكون بعد توجيه العتاب لمرة واحدة أوأكثر، ثم لا يجد فائدة من ذلك فيلجأ إلى “الصمت الزواجي” كأسلوب للتعبير عن الرفض والاعتراض.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن الشعور بالإهمال أمر نسبي، وكلما كانت مشاعر واهتمام الفرد في فترة الخطوبة مفرطا وزائداً عن الحد فإن أقل حد من الإنشغال بعد الزواج قد يجعل الطرف الآخريشعر بالإهمال؛ لذلك لا بد من الاعتدال في تقديم الاهتمام من دون إفراط أو تفريط.
ومن الأسباب المهمة أيضاً ل “الخرس الزواجي” غياب التفاهم والحوار؛ وهذا السبب بدوره قد يرتبط بالعديد من العوامل الأخرى ومنهاعدم التقارب في مستوى الذكاء؛ فالتفاوت الكبير بين الزوجين في مستوى الذكاء قد يدفعهما لالتزام الصمت حيث إن الحوار لن يكون شيقاً؛ لأنه لن يكون على نفس المستوى.
قد يهمك أيضا: كيف تدير التنافس بين الأبناء ؟ ! (azwaaq.com)
وكذلك اختلاف طريقة التفكير أيضاً تُعد من أسباب غياب التفاهم، بالإضافة إلى تباين الاهتمامات والأولويات؛ فلكل طرف من الأطراف ما يهتم به، ويحتل مركزاً متقدماً ضمن أولوياته، بينما يتعارض هذا مع أولويات الطرف الآخر؛ فيتوحد كل طرف مع اهتماماته ويتجنب الطرف الآخر.
ويشكل إدمان الإنترنت والسوشيال ميديا تحديداً عاملاً آخرمؤثراً في التواصل بين الزوجين؛ فهذا الإدمان يأخذ الفرد من محيطه الأسري والعائلي، ويقتل وقته، ويبدد مجهوده بشكل كبير ويعزله رغماً عنه عن عالمه، ويفقده المشاعرالدافئة ولذة التواصل الأسري، كما يعمل على إضعاف علاقته بالطرف الآخر .
ولايقل خطورة عن ذلك صفة البخل أو”الشح العاطفي” لدى أحد الطرفين؛ ذلك أن عدم تعبير كل فرد عن مشاعره تجاه الطرف الآخر، والتركيز على سلبيات الطرف الآخر وعدم الاعتراف بإنجازاته أو إيجابياته والتقليل من شأنه؛ إنما يؤدي حتماً إلى هذا الصمت الأسري .
قد يهمك أيضا: العـامُ الجديدُ ومعــاني الاحتفـاء و التكريم (azwaaq.com)
كما أن الجهل بطبيعة الطرف الآخر؛ يزيد الأمر تعقيداً، ويغذي “الصمت الزواجي”فلكل من الأنثى والذكر طريقة مختلفة في التفكير ومعالجة المعلومات، وهذا الاختلاف هو الذي يثري الحياة،، ويعطي لها معنى وعلى كل منهما أن يكون أكثر تسامحا مع أفكار الطرف الآخر وأكثر تقبلا للاختلاف بينهما، وأن يسعى لتوظيفه واستغلاله واستثماره في إثراء البيئة الأسرية وزيادة خبراتها ورصيدها المعرفي.
وأياً كان السبب الذي يوصل الزوجين إلى هذه الحالة فإن العلاج لن يكون بعيداً عن رغبتهما وإرادتهما وسيكون الأمركله بأيديهما؛ إذ عليهما أن يأخذا زمام المبادرة لحل هذه المشكلة؛ حرصا منهما على استقرار الأسرة وكسر حالة “الصمت الزواجي”، ويمكن تحقيق ذلك من خلال البحث عن السبب الذي أوصلهما إلى “الصمت الزواجي” ووضع حل جذري له، وعدم الاكتفاء بتقديم الاعتذارات “اللسانية” مع ترك السبب كما هو؛ إذ عليهما أن يسعيا لاقتلاع هذا السبب من جذوره، واتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان عدم عودته مرة أخرى.
قد يهمك أيضا: اليوم العالمي للغة اليونانية (azwaaq.com)
ومن المهم كذلك تفعيل جلسة الحوار الأسرية اليومية على أن تكون الأجواء مهيأة لذلك من خلال إضاءة هادئة ومكان مناسب وبيت منظم ومرتب، وأن تكون الظروف النفسية أيضا مناسبة بحيث يكون الفرد في كامل شعوره بالاسترخاء، وليس هناك ما يعكر الصفو ويجلس الجميع لطرح أفكارهم ومناقشتها، مع الالتزام من الجميع قبل بداية الجلسة بعدم توجيه النقد والتوبيخ للمتحدث أيا كان ما يقوله. – .
وعلى الطرفين العمل على تكوين مزيد من الذكريات المشتركة بينهما من خلال القيام برحلات وزيارات إلى أماكن جديدة أوالخروج إلى التنزه والأماكن المفتوحة، مع الحرص على تجنب الحديث عن أي مشكلات أثناء هذه الرحلات..
ويكون لتبادل الهدايا أيضا أثر إيجابي كبير في التخلص من هذه المشكلة، بالإضافة إلى وضع أهداف مشتركة وخطط تعاونية لتحقيقها،وتجنب فرض الحديث في الأوقات التي لا يفضل الطرف الآخرالحديث فيها، أو الأوقات التي يكون فيها مجهداً، أوفي حالة مزاجية غيرمناسبة.