بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
حسابياً لا يمكن أن نقول أنه يوجد ربع كبير أوربع صغير؛ فالربع هو الربع، أي 25% من الإجمالي، ولكن منذ أيام نكون قد أتممنا الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، وهو في تقديري من أحد أكثر الفترات الزمنية القصيرة، والتي حدث فيها أحداث كثيرة، وذلك على كافة الأصعدة.
قد يكون أكثرها وضوحاً- أو بحكم التخصص- ما حدث من طفرة في قطاع الإتصالات و تكنولوجيا المعلومات وتطور شبكة الإنترنت وزيادة أعداد مستخدميها؛ لتصل إلى 5.5 مليار إنسان، وهذا العدد المهول إنما أتى نتيجة التطور في سرعات الشبكات والهواتف الذكير والحواسب الآلية، وتقنيات حفظ البيانات، والبرمجيات والتطبيقات العالمية.
إقرأ أيضاً للكاتب : مع بداية السنة الجديدة : دع القلق وإبدأ الحياة
ومنها شبكات التواصل الإجتماعي، وما صاحب ذلك من إنتقال كافة الأنشطة البشرية إلى الصورة أو الحياة الرقمية وتزايدت أيضاً المخاطر التي يتعرض لها البشر؛ بسبب إضافة المخاطر السيبرانية، ثم مؤخراً أتت ثورة الذكاء الإصطناعي؛ لتنقل البشرية إلى مرحلة جديدة من الصراع بين الإنسان والالة.
كيف ستقضي الربع الثاني من القرن ال 21 ؟
أعرف أنه كان ربعاً مرهقاً للغاية على كل المستويات، تعلمنا كثيراً، قمنا بنجاحات وواجهتنا إخفاقات، تغيرنا كثيراً، وتغيرت أنماط كل شيء من حولنا، وهو ما أدى الى تغير مشاعرنا، ومن ثم سلوكياتنا في الكثير من المواقف، البعض منا سيستمر حبيس نفس القوالب المعتادة، ونفس العادات البالية، يستمر في الإنغماس في شبكات التواصل الإجتماعي، بين الكثير من الأمور التافهة مثل مشاهدة ذبابة تضئ بطنها باللون الأزرق في موسم التزاوج، أومشاهدة قرد يعمل كمبرمج في وكالة فضاء!.
إحذر “تعفن الدماغ”
وسيستمر أيضاً البعض في متابعة أخبار المشاهير، بين من تزوج ومن طلق، ومن أنجب ومن تم القبض عليه، أويستمر في إنتقاد الأوضاع، أو البكاء على اللبن المسكوب، وهؤلاء أبشرهم بإنهيار عصبي قريب ، أو بالإصابة بتعفن الدماغ Brain Rot ، وهو التعبير الذى تم اعتماده مؤخرا في قاموس أكسفورد للتعبير عن الحالة التي تصيب من يستمر في الإنغماس والإبحار في محيطات التفاهة الرقمية التي لن تجف أبداً.
دروس الماضي
على الجانب الآخر- وأتمنى أن نكون جميعاً فيه- نجد إننا يجب أن نتعلم، وأن نعى دروس الماضي؛ فليس هكذا تبنى الأمم ولا الافراد، يجب علينا أن ننظر بإيجابية إلى المستقبل، مهما كانت الظروف، وأن نستثمر الوقت فيما هو مفيد لنا، ولمحيطنا الصغير والكبير ، وأن نرفض أن نكون مثل قطعة الخشب، البالية المتعفنة التي تتقاذفها الأمواج يميناً ويساراً، وإلى أعلى وإلى أسفل في طريق، ليس له بداية ولا نهاية.
إقتدي بإنسان الماضي !
دعونا نعود إلى الماضي، وننتقى أجمل ما فيه؛ فليس صحيحاً على الإطلاق أن الماضي، قد ولى وأن الحداثة هي الأفضل؛ فإنسان الماضي كان أكثر انتاجاً، وأفضل من الناحيتين النفسية والبدنية، كان يستحق صفة الإنسانية، بقيم أفضل وإنجاز أكبر وحس أكثر رهافة، وليس معنى ذلك أنه كان جاداً أو مملاً، ولكنه عرف طريق التسلية والتثقيف اللذين يضافان إليه، ولا ينتقصان منه.
إقرأ أيضا للكاتب : الهندسة والهبدسة !
إترك أثراً إيجابياً
لنحاول جميعاً أن نحصل على قدر من الثقافة والتسلية، بالإضافة إلى المعرفة المفيدة، ولنتذكر كم كان إنسان الماضي يعاني وربما تستغرقه السنوات؛ للوصول إلى معلومة أو حكمة، نستطيع أن نحصل على أضعافها بضغطة زر، ولكن ربما كان ينقصنا الثقة بالنفس أو القدرة على رؤية الأمورعلى حقيقتها، وحقيقتها تلك هي أن الإنسان وجد على الأرض؛ ليكون مفيداً، وليترك أثرا إيجابياً لمن يأتي من بعده.
هكذا ينبغي أن نبدأ عام 2025
أعتقد أنه لا حاجة بي لإثبات صحة دعوتي وكلامي؛ فنتيجة لعدم الإنتباه الى تلك الأمور نشعر بها جميعا، دعونا نبدأ السنة الجديدة 2025 ـ أو فلنقل ربعاً جديداً ـ بروح إيجابية وثقة بالنفس، وبقدراتنا على أن نصنع غداً أفضل للبشر جميعاً، حتى لمن يأبى أن يشاركنا في هذه الدعوة وهذا التحرك.
الكلمات المفتاحية
# الربع الكبير من القرن ال 21،#الربع الأول من القرن ال21،#القرن 21،#سنة 2025،# تكنولوجيا المعلومات،# التكتولوجيا،#التواصل الإجتماعي،# الحياة الرقمية،# الإنسان،#البشر،#الماضي،#الهواتف،# القرن الحادي والعشرين،#سنة جديدة #زياد عبد التواب.