كثيرا مايقع المرء في دائرة القلق الشديد تجاه أمورعديدة لاسيطرة له عليها، وعلى مسارها المستقبلي أوحتى حاضرها، ويظل أسيرا لهذا القلق فما هو الحل ؟ أحيانا يكون القلق بمثابة القاتل الصامت، الذي يتسبب في العديد من الأمراض، وأخطر الأمراض، كما أنه ينغص على المرء حياته، الدكتورة ديان سولومون الخبيرة المتخصصة في الطب النفسي والصحة العقلية للمرأة تقدم حلا علميا في مقال نشرلها اليوم الجمعة في موقع”سيكولوجي توداي”حيث تقول:”للتوقف عن القلق بشأن ما لا يمكنك التحكم فيه يمكن أن يساعدك مفهوم رسومي بسيط في التركيز على الأشياء التي يمكنك فعل شيء حيالها”
وتوضح :”يمكن أن يؤدي المفهوم الرسومي الذي يستخدم “دوائر”مختلفة إلى إعادة صياغة أفكارك ومزاجك بسرعة”، وتتلخص فكرة هذا الرسم في عمل دوائر متتالية، هي دائرة التحكم، والتأثير، والاهتمام، تضع داخلها عناوين لمشاكلك أواهتماماتك، مابين هذه التي تقع تحت سيطرتك وتلك التي لاسيطرة لك عليها والأخرى التي يكون لك في ظلها تأثير على المجتمع حولك.
ويأتي الحل الذي تقدمه الخبيرة الأمريكية إنطلاقاً من قاعدة تقول بأن التركيز على ما يمكنك التحكم فيه بالفعل يساعدك على اتخاذ إجراءات إيجابية تجاهها، بينما يؤدي التركيز على المشكلات التي لا يمكنك التحكم فيها إلى استنزاف الطاقة والشعوربالإحباط والفشل واليأس.
ستفن كوفي نشر الفكرة
وتشير كاتبة المقال إلى أن فكرة دوائرالتأثير والاهتمام كثيراً ما تُنسب إلى ستيفن كوفي، مؤلف كتاب العادات السبع للناس الأكثر فعالية، لكن اتضح لها أن دوائرالسيطرة والاهتمام نشأت مع الفلاسفة الرواقيين القدماء، وأن دائرة التأثيرنشأت في أربعينيات القرن العشرين مع عالم النفس الاجتماعي كورت لوين.
لكن بلاشك إن ستيفن كوفي هو الذي نشرهذه الفكرة، حيث طرح فكرة أن دائرة التأثير أو دائرة التحكم، تتضمن المحيط الذي يعيش فيه الفرد ويؤثرعليه بشكل مُباشر، وهي دائرة ضمن سيطرة الفرد ويستطيع التحكم فيها، فهو يستطيع اختيارماذا يقرأ وأين يعمل وماذا يشتري، والوقت الذي يُنشئ فيه مشروعه الشخصي والمهارات التي يرغب في تعلمها وما إلى ذلك.
أما دائرة الاهتمام هي الدائرة الأوسع نطاقاً والتي تحيط بالفرد بشكل أكبر وغير مُباشر، وهي دائرة خارجة عن سيطرة الفرد ولا يستطيع التحكم فيها، مثل الإقتصاد والحروب والأمراض والحالة الجوية والطريقة التي يُفكّر فيها الآخرون تجاههنا وما إلى ذلك.
يُوضح كوفي أن الجزء الذي ستركزعليه أكثر سيشغل تفكيرك ووقتك وطاقتك بشكل أكبر، وبالتالي سيكون هو الجزء المُسيطر على حياتك. فإن كان زاد تركيزك على الأشياء التي لك سيطرة عليها ستكبر دائرة التأثير لديك وستقل مساحة دائرة الإهتمام. أما إن زاد قلقك واهتمامك بالأشاء التي لا تستطيع السيطرة عليها، فستكبردائرة الاهتمام لديك وستقل مساحة دائرة التأثير.
كيف تعمل دوائرالسيطرة والاهتمام
.jpg)
إعرف كيف تتخلص من القلق المفرط
نعلم أنه من المفترض أن نتخلى عن الأشياء التي لا نستطيع التحكم فيها، ولكن كيف؟ فكر في رسم لدائرة صغيرة للتحكم، ودائرة أكبر للتأثير، ودائرة أكبرللقلق.
ثم انظر إلى الدائرة الأصغرأولاً، دائرة التحكم …هذا أنت، في المنتصف تماما، في الواقع، هناك عدد قليل جدا من الأشياء التي نتحكم فيها، نحن نتحكم في ما نفعله بأجسادنا، كيف نتصرف، ما نفكر فيه وكيف نتفاعل مع الأحداث أو الأشخاص .
كل شيء آخر تقريبًا يقع خارج دائرة سيطرتنا، و بغض النظر عن مدى جهدنا، فلن نتمكن من التحكم في هذه الأشياء. لا يمكننا التحكم في الانتخابات (فقط في كيفية التصويت) أوما يأكله شريكنا على الإفطار. إننا نتحكم في كيفية تربية أطفالنا، ولكننا لا نتحكم في ما يختارون فعله بهذه التربية.
لايمكننا التحكم في المرأة التي تمضغ العلكة طوال اليوم في العمل، ولكننا نتحكم في ارتداء سماعات الرأس، أو نطلب منها التوقف، وهي قد تستمر لأنها نسيت، أو أنها الطريقة الوحيدة التي تتحكم بها في قلقها، أو في أسوأ الأحوال وهو أمرغيرمرجح تريد إزعاجنا.هذا ليس من اختصاصنا، ولاينبغي أن يشغلنا.
