بقلم : الدكتورعاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد بجامعة القاهرة
الأسرة هي أساس بناء شخصية الأفراد، وحضارة المجتمعات، وتؤثر بشكل مباشر وغير مباشر في جميع نواحي الحياة، ومهمتها الأساسية تتمثل في بناء الفرد الصالح القادر على العطاء، وتحقيق النفع لنفسه ولمجتمعه.
وتقوم الأسرة عادة بمجموعة من الوظائف المهمة؛ لتحقيق رسالتها، وتتمثل أهم هذه الوظائف في :التنشئة الاجتماعية للأبناء؛ حيث إنها الوظيفة الأولى، والتي تتعدى حدود الرعاية والنفقة إلى بناء الشخصية الإيجابية وبناء القدرات وتطوير المهارات الشخصية، ومن أدوار الأسرة أيضاً غرس القيم والعادات والتقاليد، وهي وظيفة وثيقة الصلة بالتنشئة الإجتماعية، ومن خلالها يتم غرس القيم والمعتقدات والأفكار الإيجابية وبناء الإطار الأخلاقي، الذي يحدد سلوك الفرد.
إقرأ أيضاً للكاتب : القدوة في التربية : الحال أفضل من المقال !
الأسرة الداعم النفسي للأبناء
وهناك وظائف أخرى لا تقل أهمية عن هذه الوظائف؛ فالأسرة هي المنوطة بتقديم الدعم النفسي الأولي والدعم الوجداني والإجتماعي للأبناء، وهي المسؤولة عن تقويم وتعديل وتوجيه السلوك، وهي مصدر المعارف الأول للطفل، وهي بجانب ذلك تؤدي وظيفة حضارية، تتمثل في نقل التراث والحضارة إلى الأجيال التالية، وهذه الوظائف تؤديها الأسرة في كل زمان ومكان، وهي وظائف أساسية وثابتة، وإن اختلفت أدواتها.
الأسرة والتحديات التكنولوجية
وتواجه الأسرة مجموعة من التحديات تؤثر في قيامها بأداء هذه الوظائف على الوجه الأكمل، ومن هذه التحديات: تأتي التحديات التكنولوجية على رأس هذه التحديات؛ فالإنتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وتعددها، وتنوع وظائفها، يجعل من الصعب بالنسبة للأسرة السيطرة عليها أو التحكم فيها، أو في المحتوى الذي يتعرض له الأبناء.
يضاف إلى ذلك الثورة الهائلة في الذكاء الإصطناعي، والتي لا تستطيع الأسرة مجاراتها، والتمكن من أدواتها، وهناك بعض المتغيرات الاجتماعية التي تؤثر في تكوين الأسرة ذاتها؛ فتصيبها بالهشاشة؛ ومن ثم لا تستطيع القيام بدورها على الوجه الأفضل، كغياب الأب بسبب الموت، أو السفر، أو الطلاق، وتأخر الزواج والحروب والصراعات وغيرها من العوائق الإجتماعية.
الأسرة والضغوط الإقتصادية
كما أن الضغوط الاقتصادية قد تؤثر في إلتزام الأسرة بمهامها التربوية؛ فالأب غير المنتظم في العمل، أو عدم وجود دخل ثابت، ومناسب للأسرة، قد يولد العديد من المشكلات، كما أنه قد يعوق الأسرة عن أداء الكثير من المهام الأساسية، فضلا عن أن الضغوط الاقتصادية ينشأ عنها بالضرورة ضغوط إجتماعية أيضاً
الأسرة والتحديات الثقافية
ومن التحديات أيضا التحديات الثقافية المرتبطة بالعادات والتقاليد والتي قد تعوق عمل الأسرة، مثل عدم تعليم البنات، أو الزواج المبكر، وغيرها من العادات التي تؤثر في قناعات الأسرة وطريقة تربية الأبناء، وإلتزامها بمهام التنشئة الصحيحة للأبناء.
إقرأ أيضاً للكاتب : دروس مهمة يجب أن نعلمها للأبناء
نصائح وإجراءات تساعد الأسرة على القيام بدورها
وحتى يمكن للأسرة القيام بدورها في بناء شخصية إيجابية للفرد، يجب أن نعمل على أن تستعيد الأسرة مكانتها وأن تحظى بالعناية والإهتمام اللازمين للقيام بوظائفها، ومن الإجراءات والنصائح التي يمكن إتخاذها في هذا الشأن، هو الاهتمام ببناء الأسرة على أسس صحيحة من خلال التوعية قبل الزواج، وعقد ندوات ولقاءات مع المقبلين على الزواج؛ لتبصيرهم بأسس بناء الأسرة وأدوارها ووظائفها..
أضف إلى ذلك الاهتمام بتقديم الدعم النفسي والتربوي لحديثي الزواج وحديثي الإنجاب، وإنشاء مراكز متخصصة لهذا الجانب، تابعة لوزارة التضامن الإجتماعي تقوم بمهمة التدريب، وعقد الندوات، ومتابعة المشكلات، وتقديم الحلول التربوية لها.
ومن الضروري كذلك إرشاد الأسر إلى أدوارها التي يجب عليها القيام بها وإرشادهم إلى الأدوات والوسائل التي تساعدهم على تحقيق ذلك، فضلاً عن تعزيز دور الأسرة ومكانتها، وإبراز هذا الدور من خلال الأعمال الفنية والثقافية المختلفة، و تبني مشروع قومي لدعم الأسرة يكون أحد أهم عناصره تقديم كتيبات تربوية إرشادية للأسرة، سواء في بداية تكوينها أو طباعة نشرات تربوية وكتيبات صغيرة تباع للجمهور بسعر رمزي؛ لتثقيف الأسرة تربوياً، ويمكن أن يضاف لهذا المشروع القومي جوانب أخرى .
الكلمات المفتاحية
#الأسرة#دور الأسرة،#رسالة الأسرة،#مكانة الأسرة،#الأسرة تحديات ثقافية،#الأسرة تحديات إقتصادية،#الأسرة التحديات التكنولوجية،#الأبناء،#مهام الأسرة،#وظائف الأسرة،#الأسرة داعم نفسي للأبناء،#الأطفال،#نصائح،# الزواج،# التراث،#التربية،#الأب،الدكتور عاصم حجازي.