تحت عنوان”أم كلثوم مندوبة مصر” نشر في العدد رقم 15 من مجلة “الكواكب”عام 1950 ، أن أم كلثوم مثلت مصر في الأمم المتحدة، وإنها”مندوبة فوق العادة، رأت أن الخطب والمحاضرات الطويلة لاتفيد في إقناع أعضاء هيئة الأمم المتحدة بعدالة مطالب مصر، ولما كانت تعرف أن الصوت العذب الحنون يفعل السحرفي النفوس فقد استعاضت عن الخطب والمحاضرات بمجموعة من الطقاطيق والأدوار، وراحت تلقيها على أعضاء الهيئة، وهي واثقة من أنهم سيكونون إلى جانب مصرفي كل مطالبها”.
ومن الغريب إنه لم يتم العثورعلى أخبارتخص هذا الحدث في سائر الصحف، لكن نشرت “الكواكب” صورة توثق لهذا اليوم، وفيها تقف “كوكب الشرق” ترتدي ملابس فاتحة محتشمة (الصورة مرفقة).
وتُعد أم كلثوم أهم صوت نسائي في تاريخ العرب الحديث، فقد حققت علي مدار مشوراها الفني الطويل ظاهرة فنية متفردة، وهي لم تكن موهبة عادية، ولكنها استحقت بجدارة لقب “كوكب الشرق”، ولطالما التفت ملايين الأسرمن المحيط إلي الخليج يوم الخميس الأول من كل شهرفي انتظار ما تقدمه من أعذب الكلمات وأجمل الألحان بصوت مصري أصيل مفعم بالقوة والشموخ.
وُلدت أم كلثوم إبراهيم البلتاجي في الرابع من مايو عام 1904في قرية طماي الزهايرة في محافظة الدقهلية، قدمها الشيخ أبو العلا محمد للجمهور على مسرح البسفورالمعروف في ميدان باب الحديد (رمسيس حاليا) بدون فرقة موسيقية عام 192، وأصبحت أم كلثوم من بين أشهر ثلاثة أصوات نسائية في ذلك الوقت جنبا إلي جنب مع منيرة المهدية وفتحية أحمد.
بدأ العصر الذهبي للسينما بافتتاح أستوديو مصر عام 1935 بفيلم تاريخي غنائي بطولة أم كلثوم بعنوان “وداد”. وفي عام 1946 عُرض الفيلم السادس والأخير لأم كلثوم فاطمة، وفي نفس العام شاركت أم كلثوم في فعاليات إنشاء جامعة الدول العربية.
مع قيام ثورة 23يوليو 1952 غنت أم كلثوم من كلمات أحمد رامي نشيدًا وطنيًا بعنوان “مصر التي في خاطري”، ومن المواقف المعروفة عن سيدة الغناء العربي أم كلثوم قيامها في 1956 بالتبرع من أجل إعمار مدارس بورسعيد بمبلغ 1000 جنيه، وكان وقتها يوازي أكثر من مليون جنيه الآن، وعقب نكسة 1967، رفعت أم كلثوم شعار الفن من أجل المجهود الحربي، وقالت: لن يغفل لي جفن وشعب مصر يشعر بالهزيمة، وقررت أن تحيي حفلين شهرياً تخصص إيراداتهم لدعم تسليح الجيش لمواجهة العدوان الإسرائيلي، بدأتهم بحفل بمحافظة دمنهور جمعت فيه حوالي 40000 جنيه تبعته بحفل في الإسكندرية بلغت حصيلته 100000 جنيه، بالإضافة إلي تبرعات عينية من الذهب، وحفل في المنصورة تجاوزت إيراداته 120000 جنيه، إضافة إلي 212 ألف جنيه إسترليني من حفل بباريس، و100 ألف دينار من حفل لها بالكويت، وغيرها.
في عام 1972 استحقت أم كلثوم عن جدارة لقب “فنانة الشعب”، كما أٌطلق عليها “كوكب الشرق”، و”قيثارة الطرب”.كان آخر حفل لأم كلثوم على مسرح الأزبكية عام 1973، وقد توفيت في 3فبراير عام 1975
وكانت لكوكب الشرق أم كلثوم مواقف وطنية عديدة، وقدمت الكثير من أجل المجهود الوطني والحربي في فترة مهمة في تاريخ البلاد في تاريخها الحديث.
في كتاب ” الصادرعن دار «تنمية للنشر والتوزيع» المصرية، يوثق الكاتب كريم جمال جهود “كوكب الشرق” من أجل مصر، ومن أكثر أجزاء متعة، هو باب “أم كلثوم معكم في المعركة”، وفيه يبرز المؤلف كيف أن دورأم كلثوم في دعم الجيش المصري لم يتوقف عند حدود الدعم المادي؛ لكنها سجلت خلال مايو 1967، في الإذاعة المصرية، سبعة نداءات حماسية، استمربثها حتى نهاية مايو، والأيام الأولى من شهر يونيو 1967. كانت النداءات موجهة بشكل مباشر للجنود على جبهة القتال، بعد قرار التعبئة العامة، وظهور بوادر الحرب بعد غلق مضيق العقبة، وكان الهدف منها بث الحماسة ورفع روحهم المعنوية. وقد نشرت مجلة “الكواكب” أيضاً نصوص النداءات.