يُعَرِّفُ المُفَكِّرُ الجَامَايْكِيُّ “ولتر رودني” التَّنْمِـيَةَ بِشَكْلٍ عَـامٍّ بِأَنَّهَا “مُحَاوَلَةُ الإِنْسَانِ تَغْيِيرُ الوَاقِـعِ وَالظُّـرُوفِ بِمَا يَعْتَقِــدُ أَنَّهُ يُهَيِّئُ لَهُ حَيَاةً أَفْــضَلَ”، وَتَشْمَلُ هَذِهِ العَمَلِيَّةُ اسْتِثْمَارَ وَتَطْوِيرَ المَوَارِدِ وَإِقَامَةَ التَّنْظِيمَاتِ اللاَّزِمَةِ، وَبَلْوَرَةَ الأَفْكَــارِ وَالمَفَاهِيمِ الَّتِي تُؤَدِّي مُجْتَمِعَةً إِلَى تَحْقِيقِ حَيَاةٍ أَفْضَلَ مَادِّيّاً وَمَعْنَوِيّاً، وَالسُّؤَالُ هُنَا يَدُورُ حَوْلَ نُقْطَةٍ مُهِمَّةٍ وَهِيَ: كَيْفَ يُمْكِنُ لِلإِنْسَانِ (صَانِعُ التَّنْمِيَةِ) أَنْ يُغَيِّرَ وَاقِعَهُ وَظُرُوفَهُ لِلأَفْضَلِ، وَيُبَلْوِرَ أَفْكَــاراً وَمَفَاهِيمَ جَدِيدَةً تَعْمَـلُ عَلَى تَحْقِيقِ ذَلِكَ الهَـدَفِ مَـا لَمْ يَكُنْ هُوَ نَفْسُهُ يَمْتَلِكُ الأَدَاةَ الَّتِي تُؤَهِّلُهُ لِهَـذِهِ المُهِـمَّةِ الصَّعْبَةِ؟، وَهَذِهِ الأَدَاةُ هِيَ العَقْلُ الرَّاجِحُ، الذِي يُمْكِنُ أَنْ يُفَكِّرَ بِهِ فِي أَفْضَلِ الطُّرُقِ لِتَحْقِيقِ التَّنْمِيَةِ، وَيَسْتَفِيدَ مِنَ التَّجَـارِبِ وَالإِخْفَاقَاتِ السَّابِقَةِ، بِعَبَارَةٍ أُخْرَى فَإِنَّ طَرِيقَةَ التَّفْكِيرِ الَّتِي يَنْجُمُ عَنْهَا تَطْبِيـقُ اسْتَرَاتِيجِيَّـاتِ التَّعَـامُـلِ مَـعَ مُعْطَيَاتِ البِيئَةِ المُحِيطَةِ هِيَ الَّتِي تُقَدِّمُ لَنَا مُؤَشِّرَاتٍ حَوْلَ النَّتَائِجِ المُحْتَمَلَةِ لِتِلْكَ الطَّـرِيقَةِ عَلَى مَشَارِيعِ التَّنْمِيَةِ فِي كَافَّةِ المَجَالاَتِ (سِيَاسِيّاً وَاقْتِصَادِيّاً وَاجْتِمَــاعِيّاً وَثَقَـافِيّاً).
