إرتفعت في الفترة الأخيرة نسبة الإنتحار، خاصة بين الشباب، ومنها حالات يُطلق عليها “إنتحار لايف “عبر الإنترنت، وهو شيء مؤسف.
ولاشك أن السبب الرئيسي في إقدام البعض على التخلص من حياتهم، يكمن في مرورهم بأزمة إكتئابية حادة، ما قد يجعلهم يفقدون الأمل.
ومن ثم قد يلجأون للتخلص من المعاناة التي ألمت بهم من خلال الإنتحار، ويأتي الإكتئاب نتيجة؛ لتراكم ضغوط حقيقية.
أو قد يأتي كذلك؛ نتيجة لتوهم وجود ضغوط، أو بسبب العجز عن اتخاذ قرار لتخفيف هذه الضغوط، أوللمعاناة من تهديد ما.
واليوم أناقش في أذواق علاقة الإكتئاب بالإنتحار، ودور الأسرة والمحيطين بالشخص المكتئب في منعه من الإنتحار، من خلال دعمه.
إقرأ أيضاً للكاتب : نصائح مهمة لأولياء الأمور في الترم الثاني
خطر التأخر في دعم المكتئب
وبصفة عامة فإن الإكتئاب يتعلق باستشعار وجود ضغوط، مع وجود إنخفاض كبير في مستوى الصلابة النفسية؛ فالشخص يكون هشاً داخلياً.
وبناءً عليه إذا لم يتم التدخل بشكل مناسب؛ فإن الانتحار هو الحل الوحيد الذي سيلجأ إليه المكتئب؛ لإنهاء هذه الضغوط.
التنفيس الإنفعالي للمكتئب
وكلمة السر في مشكلة مرور الفرد بأزمة إكتئابية تكمن في التنفيس الإنفعالي؛ حيث يحتاج الفرد إلى أن يجد لإنفعالاته وآلامه متنفساً.
ومن ثم يعبرعن هذه الإنفعالات و الآلام مع شخص يثق فيه، ويتفهم هذه المشاعر، ويستطيع أن يقدم له الدعم. لكن ماذا لو لم يجد الشخص المكتئب الذي يفكر في الإنتحار هذا الشخص المنتظر؟!، في هذه الحالة فإنه يلجأ إلى كبت إنفعالاته.
من أسباب الإنتحار
الآن علينا أن نناقش آثار هذا الكبت، فدعنا نوضح أن الكبت يؤدي إلى تفاقم المشكلة؛ حيث المزيد من العزلة والانطواء والإكتئاب.
بل ربما يصاب أيضاً ببعض الأمراض العضوية؛ كالضغط والسكر، كما أنه لن يستطيع حل مشكلته بشكل صحيح.
وذلك بسبب عدم الإتزان الإنفعالي، وعدم قدرته على الربط بين المشكلة وأسبابها، فضلاً عن شعوره بنوع من اليأس؛ وهو ماقد يؤدي إلى الإنتحار.
إقرأ أيضاً للكاتب : كيف تتعامل مع الشخصيات الصعبة ؟
تأثير فقد الأمل على قرار الإنتحار
وفي السياق ذاته ننبه أنه إذا تمت مشاركة الحالة النفسية والمشاعر والآلام مع شخص، يجهل طبيعة الإكتئاب، وكيفية التعامل مع الشخص المكتئب؛ فإن المشكلة تزداد سوءاً.
فينتج عن الإختيار الخاطيء؛ فقد المرء الأمل في إيجاد حل، حيث أنه كان يمثل له بالنسبة له طوق الأمان الأخير.
الأكثرمن ذلك أن الضغوط تزداد حدة، كما تزداد حالة المزايدة بين المكتئب والضغوط التي يواجهها.
ذلك أنه كلما إزدادت الضغوط ثقلاً، كلما وسع المكتئب دائرة الحلول القاسية، التي يمكن أن يلجأ إليها؛ لإنهاء هذه الضغوط ، ومن بينها الإنتحار.
