بقلم الدكتورأيمن زهيري استشاري طب الأطفال
حددت كلية الطب في جلاسكو بالمملكة المتحدة عدداً من المعايير التي تم تعديلها مؤخرا لتعمم دولياً لتحديد مستوى الوعي في الكبار والأطفال على حد سواء والتي من خلالها يستطيع أي من الكادر الطبي من تقييم أي حالة بعدد من النقاط، والتي على أساسها تتم طمأنة الأم أو تستلزم حجزه بالمستشفى أو دخوله العناية المركزة أو دعمه بالتنفس الصناعى.
ولكن الأم أيضاً هي من تعلم جيداً ماهو الحد الأدنى لاستجابة طفلها ونشاطه، فإن كان لا يستجيب إلا للصوت والألم يعد ذلك نقصا في مستوى وعيه، وإن كان لا يستجيب لهما فهو فاقد تماما لوعيه بنفسه ومحيطه، وهو ما يثير قلقها، ويجعلها تهرول إلي المستشفى.
وفي هذه الحالة نقول إنه ينبغي أولا استبعاد مجموعة من الحالات، ومراجعة عدة أمور تتعلق بالطفل، وهي التأكد من إنه لم يكن هناك تاريخاً مرضياً لارتفاع درجة الحرارة أو قيء أو صداع يومي بعد الاستيقاظ من النوم أو تشنجات أو أيه مخالطة لمريض، أو لم يسافر صاحب الحالة منذ فترة قريبة إلى أماكن موبوءة أو كان هناك اشتباه كذلك في إصابة بالرأس؛ نتيجة لحادث عارض أو سقوط من أعلى أثناء اللعب أو التزلج أورضوض بالرأس خاصة بعد ممازحة الطفل برفعه في الهواء أو تنكيسه لأسفل ـ وهوما نوصي بعدم فعله مطلقاً ـ وكذلك مالم يتعرض الطفل إلى إصابة بالرأس أثناء ممارسة الألعاب الرياضية.
في حالة التأكد من شيئا مما سبق لم يحدث، فإن الأمرهنا قد يبدو متعلقا بتناول جرعات زائدة من بعض الأدوية، أو تناول لأي من السموم أو المخدرات بطريق الخطأ، أو حب استكشاف الأشياء ذات الألوان الجذابة والملفتة للنظر( وهو ما سوف نخصص له مقالا مستقلا في “أذواق”) .
قد يهمك أيضا : قصور وظائف الكلى لدى الأطفال ..الأسباب و الأعراض (azwaaq.com)
وفي كل الأحوال لابد وقبل أي شىء من بذل كل محاولات الإفاقة والإنعاش القلبي الرئوي الأساسي مع وضع رأس الطفل في وضعيه متوسطة بزاوية ثلاثون درجة لأعلي واعطاء الأكسجين بعد قياس نسبته بالدم وتحليل مستوي السكر وقياس العلامات الحيوية ومعالجة التشنجات إن وجدت.
كما ينبغي إعطاء دفقات إنعاشية من المحاليل والكورتيزون إذا تم التأكد من وجود صدمة أوالمضادات الحيوية أو مضادات الفيروسات إذا تم الإشتباه في وجود عدوى.
ومن ثم يأتي بعد ذلك دورالفحوصات مثل تحاليل الدم وغازاته وأملاحه والبول الكامل ووظائف الكبد والكلى وعوامل التجلط مع الاحتفاظ بعينات من الدم والبول لتحليل السموم والكحوليات ومستويات الأدوية .
و يتم أخذ عينة من السائل النخاعي إذا استدعى الأمر ذلك، ولم يكن هناك مانعا كارتفاع ضغط المخ أو تدني حاله المريض القلبية والتنفسية أووجود أي تشنجات أو حركات لا إرادية.
ونلفت إلى أن لأشعة الرنين المغناطيسي أفضلية عن الأشعة المقطعية في الأطفال؛ من حيث إنها لا تحتوي على إشعاع متأين قد يؤثرعلى المخ في مراحل نموه؛ وأيضا لأنها تعطي تفاصيل أكثربال رغم أنها قد تحتاج إلى مخدرعام في الأطفال أقل من ست سنوات؛ حتى يمكن التحكم في وضعية الطفل أثناء إجراء الأشعة.
وهنا يمكن استبعاد معظم الأسباب الخاصة بإصابات الرأس كالنزيف والجلطات، وأيضا يتم استبعاد الأورام والعدوى المخية الشوكية والأمراض العصبية والاستسقاء الدماغي، وذلك تحت إشراف كامل من جراح المخ والأعصاب.
كما يمكن لنا أيضاً استبعاد الصدمة بأنواعها كالقلبية الناتجة عن التهاب عضلة القلب، أو اختلال كهربيته بعمل رسم قلب مع ملاحظة أن بعض السموم والأدوية والمخدرات واختلال البوتاسيوم في الدم قد تعطي مؤشرات في رسم القلب.
ومن الواجب فحص المريض بكل دقة بدءا من أعراض الصدمات الأخرى المتمثلة في زيادة ضربات القلب وإنخفاض الضغط وهبوط الدورة الدموية، أوبالعكس في ارتفاع ضغط المخ كبطء ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم وانتفاخ اليافوخ الأمامي في الرضع.
قد يهمك أيضا : 10 أشياء يجب تعليمها لطفلك قبل الخامسة (azwaaq.com)
ولابد أيضا من فحص قاع العين مع ملاحظة أي تيبس بالعنق أو طفح جلدي، وهناك أيضاً أسباب قد لا يلتفت إليها كثيراً رغم أهميتها مثل التهابات المفاصل البكتيرية الذي قد تسبب تسمماً دموياً أوالملاريا خاصة ما يصيب منها خلايا المخ أوالهربس الذي يعتبر من أهم أسباب الالتهابات الفيروسية المخية، وأمراض اختلال الأحماض العضوية الأيضية الوراثية، التي لابد من إجراء فحوصاتها بعد استقرار الحالة، و دمتم بخير ولأطفالنا الصحة والسلامة .

الدكتور أيمن زهيري استشاري طب الأطفال (أذواق)