وَمِنَ المَعْــرُوفِ أَنَّ التَّفْكِيرَ العِلْمِيَّ يَتَمَيَّزُ بِالعَقْلاَنِيَّةِ وَالمَنْطِقِ الوَاقِعِيِّ الذِي يَرْتَفِعُ عَنْ مُسْتَوَى الخُرَافَـاتِ الَّتِي تُؤَلِّفُ جَانِباً لاَ يُسْتَهَانُ بِهِ لَـدَى كُـلِّ الشُّعُـوبِ بِمَا فِي ذَلِكَ التُّرَاثُ الثَّقَـافِيُّ العَـرَبِيُّ، أَيْ أَنَّ التَّفْكِـيرَ العِلْمِيَّ يَقُومُ عَلَى المُوَاجَهَةِ المُبَاشِرَةِ مَعَ الوَاقِـعِ، وَفَهْـمِ الأُمُورِ كَمَا تَتَمَثَّلُ لِلْعَقْـلِ الوَاعِي المُدْرِكِ لأَبْعَـادِ الحَقِيقَةِ العِيَانِيَّةِ، وَالَّتِي يُمْكِنُ البَرْهَنَةُ عَلَيْهَا بِالأَدِلَّةِ وَالحُجَجِ المَقْبُولَةِ عَقْلاً، وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ أَهَمَّ رَكِيـزَةٍ مِنْ رَكَائِزِ التَّنْمِيَةِ اليَوْمَ هِيَ “تَنْمِيَةُ الذِّهْنِيَّةِ العَرَبِيَّةِ”، مِنْ خِلاَلِ تَطْوِيرِ طُـرُقِ التَّفْكِيـرِ، وَأَنْمَاطِ التَّعَامُلِ مَعَ الوَاقِـعِ، وَجَعْلِهَا أَكْثَرَ عَقْلاَنِيَّةً، فَالتَّنْمِيَةُ الذِّهْنِيَّةُ هِيَ مِفْتَاحُ التَّغْيِيــرِ المَنْشُـودِ، المُعْتَمِدُ عَلَى مَهَارَةِ الانْتِقَاءِ، وَحُسْـنِ المُفَاضَلَةِ بَيْنَ مَا هُوَ نَافِعٌ، وَمَا هُوَ ضَارٌّ، مِنَ الخَيـَارَاتِ وَالمُغْرِيَاتِ الهَائِلَةِ المُتَوَافِرَةِ فِي القَرْنِ الحَادِي وَالعِشْـرِينَ.
يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ الغَرْبِيِينَ أَنَّ: “أَقْـرْبَ شَيْءٍ إِلَى العَامِلِ الأَوْحَـدِ الأَسَاسِيِّ الذِي تَسْتَحِيلُ عَمَلِيَّةُ التَّنْمِيَةِ بِدُونِهِ هُوَ قُدْرَةُ الدَّوْلَةِ عَلَى الإِحَاطَةِ بِاكْتِشَافَاتِ العِلْمِ الحَدِيثِ، وَالابْتِكَارِ الذِي يُمْكِنُ الاسْتِفَادَةُ مِنْهُ فِي السُّوقِ المَحَلِّيَّةِ”، وَهَذَا يُشِيرُ إِلَى أَهَمِّيَّةِ دَوْرِ الدَّوْلَةِ فِي عَمَلِيَّةِ التَّنْمِيَةِ، كَوْنَهَا تُسَاهِمُ فِي تَطْوِيرِ البُنْيَةِ الاقْتِصَادِيَّةِ، وَتَحْسِينِ مُسْتَوَى الخَدَمَاتِ، وَتَوْفِيرِ مَنَاخَاتٍ إِيجَابِيَّةٍ تَسُودُهَا الحُرِّيَّةُ، وَالابْتِكَارُ العِلْمِيُّ، وَالحِوَارُ المُتَحَضِّرُ، كَمَا تَعْمَلُ عَلَى تَحْقِيقِ الرَّفَـاهِ الاقْتِصَادِيِّ لِمُوَاطِنِيهَـا. وَهُنَا لاَ بُدَّ أَنْ نُدْرِكَ جَيِّداً أَنَّ التَّنْمِيَةَ تَرْتَبِطُ بِالتَّقَدُّمِ الاقْتِصَادِيِّ وَالاجْتِمَاعِيِّ وَالبَشَـرِيِّ فِي أَيِّ دَوْلَةٍ، فَالإِنْسَانُ هُوَ مُحَرِّكُ التَّنْمِيَةِ، وَهَدَفُهَا النِّهَائِيُّ فِي آنٍ وَاحِدٍ. وَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ التَّنْمِيَةُ مِنْ صُنْعِهِ، وَأَنْ يَكُونَ هُوَ غَايَتَهَا النِّهَائِيَّةَ.
