بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
قديما قالوا “الجواب بيبان من عنوانه”، أعرف أن البعض قد يختلف مع هذه المقولة الآن، بالفعل العصر الحالي يختلف، فى الماضي كان الصدق والوضوح والصراحة أكثرانتشاراً، أما الإصطناع والزيف والكذب فكان اقل مما نراه الآن ونلمسه.
على أية حال هذا أمريطول شرحه، وليس هو أصل موضوع المقال، فما دفعني إلى التعرض إلى موضوع أغلفة الكتب ما أشاهده وأرصده خلال الزيارات المتكررة لمعارض الكتب والمكتبات من تنوع كبير في التصميمات والألوان بصورة لم تكن كذلك من قبل.
بدأت أغلفة الكتب فى اتخاذ تصاميم فنية عامة، وأحيانا معبرة عن المحتوى، ربما منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، ولم تبدأ تلك التصاميم تعبر عن محتوى الكتب بدرجة كبيرة مثلما هو الحال الآن إلا منذ ستينيات القرن الماضى.
و بالطبع تطورالأمركثيرا مع دخول عصرالحواسب الآلية والطابعات الملونة والبرمجيات التي تساعد فى إعداد تصاميم جذابة فى وقت قصير؛ وتعدد برامج تصميم أغلفة الكتب، مما أوجد فى النهاية وظيفة جديدة هى وظيفة “مصمم أغلفة الكتب”.
لهذه الأغلفة تأثيرنفسي كبيرعلى مدى الإقبال على شراء الكتب، بدأت بعدد محدود من الفنانين ورسامي الكاريكاتير، وصولاً إلى المصورين الفوتوغرافيين ومصممي الأغلفة اعتمادا على برمجيات متخصصة تعمل على الحاسب الآلي، واختلفت أسعار تصميم أغلفة الكتب.
والحقيقة أن هذا التنوع أحدث تأثيراً متزايداً؛ فغلاف بتصميم يحتوى على ألوان زاهية يعطى إنطباعاً بأن الكتاب جذاب وتسهل قراءته، وأن موضوعه سلسل ومحبب، وربما يساعد على بث روح التفاؤل والأمل مقارنة بالأغلفة القاتمة التي تعطى انطباعاً مغايراً.
كما أن الأغلفة التي تحتوى على أشكال بيانية وأرقام قد تعطى انطباعاً بالعمق والدقة، كما أن تشابه تصميم كتاب جديد مع تصميم لكتاب سابق حقق نجاحاً قد تساعد في زيادة نسب المبيعات؛ حيث تشير الاحصائيات إلى أن ميل القراء إلى شراء كتاب جديد تعتمد كثيراً على مدى إعجابهم بكتاب سابق يحمل نفس الألوان أو تصميم قريب.
قد يهمك أيضا : سيدي الذوق ! (azwaaq.com)
إحدى الإحصائيات التي تتحدث عن الدوافع لشراء كتاب جديد تشير إلى أن نسبة 35.5% من قرار الشراء يعتمد على المعرفة بالمؤلف، وأن نسبة 25.8% تكون نتيجة قراءة ملخص عن الكتاب فيما تعتمد 17.2% من القراء على مدى معرفتهم بالسلسلة التي صدر الكتاب منها، و حوالى 6.9% يأخذون قرار الشراء نتيجة التصميم الجذاب للغلاف، وهى نسبة أعلى من النسبة التي تعتمد على أن الكتاب موجود فى قائمة الأكثر مبيعا والتي لا تتعدى 6.5% فقط.
والحقيقة أن نسبة مساهمة التصميم في قرار الشراء-6.9%- قد تختلف من استطلاع لآخر، ومن فئة عمرية و شريحة ثقافية لأخرى، ولكنها في جميع الأحوال، وبالرغم من أنها تكون خادعة أحيانا – أوكثيرا- إلاأنها قد أصبحت جزءا أساسياً من عملية النشروالتسويق؛ فللأمرجانباً نفسياً لا يمكن تجاهله؛ فكم الاستمتاع بقراءة كتاب ذوغلاف جذاب تزيد كثيراً عن قراءة نفس الكتاب بغلاف تقليدي، وهى تزيد أيضاً عن تلك المصاحبة لقراءة كتاب بدون غلاف على الإطلاق.
قد يهمك أيضا : نعم … إنسحب ! (azwaaq.com)
أعرف أن الأمر نفسيا بحتاً، ولكن طالما أصبح مؤثرا في قرار الشراء والقراءة والاستمتاع بها؛ لذلك يجب أن نعترف بهذا العامل ونوظفه توظيفاً مناسباً.