أزمة حوار في مجتمع صاخب في الزحمة اليومية للكلام، وسط صخب الآراء، وسرعة الأحكام بيبرز سؤال بسيط لكنه عميق: لماذا لانستمع إلى بعضنا البعض؟.
لقد أصبحنا نتحدث كتيراً، نكتب كتيراً، نرد بسرعة، نقاطع بعضنا البعض، نحكم على بعضنا البعض بأسوأ الأحكام.
لكن قليلا جدا عندما نستمع إلى بعضنا!، إنها أزمة حوار تمنعنا أن نستمع بصدق، وليس بهدف أن نتصيد الأخطاء .
لقد أصبح المجتمع مثل الميدان المليء بالميكروفونات، لكن لاتوجد أذن واحدة تستمع إلى الآخر.
لقد مات الحوار، لكن متى حدث ذلك، متى أصبحنا نعاني من أزمة حوار لاتفارقنا .
إقرأ أيضاً للكاتب : قهوة سادة على رصيف الذكريات
أزمة حوار في البيت، الشارع، والعمل
في البيوت زمان كانت هناك مايعرف ب “قعدة الصالة” في نهاية اليوم.
الأب يسأل، الأم تحكي، والأولاد يشاركوا. الوالدين الحديث، اليوم كل فرد في غرفته، وسماعة في أذنه ، والموبايل في يده.
وفي الشارع لوشخص ما أرداد توضيح موقفه، تتم مقاطعته، العمل تحول إلى مكان لإصدار التعليمات و الأوامر و الردود مختصرة جافة.
أما في الإعلام فالضيف يتكلم والمذيع يقاطعه، أوالضيف يتحدث بعنف وضجر، والمشاهد يعلن غضبه منه والمعلومة تضيع.
الآن السوشيال ميديا تحولت إلى ميدان حرب، الكل يكتب ولا أحد يقرأ إلا الفضائح والكوارث!.
كل شخص يرى نفسه صح، والآخرين خطأ، إذن ماذا نفعل، هل تربينا على الصوت العالي؟!.
هل نعتقد أن من يصمت هو شخص ضعيف، وأن “كل واحد عقله في رأسه يعرف خلاصه”.
إقرأ أيضا للكاتب: من وحي كتاب “إنجح من أجل نفسك”:ما هي أسرارالنجاح ؟
أبسط خلاف
وكانت النتيجة إننا فقدنا القدرة على حل أبسط خلاف، لقد أصبح كل اختلاف يتحول إلى مشاجرة، وكل نقاش يتحول إلى عداء.
إن الحوار ليس رفاهية، الحوار يمثل بُنية تحتية للمجتمع. في غيابه لن يكون هناك تفاهم أو تطور أو استقرار. في غيابه ووجود أزمة الحوار تبعد المسافات بين البشر، وتتفاقم المشكلات .
إقرا أيضا للكاتب : سحر الشاشات… كيف نحرر الأطفال من قبضة العالم الرقمي؟
حلول ضرورية لأزمة الحوار
الحل يبدأ بالتربية، من إهتمام الأسرة والمدرسة وكل الجهات المنوطة بالرعاية بتعليم فن الحوار وآدابه للأطفال .
فمن الضروري أن نرسخ لدى الصغار أهمية الحوار، ودوره في الدفء الأسري، وتقوية الروابط مع الآخرين، و تقريب وجهات النظر.
وتعليمهم كذلك أهمية الإستماع إلى الآخر، و تفهم وجهة نظره، و الرد بهدوء، وعرض الرأي المخالف من دون تعصب أو تجاوز في حق الغير.
ولاتقل أهمية عن ذلك أن يصبح الكبار قدوة للصغار بحق؛ فيهتم الآباء بإجراء حوار دافيء مع الأبناء.
وألايرتفع صوتهم أثناء النقاش، وأن يحترموا آراء الغير ، و أن يرسخوا مبدأ استمرارية الحوار.