من سُنن الله تعالى في خلقه ذلك “التَّنوُّعُ الإنسانيُّ” واختــلافُ الثَّقافاتِ والعَــادَاتِ والتَّقَالِيدِ..، فلكُلِّ إنسانٍ طبيعتُهُ وثقافتُهُ وشخصيَّتُهُ، ولكُلِّ قومٍ عاداتٌ وتقاليدٌ ومُعـتقداتٌ..، فسبحان الله الخلاَّق العَلِيمِ، القائل في كتابه الكريم: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَــلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِـدَةً وَلاَ يَـزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}. (من سُــورة هــود، الآيــة: 118). جاء في بعض التفاسير: “ولا يزال الاختلاف بين الناس في أديانهم واعتقادات مللهم ونحلهم ومذاهبهم وآرائهم”. .
إذا، هذا التنوع والاختلاف بين الناس هو سنة من سنن الله في خلقه، ومن هنا تتعدد الآراء، وتتعـدد وجهات النظر والأذواق تجاه كثير من الأمور والأشياء المحيطة بنا، وقد جاء في المثل الشهير: “لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع”..
والذوق في اللغة العربية: مباشرة الحاسة الظاهرة، أو الباطنة، ولا يختص ذلك بحاسة الفم في لغة القرآن الكريم، ولا في لغة العرب.. والذوق عند العارفين: منزلة من منازل السالكين أثبت وأرسخ من منزلة الوجد. ومن المجاز: ذاق القوس ذوقا: إذا جذب وترها اختبارا لينظر ما شدتها. وتذوق الشيء: أي ذاقه مرة بعد مرة وشيئا بعد شيء. وتذاوقوا الرماح: إذا تناولوها، وهو مجاز. و أمرٌ مُستذاقٌ: أيْ مُجــرَّبٌ مَعْـلُومٌ.
أما من الناحية الاصطلاحية فالذوق في أحد معانيه: “قوة إدراكية”، لها اختصاص معين، يتعلق بإدراك لطائف المحسوسات من أطعمة، أو أصوات، أو صور، أو روائح، أو غيرها..
ويدل الذوق الرفيع على رقي الإنسان، ورهافة حسه، وتذوقه القائم على إدراك لطائف المحسوسات كما سلف ذكره، وكما يوجد فقر في الدم، يوجد فقر في الذوق أيضا، فالمعاملة الحسنة والكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة وتقبل الاختلاف في الرأي كلها من الذوق الرفيع، والأدب الجم، الذي يتسم بعض الناس دون غيرهم، فما أجمل أن نتحلى بحسن الخلق وطيب المعشر مع بعضنا البعض لنفوز برضا الله تبارك الله وتعالى في الدارين.