الدكتورعاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد بجامعة القاهرة
” التربية قبل التعليم” … هذه العبارة ليست محلاً لأي خلاف، ولا أعتقد أن أحداً يمكنه أن يعترض على مضمون هذه العبارة ومعناها، سيما بعد أن طالعتنا الصحف والمواقع الإخبارية ووسائل التواصل الاجتماعي بالعديد من الأخبار التي توثق خروجاً عن قواعد الأخلاق و السلوك الجيد، مثل مشاجرات المدارس مؤخراً، لقد بات من الضروري إعادة هذه العبارة للأذهان، وطرحها مرة أخرى على مسامع المربين من أولياء الأمور والمعلمين؛ حيث يبدو أن عددا ليس بالقليل قد تناسوها !.
نعم اهتمت المدارس بتربية العقول، ولم تهتم بنفس القدر بتنمية الوجدان والقيم والسلوك الأخلاقي؛ فتكررت حوادث العنف في المدارس سواء بين الطلاب بعضهم، أوبينهم وبين المعلمين، وقد ظهرت هذه السلوكيات في المدارس الدولية والحكومية على السواء؛ مما يعني أن هناك مشكلة ما تتعلق بأولويات التربية ومضمونها ومحتواها.
نعم لقد اهتمت المدارس في كل مرة يتم تقديم مقترح لتطوير التعليم بشرح المستويات المعرفية المطلوب من الطالب الوصول إليها، وركزت جهودها في التطوير على جانب واحد فقط من جوانب شخصية الطالب، وهو الجانب المعرفي على حساب جوانب أخرى شديدة الأهمية وهي الجانب الوجداني والجانب المهاري.
ولكلا الجانبين مستويات أيضاً كالمستويات المعرفية، ينبغي وضعها في الاعتبار عند التخطيط؛ لتطوير النظام التعليمي، وإهمال هذه الجوانب يشير إلى اهتمام المدرسة بالتعليم وإهمال التربية.
وعلى صعيد الأسرة فإن عدداً كبيراً من أولياء الأمور يعتقد أنه قد أدى واجبه نحو أبنائه على أكمل وجه فقط، إذا ألحقهم بمدارس خاصة أو تجريبية أو دولية، ويردد أنه ربى أولاده أفضل تربية، وهو لا يدري أن ما يقدمه لا يتعدى كونه رعاية، وقيام على شؤون الأبناء، أما التربية فبعيدة كل البعد عن هذه الإجراءات.
بعض الآباء في حاجة بالفعل أن يعرفوا ماهي التربية!، ما هو المفهوم الصحيح للتربية؟، وكيف يطبقونه، إن التربية التي يجهلها كثير من أولياء الأمور هي تعزيز للقيم الإيجابية وإكساب الأبناء السلوكيات الإيجابية وبناء خبراتهم الحياتية على نحو إيجابي، فضلاً تنمية شخصيتهم في الاتجاه السوي، والتربية تعني الكشف أيضاً عن مشكلات الأبناء السلوكية، وعلاجها بأساليب تربوية مناسبة .
و التربية معايشة ومشاركة للأبناء في خبراتهم ومواقفهم اليومية، ومساعدتهم على تكوين خبرات مستقلة وتكوين بنية معرفية قوية وصحيحة، والتربية هي بناء شخصية متكاملة للإبن، لا يطغى فيها جانب على آخر، بل تتكامل الجوانب؛ لتكون شخصية فريدة قادرة على العطاء، وتقديم ما هو نافع لنفسها ومجتمعها.
لقد أثمرالاهتمام بتزويد الأبناء أمور محدودة ومظاهر وشكليات على حساب القيم والأخلاق والمهارات الحياتية والشخصية عن عنف غير مبرر وسلوكيات عدائية غير مقبولة، ولا شك أن هذا نذير خطر يدعونا أن نردد باستمرار ” التربية قبل التعليم”.
إقرأ أيضاً للكاتب : شجعوا أبناءكم على السرد
إقرأ أيضاً للكاتب : الأسرة .. رسالة واحدة وأدوارمتغيرة
إقرأ أيضاً للكاتب : من وحي شخصية مازن في “وتر حساس”: كيف تعالج نفسك من التهور؟
إقرأ أيضاً للكاتب: كيف تتعامل مع المتطفلين؟
الكلمات المفتاحية
#التربية قبل التعليم،#التربية،# ماهي التربية،#مفهوم التربية،#إهمال التربية،#مشاجرات المدارس،#الإهتمام بالتربية،#الأسرة،#الأبناء،#المدرسة،#التعليم،#الإبن،#السلوك،# تطوير التعليم،# أولويات التربية،# المدارس الدولية،#المعلمين،#الدكتورعاصم حجازي.