ادائرة التالية هي دائرة التأثير… تأثيرنا هنا أكبر قليلاً من تأثيرنا في تلك الدائرة الصغيرة من التحكم. ما الذي يوجد في دائرة تأثيرنا؟ ربما ما يفعله المعلم بعد أن يتم استدعاء طفلنا لخطأ ما، أو التصويت في الانتخابات، أو المشاركة في عمل خيري.
وأخيراً، انظروا إلى دائرة الاهتمام، تقول أن يكون هذا هو النموذج السيئ. فنحن نركز على دائرة الاهتمام على مسؤوليتنا الخاصة. إنه مضيعة للوقت والطاقة والموارد. إن دائرة اهتمامنا تهدر ما وصفته ماري أوليفر بشكل جميل بأنه “حياتنا البرية الثمينة”. هناك الملايين من الأشياء في دائرة الاهتمام مثل تغير المناخ. مستقبل أطفالنا البعيد (أو ماضيهم). أوما إذا كان المولود الجديد (إذا كنا حوامل) سيعاني من مشاكل معينة!.
قد يهمك أيضا : حافظ على صحة عينيك بهذه الأطعمة والفيتامينات (azwaaq.com)
إليك المشكلة: يقضي معظم الناس الكثير من الوقت في التركيز على الأشياء التي تقع ضمن دائرة اهتماماتهم. إذا كنت أنت كذلك، فكلما قضيت وقتًا وطاقة أطول في القلق بشأن دائرة اهتماماتك، كلما شعرت بالسوء على الأرجح، لأنها خارجة عن سيطرتك تمامًا تقريبًا.
على العكس من ذلك، كلما قضيت وقتًا وطاقة أطول في التفكير في الأشياء التي تقع ضمن دائرة سيطرتك (هل اتصلت بصديقك الذي تفتقده؟ هل كتبت رسالة البريد الإلكتروني التي تثقل كاهلك؟ هل قمت بالمشي لمسافة قصيرة سريعة اليوم.
إذن الأمر بسيط. في المرة القادمة التي تشعر فيها بالتوترأو القلق أو الانزعاج أو الضيق، اسأل نفسك، “هل أفكر في أشياء تقع ضمن دائرة اهتماماتي؟” من المحتمل أن تكون كذلك. أعد التركيز. أخبر نفسك بما تعرفه، وأنك لا تستطيع التحكم في دائرة اهتمامك، ثم انقل أفكارك وطاقتك إلى شيء يمكنك القيام به حيال ذلك، في دائرة سيطرتك (أو في بعض الأحيان، دائرة التأثير). يبدو الأمر بسيطًا، لكنه يعمل. وبمرور الوقت، قد يكون إعادة برمجة تفكيرك بهذه الطريقة حلا سحرياً أوحتى بمثابة بلسم مؤقت.
اختبر نفسك: هل أنت مبادرأم إنفعالي
وبحسب ستيفن كوفي فإن الطريقة التي سنتعامل بها مع دائرتي التأثيرالاهتمام، تعتمد على طبيعة وشخصية كلٍ منا، فالأشخاص الإستباقيون أوالمُبادرون (Proactive)، هم أشخاص فاعلون ويرون أن أفعالهم لها تأثير كبيرعلى وضعهم وظروفهم، فإن غيّرو أفعالهم سيتمكنون من تغيير حالهم للأفضل.
هم أشخاص يتحملون مسؤولية تحسين أوضاعهم وحل مشكلاتهم وإن لم يكونوا السبب فيها. يميل هؤلاء الأشخاص إلى التركيز على دائرة التأثير، فهي تشغل أكثر من 90% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم، فهي الدائرة التي يستطيعون من خلالها تطوير أنفسهم ومحيطهم لأنها ضمن سيطرتهم. بينما لا تشغل دائرة الاهتمام لديهم أكثر من 10% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم.
أما الأشخاص الإنفعاليون أو الذي يكون سلوكهم دائما كرد فعل لما يحدث (Reactive)، هم أشخاص تغلب عليهم السلبية، لا يؤمنون بأن أفعالهم سيكون لها تأثير كبير على الواقع، وبالتالي فهم لا يُحاولون المُبادرة أو القيام بأي عمل للتغيير، بل ينتظرون أن يأتي التغيير من الخارج، ودائماً ما يلومون الأطراف الأخرى على وضعهم السئ.
قد يهمك أيضا : القهوة الوجه الآخر : إعرف آثارها الجانبية وضوابط تناولها (azwaaq.com)
يميل هؤلاء الأشخاص إلى التركيز على دائرة الاهتمام، فهي تشغل أكثر من 90% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم، فهم دائمي التركيز على الأشياء والأحداث التي لا يستطيعون تغييرها أو السيطرة عليها. بينما لا تشغل دائرة التأثير لديهم أكثر من 10% من اهتمامهم ووقتهم ومجهودهم.
المبادرون هم من يسيطرون على حياتهم
يؤكد كوفي أنه لكي تكون شخصاً فاعلاً، لا بد أن تكون مبُادراً. بادر بتحمل مسؤولية نفسك، بادر بتطوير مهاراتك، بادر بحل خلافاتك، ولا تنتظر أن يقوم أي أحد آخر بذلك. لا تضيع وقتك وطاقتك في التركيز على أمور خارج نطاق تأثيرك. ركز على نطاق تأثيرك فقط لكي تتمكن من تحقيق نتائج ملموسة في حياتك.