وَتُؤَكِّدُ أَدَبِيَّاتُ مُنَظَّمَةُ (اليُونسكو) أَنَّ “التَّنْمِيَةَ هِيَ أَيْضاً ثَقَافَةٌ تَسْتَمِدُّ قِيَمَهَا المُحَرِّكَةَ لَهَا مِنَ الإِيمَـانِ بِالتَّقَدُّمِ عَنْ طَرِيقِ العِلْمِ وَالاقْتِصَادِ، وَتَفْضِيلِ النَّزْعَةِ العَصْرِيَّةِ، وَاليَقِينِ بِمُسْتَقْبَلٍ أَفْضَلٍ.. مَعَ الإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ التَّنْمِيَةَ عَمَلِيَّةٌ طَوِيلَةُ الأَجَلِ لاَبُدَّ مِنْ تَخْطِيطِهَا مَعَ مُرَاعَاةِ الغَايَاتِ”.
ويرى الدكتور غازي القصيبي أن: “الذِّهْنِيَّةُ المَطْلُوبَةُ هِيَ، بِالدَّرَجَةِ الأُولَى، ذِهْنِيَّةٌ عِلْمِيَّةٌ، بِمَعْنَى أَنَّهَا تَلْجَأُ إِلَى الأُسْلُوبِ العِلْمِيِّ فِي حَلِّ المَشَاكِلِ، بَدَلاً مِنَ التَّخَبُّطِ الخَالِي مِنْ كُلِّ مَنْهَجِيَّةٍ، أَوِ الانْحِرَافِ التِّلْقَائِيِّ تِجَاهَ الحُلُولِ الأَيْديُولُوجِيَّةِ. وَهَذِهِ النَّظْرَةُ العِلْمِيَّةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ، فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ، عَمَلِيَّةً تَعْتَرِفُ بِالوَاقِعِ وَمَا يَفْرِضُهُ مِنْ قِيُودٍ وَحُدُودٍ. هَذِهِ الذِّهْنِيَّةُ لاَ تَتَرَدَّدُ قَبْلَ اقْتِبَاسِ مَا هُوَ مُفِيدٌ، وَلاَ تَجْبُنُ عَنْ رَفْضِ مَا هُوَ ضَارٌّ. يُمْكِنُنَا أَنْ نُطْلِقَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالخَصَائِصِ العَقْلِيَّةِ اللاَّزِمَةِ لِنَجَاحِ العَمَلِ التَّنْمَوِيِّ (الذِّهْنِيَّةُ التَّنْمَوِيَّةُ)”.
قد يهمك أيضا : التربية الثقافية … ضرورة حياتية (azwaaq.com)
إِنَّ “التَّنْمِيَةَ الذِّهْنِيَّةَ” تَحْدِيداً لَيْسَتْ عَمَـلِيَّةً سَهْلَةً بِطَبِيعَةِ الحَالِ، وَلاَ هِيَ مُسْتَحِيلَةُ التَّحَقُّقِ، لَكِنَّهَا تَعْتَمِدُ عَلَى عِدَّةِ عَـوَامِلَ مِنَ المُمْكِنِ أَنْ تُسَـاهِمَ فِي تَحْقِيقِ قَدْرٍ كَبِيرٍ مِنْهَا، وَأَنْ تَسِيرَ قُدُماً بِمَشَارِيعِ التَّنْمِيَةِ الشَّــامِلَـةِ (كَنَتِيجَةٍ مَنْطِقِيَّةٍ) نَحْوَ التَّقَدُّمِ المُطَّرِدِ، وَأَهَمُّ هَذِهِ العَوَامِلِ فِي نَظَرِي هِيَ: إِحْدَاثُ تَغْيِيرٍ جَـذْرِيٍّ فِي النُّظُمِ التَّعْلِيمِيَّةِ العَرَبِيَّةِ، فَهِيَ مَنَاهِجٌ تَقُومُ عَلَى التَّلْقِينِ وَحَشْوِ المَعْلُومَاتِ وَالأَفْـكَارِ، وَلاَ تُعْطِي فُرْصَةً لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يُفَكِّرَ وَيُحَلِّلَ، وَيَتَوَصَّلَ إِلَى النَّتَائِجِ المَنْطِقِيَّةِ الَّتِي تَرْبِطُ بَيْنَ المُتَغَـيِّرَاتِ، وَتَسْتَكْشِفَ طَبِيعَةَ العِلاَقَةِ بَيْنَهَا، إِنَّهَا نُظُمٌ تَفْتَقِرُ إِلَى التَّطَوُّرِ المُسْتَمِرِّ، وَالحِوَارِ العَقْلاَنِيِّ، وَالمُنَاخِ العِلْمِيِّ الصِّحِّيِّ، وَتُكَرِّسُ الإِفْلاَسَ المَعْرِفِيَّ، الذِي لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ بِنَا إِلَى نَتِيجَةٍ مُرْضِيَةٍ، سِوَى تَزَايُدِ أَعْدَادِ الخِرِّيجِينَ، وَتَدَنِّي مُسْتَوَى التَّحْصِيلِ العِلْمِيِّ.
