الدكتورعاصم حجازي أستاذ علم النفس التربوي المساعد بجامعة القاهرة
نعم قد يكون العنوان مثيراً، وقد يحمل قدراً من التناقض… ولكنها الحقيقة التي يدركها كل من خبرالنجاح وسلك طريقه!؛ فهو يعرف عن يقين أن النجاح ليس سهلاً، وأن الفشل مرحلة يمربها كثير من الناس، وأن أكثر الناجحين نجاحاً هم من مروا يوماً ما بخبرة الفشل .
لذلك فعلى الرغم من الغرابة التي تبدو واضحة في العنوان، إلا أنها حقيقة يجب أن ينتبه إليها كل من يسعى إلى النجاح؛ فللفشل أهمية كبرى في حياة الفرد، وإذا ما استطاع الفرد إدراك هذه الأهمية فإنه بلا شك ستتغير نظرته للإخفاقات، وسوف يحسن استثمارها بما يعود عليه بالنفع.
وتتمثل أهمية الفشل في حياة كل فرد مننا في عدة نقاط، أولها أن يتيح لنا أن نرى الصورة من زاوية أخرى ونكتشف جوانب أخرى ربما لم تكن تجول في خاطرنا يوماً ما، كما أنه يجعلنا أكثروعيا ببيئة العمل والحياة وأكثرإدراكاً لكل أبعادها، وتوفرهذه المعلومات في المستقبل قاعدة قوية للإنطلاق بقوة، ربما تفوق قوة البدء بمراحل.
قد يهمك أيضا : عيون النحلة.. كيف تكون محبوباً من الآخرين؟ (azwaaq.com)
كما أن النجاح السهل غيرالمدعوم بخبرة الفشل هو نجاح غير يقيني، وتحوطه مشاعرالقلق وعدم اليقين، إلا أن النجاح الذي صنعه الفرد على عينه، وكان الفشل من مراحله الأساسية التي مربها، فإنه نجاح يقيني ثابت وأقوى وأبقى من النجاح السهل الذي ربما تكون الصدفة قد لعبت فيه دوراً، وحتى لو بني على تخطيط فإن احتمالية وجود تهديدات قائمة أما من مربخبرة الفشل، فإنه يكون أكثر وعيا بمصادر التهديدات وتأثيرها وطرق تجاوزها.
كما أن النجاح الذي يأتي بعد محاولات عديدة وإخفاقات متكررة يكون له معنى في النفس أجمل ويصاحبه شعوربالإنجازوالفخر أعمق وله لذة لا يجدها من كان الطريق أمامه ممهداً وميسوراً، ومن المهم أيضا أن نشير إلى أن مرورالفرد بخبرات الفشل والنجاح والإخفاق ثم الإنجاز إنما يمنح الفرد قدراً من المرونة النفسية ويكسبه العديد من سمات الشخصية مثل المثابرة والطموح والأمل والنشاط.
وهذه السمات الشخصية تعمل على استدامة النجاح والوصول إلى مراتب أعلى من التفوق والإبداع، كما أن الضغوط التي تسببها الإخفاقات تساعد الفرد على اكتشاف طرق جديدة لحل المشكلة وطرق أرحب وأوسع لمواجهة المواقف، وتفتح أفاقاً متعددة للإبداع، وتوفر للفرد قاعدة معلوماتية ضخمة تمكنه في المستقبل من إنجازالعديد من النجاحات في وقت أقل وبجهد أقل.
قد يهمك أيضا : كيف نعالج أخطاء الأبناء؟ (azwaaq.com)
والفشل يعني بكل بساطة اكتشاف طريق خاطئ للابتعاد عنه في المرات القادمة، وهكذا يجب أن ينظر إليه كل من أصابه إخفاق ما، وأن تسأل نفسك وتخطط لكيف تتخطى الفشل، إذن فالفشل يجب أن ينظرإليه على أنه مرحلة من مراحل النجاح، وأن ندرس أسباب الفشل في الحياة المهنية والخاصة على السواء، صحيح أننا يجب أن نسعى لتجنب الفشل، وأن نحسن التخطيط حتى لانتعرض للفشل، لكن عند وقوع الفشل بالفعل في بعض المراحل من دون إرادتنا فلاينبغي له أن ينال من عزيمتنا أوجهدنا ونظرتنا الإيجابية للفشل، فذلك هو نفسه بداية الطريق.
قد يهمك أيضا : أصعب مراحل النجاح (azwaaq.com)
إذ أن تبني هذه الرؤية قد يساعدنا كثيراًعلى تجاوزه واستثماره بشكل جيد؛ لنواصل مسيرة النجاح بسرعة أكبر، وبقوة أكبر، وبيقين بأننا أصبحنا أكثرخبرة وأكثرثقة في النجاح، وأنه قد آن الآوان لبدء المسيرة باحترافية وإصرار، إنطلاقا من حقيقة أن الفشل بداية النجاح في كثير من الأحيان.