في عالم يفيض بالمعلومات، وتنتشر فيه وسائل التواصل الإجتماعي بشكل مذهل ، تنتشر الشائعات كالنار في الهشيم.
و تعمل هذه الشائعات على تشويه الحقائق، وتغيير المفاهيم، وأحيانا تسبب القلق والشك.
وفي أحيان كثيرة تسبب المشاحنات، وتفسد العلاقات، وتدمر المجتمعات.
وهو ما يطرح على أذهاننا سؤالاً مهما لماذا نقع في فخ تصديقها، بل وأحياناً نساهم في نشرها؟، وهو ما سأقوم بمناقشته اليوم في أذواق .
إقرأ أيضاً للكاتب : الإفراط في المجاملات يصنع المشكلات
علم النفس يقودنا إلى أسباب الشائعات
والإجابة على هذه التساؤلات يرشدنا إليها علم النفس ببساطة. إذا لماذا نصدق الشائعات رغم عدم صحتها، وعدم منطقيتها أحيانا؟.
هناك العديد من الأسباب والدوافع التي تشبعنا بها، وأصبحت تقودنا بشكل لاإرادي في كثير من الأحيان إلى تصديق الشائعات والإيمان بها. ومن هذه الأسباب : سطحية التفكير، وضعف الوعي؛ فالبعض الآخر قد يصدق الشائعة؛ لأنه يمارس نمطا سطحيا من التفكير.
وقد لا يعمل المرء عقله ولا يجهد ذهنه في التفكير في محتواها.
فضلا عن الإنحياز التأكيدي، بمعنى أننا نميل إلى تصديق ما يتوافق مع معتقداتنا المسبقة.
فمثلا قد تدعم الشائعة مخاوفنا، أوآراءنا، أو مشاعرنا؛ فعلى سبيل المثال عند إطلاق شائعة عن شخص نكرهه أو بيننا وبينه عداوة، فإننا نسارع إلى قبولها دون تفكير!.
إقرأ أيضاً للكاتب : كيف تدير التنافس بين الأبناء ؟ !
أسباب أخرى للشائعات
وإذا كنت معارضاً لفكرة معينة، ثم ظهرت شائعة تصف هذه الفكرة بعدم السواء، فإنك ستبادر إلى تصديقها
. الثقة في المصدر.
وهو سبب منتشر من أسباب تصديق الشائعات؛ حيث إنه إذا سمعت الشائعة من صديق مقرب، أوشخصية محترمة، فإن ثقتك في المصدر تجعلك تبادر إلى تصديق الشائعة دون تفكير.
ومن أسباب الشائعات أيضاً ملء الفراغ الإدراكي، ويحدث ذلك بسبب الغموض.
فعندما نواجه موقفا غامضا أو يمثل تهديداً ويثير لدينا القلق فإن هذا القلق يدفعنا إلى البحث عن تفسيرات سريعة.
وهنا تتوجه الأنظار إلى أي معلومة يتم طرحها، وتقدم الشائعات إجابات بسيطة تُهدئ روعنا، وتخلصنا جزئيا من حالة الغموض وعدم الوضوح.
إقرأ أيضاً للكاتب : كيف تتعامل مع الشخصيات الصعبة ؟
لماذا لا نكتفي بالتصديق !
لكن السؤال الأهم لماذا لا نكتفي بالتصديق، ولماذا نبادر إلى نقل الشائعات ؟ هناك أيضا العديد من الأسباب التي تقف خلف هذا السلوك.
ومن هذه الأسباب النشر المتعمد لتحقيق أغراض خبيثة؛ فالبعض يعرف أنها إشاعة، وربما يكون هو أحد صانعيها.
أوربما ينتمي ينتمي لمجموعة تعمل على صناعتها؛ لتحقيق أهداف معينة، ويقوم بدوره في نشر الإشاعة لتحقيق أهدافه الخبيثة التي يسعى إليها.
أضف إلى ذلك أن الإشاعات قد تكون بهدف تعزيز إنتماء الفرد لجماعة معينة.
فالبعض بدافع تعزيز علاقته بالجماعة وحيث إن “المصائب يجمعن المصابينا” كما قال الشاعر؛ فإنه يسعى لنشر الإشاعات التي تعمل على خلق شعور مشترك تتوحد عليه الجماعة.
فمثلاً قد يتم مشاركة إشاعة سلبية عن فساد شخص في شركة منافسة، أو في فريق منافس لتعزيز إنتماء الفرد لفريقه .
وقد يكون إطلاق الشائعات بهدف الشعور بالزهو والأهمية، وإثبات الذات الوهمي.
ذلك أن البعض قد يسارع لنقل الإشاعة للإيهام الناس بأنه أكثر دراية ومعرفة و إطلاعا منهم؛ وهو ما يمنحه شهور بالزهو والتأثير.
المقابل المادي
وهناك نوع من الشائعات يكون بسبب الحصول على تفاعل وانتشارأو مقابل مادي.
إذ أن البعض قد يقوم بنشر الشائعات متعمداً على الرغم من علمه بعدم صحتها بغرض زيادة التفاعل على صفحات التواصل الإجتماعي الخاصة به، وبغرض تحقيق أرباح من المتابعة والتفاعلات.
وتعتبر المشاركة الوجدانية سببا آخر، فقد يتم مشاركة الشائعة التي تثير حالة شديدة من الغضب أو الخوف والذعر والقلق بدافع الحصول على الدعم والمشورة.
الترفيه ومقاومة الملل
وأحيانا قد يكون نشر الشائعة؛ بهدف الترفيه ومقاومة الملل، أو لأسباب شخصية ، ومن ذلك دافع الانتقام لوجود عداوة بينه وبين الشخص الذي تتعلق به الشائعة.
طرق الحماية من خطر الشائعات
لكي نحمي أنفسنا من خطر الشائعات لابد من مقاومة الأحكام المسبقة والإنحياز التأكيدي، والتدريب على التفكير النقدي والقراءة النقدية .
وهنا تبرز أهمية متابعة الصفحات الرسمية للجهات المختلفة أو الجهات ذات الصلة بالشائعة، و العمل على زيادة الوعي وتعميق الفهم .
كذلك من المهم التعرف على مخاطرها وأضرارها وما يمكن أن تؤدي إليه. .
أضف إلى تغيير عقيدتنا في البحث عن المعلومات؛ لتصبح البحث عن المعلومة الصحيحة، وليس المعلومة المريحة بالنسبة لنا.