وَلَعَلَّنَا هُنَا نَضَعُ أَيْدِينَا – كَمَا يَرَى بَعْضُ البَاحِثِينَ- عَلَى “المِفْتَاحِ السِّحْرِيِّ” لِلتَّنْمِيَةِ، المِفْتَاحُ الذِي يَسْتَحِيلُ فِي غِيَابِهِ تَحْقِيقُ التَّنْمِيَةِ، رُغْمَ تَوَافُـرِ كُلِّ عَنَاصِرِهَـا، وَيُمْكِنُ أَنْ تَتَحَقَّقَ التَّنْمِيَةُ عِنْدَ وُجُودِهِ حَتَّى مَعَ غِيَابِ عَدَدٍ مِنْ عَـوَامِلِهَا، هَذَا المِفْتَاحُ السَّحْرِيُّ هُوَ التَّعْلِيمُ.
وَقَدْ بَيَّنَتِ العَدِيدُ مِنَ الدِّرَاسَـاتِ أَنَّ هَــذَا الأُسْلُوبَ التَّقْلِيدِيَّ الذِي مَا يَزَالُ مُسَيْطِراً عَلَى التَّعْلِيمِ، هُـوَ أُسْلُوبٌ غَيْرُ مُجْدٍ؛ إِذْ أَنَّهُ يُصِيبُ الطَّــالِبَ بِالْمَلَلِ وَالخُمُولِ، وَيَجْعَلُ كُلَّ تَرْكِيزِهِ مُنْصَبّاً عَلَى التَّفْكِيرِ فِي النَّجَاحِ فَقَطْ، مِنْ خِلاَلِ اللُّجُوءِ إِلَى الحِفْظِ دُونَ الفَهْمِ، وَالنَّتِيجَةُ النِّهَائِيَّةُ لِهَذِهِ العَـوَامِلِ هِيَ تَزَايُدُ التَّعَثُّرِ وَالإِخْفَاقِ فِي مَسِيرَةِ العَمَلِيَّةِ التَّعْلِيمِيَّةِ وَأَرْكَانِهَا وَعَنَاصِرِهَـا.
وَإِصْلاَحُ التَّعْلِيمِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْتَكِزَ عَلَى: الرَّبْطِ التَّامِ بَيْنَ مُتَطَلَّبَاتِ التَّنْمِيَةِ وَمَنَاهِجِ التَّعْلِيمِ، بَحَيْثُ تَكْفَلُ هَذِهِ المَنَاهِجُ وَالمُقَرَّرَاتُ الدِّرَاسِيَّةُ سَدَّ حَاجَةِ المُجْتَمَعِ إِلَى الكَفَاءَاتِ البَشَرِيَّةِ المُدَرَّبَةِ، اللاَّزِمَةِ لِنَجَاحِ عَمَلِيَّةِ التَّنْمِيَةِ. وَكَذَلِكَ مِنْ رَكَائِزِ إِصْلاَحِ التَّعْلِيمِ: الاسْتِغْنَاءُ عَنِ الأَنْظِمَةِ التَّعْلِيمِيَّةِ التَّلْقِينِيَّةِ، وَاسْتِبْدَالِهَا بِطُرُقٍ مُتَطَوِّرَةٍ فِي التَّرْبِيَةِ وَالتَّعْلِيمِ تُرَكِّزُ عَلَى أَحْدَثِ وَسَائِلِ التَّعْلِيمِ وَالتَّدْرِيبِ.
