بقلم : د. زينة عبد العزيز منير
أكاديمية و متخصصة في السياسات البيئية – جامعة فرايبورغ ألمانيا
مقدمة: الأجندة المشتركة للتعليم و تغير المناخ
مع انعقاد الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP28) في دبي تم اعلان الأجندة المشتركة للتعليم وتغير المناخ، وهو أول اعتراف سياسي عالمي بالصلة الوثيقة بين التعليم وتغير المناخ. تتضمن المبادرة طرقا واضحة لتطوير سياسات التعليم بما ينشر الوعى بما هية ظاهرة تغير المناخ و تأثيرها على مستقبل الحياة على الأرض و تزويد الشباب بالمهارات اللازمة للوظائف الخضراء و بناء أنظمة تعليمية مرنة مناخيا, مما يدفع النمو الأخضر و يضمن تحولا عادلا و مستداما.
قد يهمك أيضا : مؤتمر المناخ في دبي : ثلاث روايات للمفاوضات الدولية (azwaaq.com)
الملامح الرئيسية “للأجندة المشتركة للتعليم و تغير المناخ”
و تتضمن المبادرة خطوطا عريضة تؤكد دور تطوير التعليم فى بناء الوعى لدى الأطفال و الشباب و دفعهم إلى المشاركة الفعالة فى العمل الجماعى المُناخى, حيث تشير المبادرة إلى التالى:
- الإعتراف بأن أزمة المناخ تؤثر بشكل غير متناسب على الأطفال، وخاصة الفتيات والفئات المهمشة من المجتمعات. فعادة ما تتحمل هذه الفئات العبء الأكبرالمرتبط بالكوارث الطبيعية و يجب على أنظمة التعليم, من جانب, أن تساهم فى بناء قدرة الأطفال و الشباب لتعزيز قيم الحفاظ على البيئة و إتباع أنماط حياتية مستدامة, و على الجانب الآخر, بناء قدرات الأطفال والشباب للتكيف مع الكوارث الطبيعية و تباعاتها الإقتصادية
- التأكيد على أن التعليم من أجل التنمية المستدامة هو جزء من الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة و الذي ينص على “أن التعليم الجيد يوفر من مرحلة الطفولة و على مدى الحياة المعرفة والمهارات اللازمة لعالم متغير ويلعب دورًا أساسيًا في تعزيز التحول على نطاق واسع نحو مجتمعات أكثر استدامة وإنصافًا وعدالة وقدرة على التكيف مع المناخ”. كما أبرزت المبادرة توافقها مع إعلان برلين بشأن التعليم من أجل التنمية المستدامة، و الذى يشير إلى فوائد التعاون في مجال التعليم فى تحقيق أهداف الإستدامة البيئية.
- التذكير بالمادة 6 من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والمادة 12 من اتفاقية باريس بموجب الاتفاق، و كلاهما تؤكدان دور الوعى بشأن تغير المناخ فى التحول إلى أقتصادات ذات الكربون المنخفض والمستدامة والمجتمعات المرنة القادرة على التكيف مع المناخ.
- الإعتراف بالفجوة التمويلية في مجال التعليم و الوعى المناخي والتخطيط للتأهب لحالات الطوارئ الناجمة عن تغير المناخ. و لذاك لابد من حشد الموارد التمويلية لتكييف و تطوير أنظمة التعليم فى ضوء تحديات تغير المناخ من خلال موارد التمويل المبتكرة و الشراكات الثنائية و الدولية فى هذا الصدد. وتوفير المصادر التمويلية ليس ضرورى للتعليم فحسل, بل أيضا لتقديم الخدمات الأوسع نطاقا مثل خدمات الصحة و الغذاء و خصوصا فى اوقات و عقب وقوع الكوارث المناخية.
- قد يهمك أيضا : كيف تتولد الأفكار في رؤوسنا؟ (2) (azwaaq.com)
التعليم و المواطنة البيئية و دورهما فى مجابهة تغير المناخ
و بالأخذ فى الإعتبار العوامل السابق ذكرها, تسعى المبادرة الجديدة للتعليم و تغير المناخ إلى خلق ما يمكن وصفه “بالمواطنة البيئية” لدى الأطفال و الشباب فى العالم. وينقسم الخطاب الخاص بالمواطنة البيئية إلى اتجاهين: الخطاب الخاص بطبيعة أو نمط الحياة الفردية فى تشكيل مواقف الأشخاص و سلوكهم تجاه البيئة و الخطاب الخاص بحقوق المشاركة فى صنع القرار و الإلتزام بالصالح العام فى الحفاظ على الموارد الطبيعية و حمايتها من التدهور. و بصرف النظر عن النظريات السياسية أو الفلسفية التى تشكل مفهوم المواطنة البييئة, اتفق العلماء على دور التعليم فى انتاج التغيرات السلوكية لدى المواطنين، والتي يمكن ترجمتها في النهاية إلى جوانب المواطنة البيئية مثل تعزيز الأنشطة البيئية المستدامة, مشاركة المواطنين فى عمليات صنع القرار المتعلقة بالقضايا البيئية و توكيد حقوقهم البيئية و الإجتماعية و الإقتصادية العادلة و تطوير قدرة الأفراد على المساهمة فى تطوير حلول للمشاكل البيئية و تنفيذها على أرض الواقع.
قد يهمك أيضا : شراكة بين السويد و برنامج الأمم المتحدة الإنمائى لدعم أسواق الكربون فى أفريقيا (azwaaq.com)
صحيح أن مفهوم المواطنة البيئية يبرز دور المسئولية الفردية فى التصرف وفقا للصالح البيئى و المجتمعى, إلا أن هذا التركيز على العمل الطوعى الفردى لا يجب أن يصرف انتباه المواطنين عن الأسباب البنيوية “الإقتصادية و السياسية” للمشاكل البيئية مثل تغير المناخ. هذا التركيز المكثف على دور الأفراد لا يجب أن يؤدى إلى تخلى الحكومات و الجهات الرسمية عن دورها الهام و المحورى فى حل الأسباب الهيكلية التى تفاقم ظاهرة تغير المناخ عالميا.
# الأجندة المشتركة للتعليم وتغير المناخ