بقلم مهندس زياد عبد التواب الرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء
يقال أن الفرد دائماً ما يميل عاطفياً إلى العقد الزمنى الذي ولد فيه، أي أن مواليد الأربعينيات على سبيل المثال يميلون إلى الفترة من عام 1940 إلى عام ، 1950 ومواليد الخمسينيات يميلون إلى الفترة الزمنية من عام 1950 إلى عام 1960، وهكذا.
وربما يكون ذلك لأن تلك الفترة من عمر الإنسان هي التي شهدت أول تعرف لهم على الحياة البريئة البسيطة السهلة، مقارنة بما يلاقيه بعد ذلك من مصاعب ومن معرفة.
البعض الآخر ينظر إلى الماضي – أى ماضي- بحنين جارف، في حين ينظر إلى الحاضر بضيق، وإلى المستقبل بقلق و تربص، وهؤلاء الأشخاص يكون لديهم مساحات زمنية كبيرة يستمتعون بها، حيث سيجدون المتعة منذ هبوط آدم و حواء إلى الأرض، وهو ما قد يقترن ببعض من الأسى والندم على الاقتراب من الشجرة والاستماع لوسوسة الشيطان، ثم يبحرون عبر التاريخ بين الحضارات المختلفة والأزمنة القديمة، ثم إلى العصر الحديث، ينتقلون بين الأحداث والحكايات والحكم والعادات والتقاليد والفنون المختلفة و بين الخلافات الفكرية والسياسية أيضاً!.
إقرأ أيضا للكاتب :رائحة الجوافة وأنوف لاتشم !
أما من يضيقون النطاق إلى عقد الميلاد فقط ، فبسهولة يستطيعون أن يعيشوا في هذا العصر بسهولة، ربما يبدأ الأمر بتغيير نمط الملابس إلى ملابس تلك الحقبة، وإلى قصات الشعر وإلى الفنون والآداب والموسيقى والدراما والأغاني والأحداث السياسية التي حدثت خلال تلك الفترة.
يمكن لهم العودة إلى هذا العصر بسهولة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، ومواقع الفيديو والبحث الحر عبر شبكة الانترنت، فيعودون إلى هذا الزمن، وينظرون إليه نظرة جديدة راشدة، ويتندرون على نظرتهم الأولى البريئة.
وبالرغم من أن الخير والشر موجودان منذ الأزل، ولا يمكن استثناء عصر أو مكان من هذين الضدين، إلا أن فترة الطفولة مهما حدث فيها من مصاعب وأزمات فإن العودة إليها مرة أخرى لا يجعلنا نستشعر تلك الصعاب مثلما نستشعر ونبتهج بالجمال والبراءة.
تخيل معي عزيزي القارئ أن تقضى شهراً لا تقرأ إلا”قلب الليل” و” حضرة المحترم “و “ملحمة الحرافيش” لنجيب محفوظ و “دمى ودموعى و إبتسامتى ” و” العذراء والشعر الأبيض ” لإحسان عبد القدوس، و تشاهد أفلام مثل “خلى بالك من زوزو” و” أميرة حبى أنا” و”عودة أخطر رجل في العالم” أو أفلام الحرب الشهيرة مثل “الرصاصة لا تزال في جيبي”.
ثم تستمع إلى عبد الحليم حافظ ينشد “موعود” و “زى الهوا” و”رسالة من تحت الماء” و”أى دمعة حزن لا” و”قارئة الفنجان” وتستمع إلى “إسأل روحك” و” ودارت الأيام” و “الحب كله” و” الثلاثية المقدسة” و”القلب يعشق كل جميل” و”يا مسهرنى” و”حكم علينا الهوى” لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم، التي أعتذر لها كلما كتبت عنها إننى قضيت سنوات لا أستمع إليها.
أوتشاهد مسرحيات مثل “مدرسة المشاغبين” و”العيال كبرت” و”شاهد ما شفش حاجة” و”المتزوجون”، أو تشاهد برامج التلفاز الرائعة مثل “سينما الأطفال”و “عالم الحيوان” و”إخترنا لك”، وغيرها من أعمال الزمن الجميل .
إقرأ ايضا للكاتب :بمناسبة مسلسل “عمر أفندي”: عن “عمى الدبب” و”مشش الركب” و”البو” !
سأتوقف هنا ولن اكمل سرد هذا العصر؛ فما به من كنوز لا يمكن الإلمام بها وحصرها لا في مقال صغير أو كبير، بل تحتاج إلى مجلدات ومجلدات، ولكن سأختتم المقال بكلمات أغنية فايزة أحمد عام 1980 أي بنهاية السبعينيات حيث أنشدت قائلة “علي وش القمر، علي صوت المطر، علي كل الشجر، هكتبلك… هكتبلك يا حبيبي…هكتبلك علي الشوارع وعلي الفجر اللي راجع هكتبلك يا حبيبى…حرفين من إسمي وإسمك وقلبي صابه سهمك، هكتبلك يا حبيبي”.
الكلمات المفتاحية
# أنا عايش هناك،# زياد عبد التواب، #الحنين إلى الماضي، #نوستالجيا،# الزمن الجميل، #مقالات،#أم كلثوم،#عبد الحليم حافظ،#إحسن عبد القدوس،#فايزة أحمد.