الإهتمام والتقدير يبعد فكرة الإنتحار
حيث أن المرء عندما تحيط به الهموم، ويتملكه اليأس، ويشعر أنه وحيداً، يصل في النهاية إلى إنهاء ذلك كله، بالإنتحار.
ومن هنا فإن الدورالذي يجب أن يقوم به المحيطون بالشخص، هو أن يركزوا في التعرف على السبب، وإظهار الاهتمام.
كما أنه من الضروري إظهار التقدير لمشاعر الفرد ومساعدته، وذلك بشكل جدي، من خلال البحث عن حلول حقيقية وجذرية للمشكلة.
إقرأ أيضاً للكاتب : التربية قبل التعليم
أخطاء تقع فيها الأسرة
وهنا تبرز مجموعة من الأخطاء التي يرتكبها المحيطون بالشخص الذي يفكر في الإنتحار، سواء كانت الأسرة أو الأصدقاء أوغير ذلك.
حيث يقوم البعض بتحميل المكتئب المسؤولية عن حالته السيئة، التي وصل إليها، كأن يقول له هذا قرارك، أو اختيارك .
كما قد يقوموا بتحميل المكتئب مسؤولية الحل أيضاً، كأن يقولوا “حل مشكلتك”؛ ما يدفع المرء للإنتحار هرباً من صعوبة الحل.
لكيلا يكون الإنتحار حلاً للفشل !
وهنا ننبه ونشدد على شيء مهم للغاية، وهو أن المكتئب يكون فاقداً للقدرة على فحص المشكلة، والتعامل معها، وحلها.
ومن ثم فإن التقليل من أهمية المشكلة، أو أهمية مشاعره وإنفعالاته، أواتهامه بالمبالغة في خطورتها؛ قد يؤدي به إلى الإنتحار.
وكذلك من الأخطاء التي يقع الكثيرون فرض حلول معينة بدون مناقشته وإقناعه بهذه الحلول، أيضاً الإنشغال عنه بأمور أقل أهمية.
والأخطر من ذلك الشماتة، وإظهار الفرح بالإنجازات أمام المكتئب، وخاصة تلك المتعلقة بنفس المشكلة التي يعاني منها.؛ مايدفعه للإنتحار.
ولاتقل خطورة عن ذلك التشكيك في قدرته على المواجهة، وتخطي المشكلة، وتوجيه اللوم لشخصه واتهامه بالتقصير، والقسوة في الحديث معه.
لاتتجاهل تهديده بالإنتحار
ومن ثم فإن تجاهل تهديدات الشخص المكتئب، والتعامل معها بلا مبالاة، أوالتأخر في تقديم المساعدة هي أمور في غاية الخطورة.
حيث أن المكتئب يواصل تحدي الضغوط، ويواصل التصعيد أمام هذه الضغوط باستمرار، وكذلك فإن تأخير تقديم الدعم؛ قد يؤدي إلى الإنتحار.
إذ أن التجاهل يعني وصول التصعيد إلى مستوى لا يمكن معه الرجوع مرة أخرى؛ لذلك يجب المبادرة على الفور بتقديم الدعم والمساعدة.
إقرأ أيضاً للكاتب : كيف تتعامل مع المتطفلين؟
استعن بالمتخصصين لمنعه من الإنتحار
لكن كيف تمنع شخصاً من الإنتحار؟!.. كما أشرنا من قبل فإن المكتئب يحتاج إلى من يتفهم مشاعره، ويبادر إلى تقديم الدعم.
ولكن ربما لايستطيع المحيطون تقديم الدعم الكافي، وتخفيف الضغوط؛ لصعوبة الأمر، ولعدم الخبرة، أو لعدم معرفتهم بالطريقة الصحيحة للتصرف.
وفي هذه الحالة ينبغي عليهم اللجوء إلى المختصين، وعدم التهاون، بشأن طلب المساعدة المتخصصة؛ منعاً لإقدام الشخص على إيذاء نفسه أوالإنتحار.