قد يهمك أيضا : بَحْثاً عَنِ السَّعَــــادَةِ (azwaaq.com)
فَالتَّنْمِيَةُ الذِّهْـنِيَّةُ تَرْتَبِطُ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ بِضَرُورَةِ إِتْقَانِ المُعَلِّمِ لِمَهَارَاتِ التَّفْكِيرِ النَّاقِدِ، وَمِنْ هَذِهِ المَهَارَاتِ مَهَـارَةُ “مُرَاقَبَةِ الذَّاتِ”، وَلاَبُدَّ أَنْ يَتَمَكَّنَ المُعَلِّمُونَ مِنْ تَدْرِيبِ طُلاَّبِهِمْ عَلَى هَذِهِ المَهَارَةِ، وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ خِلاَلِ الأُسْلُوبِ الشَّفَوِيِّ التَّلْقِينِيِّ، وَلَكِنْ مِنْ خِلاَلِ أَنْ يَسْلُكُوا أَمَامَ التَّلاَمِيذِ سُلُوكِيَّاتٍ تَجْعَلُهُمْ نَمُوذَجاً يَقْتَدُونَ بِهِ. فَعِنْدَمَا يَمْتَلِكُ المُعَلِّمُ القُدْرَةَ عَلَى إِيصَالِ المَعْلُومَةِ لِطُلاَّبِهِ بِأَبْسَطِ الطُّرُقِ، وَعِنْدَمَا يُعْطِـيهِم الفُرْصَةَ لِتَحْلِيلِهَا، وَعَدَمِ أَخْذِهَا عَلَى أَنَّهَا مُسَلَّمَةٌ لاَ تَقْبَلُ النِّقَاشَ؛ فَإِنَّهُ يُحَرِّكُ فِيهِمْ رُوحَ المُغَـامَرَةِ وَالتَّنَافُسِ، وَيَدْفَعُهُمْ إِلَى التَّفْكِيرِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمُنَاقَشَتَهُ، وَبِذَلِكَ تَتَحَوَّلُ الفُصُولُ وَالقَاعَاتُ الدِّرَاسِيَّةُ وَالمُـدَرَّجَاتُ الجَامِعِيَّةُ إِلَى وِرَشِ عَمَلٍ تَمْتًلأُ حَيَوِيَّةً وَنَشَاطاً، وَتَزْخَرُ بِذَاكَ الجَدَلِ العِلْمِيِّ المُفِيدِ، وَالذِي يُعَـدُّ دُونَ شَكٍّ ظَاهِرَةً صِحِّيَّةً، مُفِيدَةً فِي تَطْوِيرِ طُرُقِ التَّفْكِيرِ، بَلْ فِي الارْتِقَاءِ بِالعَمَلِيَّةِ التَّعْلِيمِيَّةِ بِرُمَّتِهَا.
لَقَدْ غَدَتِ “التَّنْمِيَةُ الذِّهْنِيَّةُ” اليَوْمَ مَطْلَباً مُهِمّاً فِي حَيَاتِنَا عَـامَّةً، وَفِي العَمَـلِيَّةِ التَّعْلِيمِيَّةِ خَاصَّةً، حَيْثُ أَنَّهَا تَرْتَبِطُ ارْتِبَاطاً وَثِيقاً بِالتَّنْمِيَةِ المُسْتَدَامَةِ لإِنْسَانِ القَرْنِ الحَادِي وَالعِشْــرِينَ، لِذَلِكَ فَالحَاجَةُ مُلِحَّةٌ اليَوْمَ لِتَبَنِّي حَمْلَةٍ وَطَنِيَّةٍ مُمْتَدَّةٍ وَوَاسِعَةٍ لِتَطْوِيرِ المَنَاهِجِ التَّعْلِيمِيَّةِ، وَالبَحْــثِ فِي سُبُـلِ هَــذَا التَّطْوِيرِ، وَرَبْطِهِ بِتَحْقِيقِ “التَّنْمِيَةِ الذِّهْنِيَّةِ” المَنْشُودَةِ.